مجتمع

واقعة الجديدة تضع “البيدوفيليا” تحت المجهر وتُعرّي قصور النظام المدرسي في معالجة الظاهرة

واقعة الجديدة تضع “البيدوفيليا” تحت المجهر وتُعرّي قصور النظام المدرسي في معالجة الظاهرة

أماطت جريمة التحرش الجنسي وهتك عرض قاصرين بإحدى  شواطئ الجديدة، اللثام عن الأبحاث النفسية التي تقوم بتفسير الاعتلال الجنسي عند “البيدوفيل”، حماية للأطفال من خطر الاعتداء الجنسي، وهو ما أعاد إحياء المفارقة التي تظهر الخطر الذي يهدد الأطفال و إمكانية تحول الضحية إلى جلاد.

ويحدد الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، أعراض “البيدوفيليا” من خلال بروز “استثارات جنسية” أو تخيلات متكررة ومكثفة أو دوافع جنسية أو سلوكيات تتضمن نشاطًا جنسيًا، لفرد قد بلغ 16 سنة على الأقل، مع طفل أو أطفال دون سن البلوغ، لم يتجاوزوا 13 من العمر، على مدى 6 أشهر على الأقل، وأن يتصرف الفرد بناءً على هذه الدوافع الجنسية أو التخيلات وتسبب ضائقة ملحوظة أو صعوبة في التعامل مع الآخرين.

ولفهم تأثير الاعتلال الجنسي على سلوك “البيدوفيل”، أوضح محمد موفق، الأخصائي النفسي-العصبي والمدير التربوي بمعهد الأميرة للامريم للأطفال الانطوائيين بطنجة، في تصريح لجريدة “مدار21″ أن ” ظاهرة البيدوفيليا” تدخل ضمن خانة “الانحرافات الجنسية”، لأنه غالبا ما يتم التمييز في الدلائل التشخيصية والدراسات المتخصصة بين الاضطرابات الجنسية والانحرافات الجنسية، والانحرافات أيضا هي جزء من الاضطراب النفسي الذي يتم تعريفه بأنه انحراف عن الحياة النفسية العادية وبطبيعة الحال فإن البيدوفيليا انحراف عن الحياة النفسية العادية.

وأضاف موفق أنه “عادة ما يكون مرتكبو الجرائم الجنسية المشتهون للأطفال من عائلة الطفل وأقاربه أو أشخاص مألوفين عنده، مضيفا أن أنواع الأنشطة الجنسية الممارسة على الأطفال، تختلف لتشمل النظر بطريقة جنسية إلى الطفل أو خلع ملابسه ولمسه، ويمكن أن تنطوي هذه الأنشطة الشاذة على ممارسة الجنس الفموي أو لمس الأعضاء التناسلية للطفل أو هتك عرضه”.

وأشار الأخصائي النفسي-العصبي إلى تأثير النشاط الجنسي على الشخص نظرا لخصوصيته، وأوضح شارحا أن “كل فرد يعتبر كائنا جنسيا له تخيلاته وميولاته التي قد تدهشنا أو تصدمنا من حين لآخر، لكن عندما تؤدي تخيلات الفرد وميولاته إلى التأثير على الآخرين وإلحاق الأذى الجسمي والنفسي بهم يتم تصنيفها على أنها شذوذ”.

وقصد تحديد أصل الدوافع الجنسية الشاذة عند “البيدوفيل”، أكد الأخصائي ذاته أن “الدوافع الجنسية للأطفال قبل أو أثناء فترة المراهقة تتطور، أي في الوقت الذي تظهر فيه الحياة الجنسية للفرد، وهناك بعض الأدلة على أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب البيدوفيليا لديهم معدل أعلى من الصدمات أو تجارب شاذة في مرحلة الطفولة، بما في ذلك الصدمات الجنسية”.

وفي دراسة علمية أجرتها جامعة كارلتون الكندية، تهدف إلى فحص مدى تعرض “البيدوفيل” لاعتداء جنسي في مرحلة الطفولة، اعتمدت فيها على عينة مكونة من 462 “مذنبا جنسيا” بالغا تم حبسهم في السجون الفيدرالية الكندية، خلصت إلى أن هناك علاقة ترابطية بين الاثنين، ويتوقع ارتفاع معدل الاعتداء الجنسي على الأطفال من قبل شخص سبق له أن مر بنفس التجربة.

ولفت محمد موفق إلى أن “هناك أيضا بعض الأدلة التي تربط الأشخاص الذين يعانون من اضطراب “البيدوفيليا”، بإصابات دماغية  في مرحلة الطفولة، إذ تشير بعض الأبحاث إلى وجود اختلافات في أدمغة المصابين بهذا الاضطراب، مشيرا إلى أن بعض الدراسات في علم النفس العصبي المعرفي، خلصت إلى وجود بعض التشوهات في مناطق مختلفة من دماغ هاته الفئة، ترتبط بدوافع الاستغلال الجنسي للأطفال.

وتركز هذه النتائج، حسب المدير التربوي بمعهد الأميرة للامريم للأطفال الانطوائيين بطنجة، على نطاق واسع على الاختلافات في الفص الجبهي والصدغي للدماغ بين الأفراد الأسوياء وبين الأفراد الذين تم تشخيصهم بـ”البيدوفيليا”، مسجلا أن هذه الاختلافات قد تسهم في انخفاض السلوك الجنسي أو قد تؤدي إلى خلل في معالجة الدوافع الجنسية.

وأكد محمد موفق “الحاجة المُلحة إلى إدراج التربية الجنسية بما تحمل من معنى في المقررات التعليمية، وإلى “تربية علمية” تواكب احتياجات الأطفال من الناحية السيكولوجية والنمائية وليس فقط من الناحية المادية، مع مراقبة المحتوى الإلكتروني لأطفالهم”.

وشدد الأخصائي النفسي على ضرورة إسناد مهمة مرافقة وتأطير الأطفال في المخيمات وغيرها إلى أشخاص مؤهلين ولهم دراية بمرحلة الطفولة وخصوصياتها مع توفير لجان تتضمن أخصائيين يشرفون على تأطير الأطفال.

ونبه موفق إلى “خطر استغلال الأطفال الذين يعانون من بعض الاضطرابات العصبية النمائية مثل التأخر الذهني، واضطراب طيف التوحد، خاصة وأن أبرز المعايير التشخيصية لهذه الاضطرابات، تتجلى في قصور التواصل والتفاعل الاجتماعي، بحيث قد يتعرض الفرد منهم إلى اعتداء جنسي دون أن يمتلك أدوات تواصلية تمكنه من إخبار أهله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News