صحة

ابتكار صغير قد يُنقذ أرواح البشر من الموت وعقبات في طريق تطبيقه العملي

ابتكار صغير قد يُنقذ أرواح البشر من الموت وعقبات في طريق تطبيقه العملي

أعلن مهندسو جامعة كاليفورنيا سان دييغو، في نهاية شهر ماي الفائت، عن تطوير أول نظام موجات فوق صوتية متكامل، حيث يمكن ارتداء الجهاز لمراقبة الأنسجة العميقة أثناء الحركة، بحسب ورقة بحثية نشرت في دورية “Nature Biotechnology”.

يُسهل الجهاز المبتكر مراقبة القلب والأوعية الدموية، ما يساعد على إجراء التدخلات الطبية سريعاً، وإنقاذ الأرواح في الوقت المناسب. لكن ثمَّة تحديات عديدة تواجه رحلة الجهاز من المختبر إلى الأسواق ومن ثم التطبيق العملي.

سهل الاستخدام

يعتمد نظام الموجات فوق الصوتية المدمج “USoP” القابل للارتداء بالكامل على رقعة، يحتاج المرضى فقط إلى وضعها ببساطة في موقع يسهل مهمة النظام، مثل وضعه فوق الرقبة لقياس ضغط الدم، حيث يمكن للخوارزمية القائمة على التعلم الآلي، البحث تلقائياً في المنطقة لتحديد موقع الإشارة وتتبعها.

يسمح الجهاز بالتتبع المستمر للإشارات الفسيولوجية من الأنسجة التي يصل عمقها إلى 164 ملم، والقياس المستمر لضغط الدم المركزي، ومعدل ضربات القلب والنتاج القلبي، والإشارات الفسيولوجية الأخرى، لمدة تصل إلى اثنتي عشرة ساعة.

يقول الدكتور مويانغ لين، من قسم الهندسة النانوية في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو والمؤلف الأول للدراسة، إنّ النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها مفادها أنّه باستخدام تقنية الموجات فوق الصوتية القابلة للارتداء، يمكننا أتمتة الفحوصات بالموجات فوق الصوتية، وفصل المريض عن الأجهزة الضخمة التي تستخدم – على سبيل المثال – في التصوير بالرنين المغناطيسي MRI والتصوير المقطعي المحوسب “CT”.

ويضيف لين في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي” أنّ التقنية الجديدة بإمكانها مراقبة فسيولوجيا الأنسجة العميقة داخل الجسم في أثناء الحركة، ما يوفر فرصاً غير مسبوقة لتصوير الموجات فوق الصوتية الطبية، وعلم وظائف الأعضاء، أثناء التمرين.

إمكانات استثنائيّة

يعتقد الباحثون أنّ الجهاز المبتكر لديه الكثير من الإمكانات لإنقاذ الأرواح، حيث يمكنه تقييم وظيفة القلب والأوعية الدموية أثناء الحركة. على وجه التحديد، يمكن مراقبة ضغط الدم وتصلب الشرايين والنتاج القلبي (حجم الدم الذي يضخه القلب من البطين الأيسر أو الأيمن خلال دقيقة واحدة).

يشرح لين: “بالنسبة للأشخاص المعرضين للخطر، فإنّ القيم غير الطبيعية لضغط الدم والنتاج القلبي أثناء الراحة أو أثناء التمرين، هي السمات المميزة لفشل القلب”.

ويحدث فشل القلب عندما لا تَضُخ عضلة القلب الدم كما ينبغي. وعند حدوث ذلك، غالباً يرتد الدم، ويمكن أن تتراكم السوائل في الرئتين، ما يُسبب الإصابة بضيق النفس، وقد يكون فشل القلب مهدداً للحياة.

يتابع الدكتور مويانغ لين شرح إمكانات الجهاز الجديد: “أمّا بالنسبة للأشخاص الأصحاء، فيمكن لجهازنا قياس استجابات القلب والأوعية الدموية في الوقت الفعلي، أثناء ممارسة الرياضة، وبالتالي توفير رؤى حول كثافة التمرين الفعلية التي يمارسها كل شخص، والتي يمكن أن توجه صياغة خطط التدريب الشخصية”.

عقبات وتحدّيات

يشدد الباحثون في ورقتهم على ضرورة أن يُجرى تشغيل الموجات فوق الصوتية في المستشفى، وبواسطة طبيب متمرس صاحب خبرة طويلة، كما يجب تفسير البيانات من الخبراء أيضاً، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً.

لم يكن هذا هو التحدي الوحيد الذي يواجه الجهاز، إذ يجيب الدكتور لين عن سؤال “النهار العربي” بشأن القيود التي تواجه اعتماد الجهاز، والموعد المرجح لتشغيله في العيادات، ومن ثم استخدامه على نطاق واسع.

يقول لين: “بالمقارنة مع أجهزة الموجات فوق الصوتية الأكثر تقدماً في المستشفيات، فإن جهازنا القابل للارتداء يواجه قيوداً عدة، إذ يمكنه إجراء تصوير عام للأنسجة ولكن لا يمكنه تصوير تدفق الدم”.

ويشرح بشيء من التفصيل: “تحتوي أجهزة الموجات فوق الصوتية الكاملة في المستشفيات على أربعة أوضاع استشعار الموجات فوق الصوتية شائعة الاستخدام: الوضع B (تصوير الأنسجة)، ووضع M (تصوير حركة الأنسجة)، ووضع C (تصوير تدفق الدم)، ووضع D (قياس سرعة التدفق)”.

وبحسب لين، لا يمكن للجهاز الجديد – في الوقت الحالي – تحقيق سوى الوضعين B وM فقط، حيث يتطلب كل من الوضعين C وD دوائر أكثر تعقيداً، وذات قوة أعلى. وعملية تصغير هذه الدوائر إلى نموذج يمكن ارتداؤه يعد أمراً بالغ الصعوبة، كما أنّ جودة التصوير للوضع B والوضع M ليست عالية مثل الأجهزة الضخمة في المستشفى.

حتى نشر هذه الورقة البحثية، لم يتم التحقق من فعالية الجهاز الجديد سوى في نطاق عينة محدودة من الأشخاص، الأمر الإيجابي أنّ هؤلاء الأشخاص متنوعون. ويرى الباحثون أنه من الجدير بالاهتمام التركيز على التحقق من فعالية الجهاز، بتجريبه على عينة أكبر من الأشخاص.

وعن الموعد المحتمل لاعتماد الجهاز تجارياً، يقول لين: “نتوقع أن يستغرق هذا الأمر بضع سنوات، حتى نحصل على موافقات مجلس المراجعة المؤسسية (IRB)؛ للتحقق من صحة جهاز الاستشعار الخاص بنا مقابل الأجهزة الطبية القياسية الموجودة حالياً بالمستشفيات، وبعد المرور بمرحلة التجارب السريرية، يمكن أن يبدأ الجهاز في العمل بالعيادات”.

ورغم كل القيود والتعقيدات، يُعدّ الجهاز الصغير نقلة نوعية في مجال أجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية، إذ يعتبره الباحثون بمثابة الجيل الجديد في أجهزة مراقبة الأنسجة العميقة.

يشار إلى أنّ هذه الورقة البحثية تلقت دعماً جزئياً من قبل مختبر أبحاث القوات الجوية (AFRL)، فضلاً عن تلقيه منحة من المعاهد الوطنية للصحة (NIH) في الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News