وزير الخارجية الجزائري يُحرج بلاده من جديد بتحوير موقف واشنطن من قضية الصحراء المغربية

مرة أخرى، عاد وزير الخارجية الجزائري لتحوير موقف الولايات المتحدة الأمريكية، غير مكترث بتكذيب وزير خارجيتها أنطوني بلينكن بلاغ الخارجية الجزائرية قبيل أيام، إذ أوضح بلينكن في تغريدة له على موقع “إكس”، (تويتر سابقا)، أن واشنطن عبرت خلال لقاءه الأخير مع أحمد عطاف عن “تأكيد دعمهما للعملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء”.
المسؤول الجزائري خرج هذه المرة في حوار صحفي مع “المونيتور”، ليتحدث باسم الخارجية الأمريكية ويعلن أن موقف إدارة بايدن من قضية الصحراء، غير متوافق مع قرار ترامب بخصوص الاعتراف بمغربية الصحراء في 10 ديسمبر 2020، وتابع “على العكس من ذلك، فهي تنأى بنفسها صراحة عن الموقف الذي عبر عنه الرئيس ترامب بشأن هذا الموضوع”.
وتابع عطاف في حوار احتفت به وسائل الإعلام الجزائرية رغم تضمنه مغالطات، “الجزائر تطلب من إدارة جو بايدن المساعدة في إعادة إطلاق عملية السلام، وهذا بالضبط ما تفعله من خلال دعوات مثل هذه”، بالمقابل تجاهل نداء واشنطن “لجميع الأطراف المعنية” لدعم جهود دي ميستورا.
وفي 19 من شهر يوليوز الماضي، أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، الشهر الماضي، التأكيد على “ثبات موقف واشنطن بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء”، معتبرا أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل “كان إيجابيًا بشكل لا لبس فيه بالنسبة للمنطقة”، ومؤكدا “نتطلع إلى العمل مع هؤلاء الشركاء الأمريكيين المقربين لتوسيع دائرة السلام بشكل أكبر”.
وجاء ذلك في رد للمتحدث الرسمي باسم الخارجية ماثيو ميلر على سؤال صحفي حول الموقف الإسرائيلي الأخير، الذي اعترفت من خلاله تل أبيب بسيادة المغرب على صحرائه، في رسالة وجهها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى العاهل المغربي محمد السادس.
ورفض ميلر التعليق على الموقف الإسرائيلي، بشكل مباشر، مؤكدا في المقابل أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من مغربية الصحراء، لم يتغير، ومسجلا أن واشنطن اتخذت هذه الخطوة (الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه) في دجنبر 2020، “والسياسة التي تم الإعلان عنها وقتها كذلك لم تتغير”.
وعبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، عن دعم بلاده الكامل للمبعوث الشخصي للأمم المتحدة الأمين العام ستافان دي ميستورا “الذي يكثف جهوده للتوصل إلى حل سياسي دائم وكريم للصحراء”.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد أنهى فترة رئاسته في دجنبر 2020 بإصدار مرسوم يعترف بمغربية الصحراء عقب اتفاق ثلاثي بين واشنطن والرباط وإسرائيل يقضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة والدولة العبرية.
وإضافة إلى “تحوير” موقف الولايات المتحدة الأمريكية، حاول عطاف، في الأشهر القليلة الماضية، أن يجر دول أوروبية لدعم “عداء الجزائر” للمملكة وسيادتها، مستغلا بذلك الغاز الذي أضحى عملة مطلوبة من طرف بلدان القارة العجوز، لكن الخارجية المغربية أبطلت مفعول “طاقة القرن الحالي”، وعززت شراكاتها مع هذه الدول، بل واقتنصت دعما من بعضها لمبادرة الحكم الذاتي.
ورغم محاولاتها المستميتة، فشلت الجزائر، في الحصول على دعم واضح من بلغراد لأطروحات البوليساريو الانفصالية، حيث أشار رئيس الدبلوماسية الصربية إلى أن بلاده تدعو إلى “ضرورة التسوية السلمية لجميع النزاعات، بما في ذلك قضية الصحراء”، مكذبا بذلك تصريحات عطاف في مؤتمر صحفي، أثناء زيارته للبلاد.
وجدد المسؤول الصربي، في اتصال مع بوريطة، دعم بلاده لجهود العملية التي تقودها الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقًا للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بهدف تحقيق حل عادل ودائم”.
ولم تمض إلا أيام فقط، حتى خرجت إيطاليا، التي تعتبرها الجزائر، حليفها الجديد، تزامنا والقطيعة مع إسبانيا وتذبذب العلاقات مع فرنسا، لتنفي ما روجت له أبواق الجزائر حول وجود “توافق وانسجام في الرؤى في القضايا الإقليمية بين الجزائر وروما”، وتشيد بالمغرب وجهوده في قضية الصحراء المغربية.
وبتوجيهات من الملك محمد السادس، سافر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الأسبوع الفارط، إلى روما في زيارة عمل، نتج عنها مباحثات مثمرة بين الطرفين تم التعبير من خلالها عن “إرادة مشتركة متعددة الأبعاد”.
ورحبت إيطاليا تزامنا مع زيارة بوريطة، بـ”الجهود الجادة وذات المصداقية” التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء، وذلك في خطة العمل من أجل تنفيذ الشراكة الإستراتيجية بين المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية.
وجاء في خطة العمل هذه، التي وقعها وزير الخارجية، ناصر بوريطة، ونظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن “إيطاليا ترحب بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب”، كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2654 لـ 27 أكتوبر 2022.