ثقافة

غياب سياسةٍ و”حرب اللغات”.. خبراء يشرّحون الوضع اللغوي في المغرب بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط

غياب سياسةٍ و”حرب اللغات”.. خبراء يشرّحون الوضع اللغوي في المغرب بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط

التأمت ثلة من المفكرين والباحثين، صباح اليوم الإثنين، في ندوة ضمن فعاليات الدورة الـ28 من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، لتدارس موضوع “الوضع اللغوي في المغرب” مع الإشارة إلى جذوره التاريخية منذ عصر المرابطين، واستشراف الآفاق الممكنة لتطوره.

“تغوّل” الفرنسية مقابل غياب سياسة لغوية واضحة

في هذا السياق، قال عبد القادر الفاسي الفهري، إن “لنقاش حول توصيف الوضع اللغوي في المغرب سواء بالنسبة لألسن الهوية واللغة العربية بلهجاتها والأمازيغية بصفتهما لغتين وطنيتين، والدفع بهما إلى الأمام في إطار استراتيجية ثقافية ولغوية واضحة وشاملة ومنصفة وديمقراطية تتماشى مع التجاذبات الدولية، واستنباتها من قبل الدولة داخل هذه التجاذبات، طبقا لمقتيضات الدستور الذي قدم الإجابات عن بعض الثغرات في السياسة الوطنية، يعتريه الغموض، وغياب سياسة واضحة”.

ويرى الفاسي الفهري، في مداخلته بمناسبة هذا اللقاء، أن الفرنسية في المغرب “تغوّلت في جميع القطاعات والمجالات وفي تعليم العلوم، مقابل سحب العربية من تدريس العلوم”، عادّا أن الإنجليزية “لا تعد لغة العلوم، وإنما هي لغة قوية تواصليا ومرجعيا فقط”، حسب تعبيره.ذ

وحث المتدخل ذاته على وضع “استراتيجية وطنية واضحة تدعم لساني الهوية كما ينص الدستور على ذلك حماية وتنمية وتطويرا لها، وتوضيح استراتيجية إقحام اللغات الأجنبية في التعليم” .

ودعا الفاسي الفهري في المقابل إلى”إنصاف المجال اللغوي وليس المساواة”، قائلا: “نريد نظاما منصفا، وخلق توازن بين الألسن الوطنية والأجنبية في ميدان الشغل، إذ لا بد من اللغات الأجنبية، ونريد سياسة متوازنة وقيمة اللغات الوطنية ليس فقط في هويتها، بل قيمة أداتية واقتصادية علاوة على القيمتين الاجتماعية والسياسة”.

“فوضى وتسيب”

من جهته، أكد عبد العالي الودغيري، أن السمة الطاغية على الوضع اللغوي في المغرب “هي الفوضى والتسيب، التي تتجلى، وفقه، في توغل اللغة الأجنية الفرنسية الموروثة عن عهد الاستعمار، على حساب اللغتين الوطنين، واستعمالها في حالات غير ضرورية”.

ويرى الودغيري أن اللغة الرسمية في المغرب “هي اللغة الفرنسية التي تُفرض في الإدارات والإعلام والتعليم، وجعل اللغتين العربية والأمازيغية مساعدتين فقط، واللتين تستعملان بأشكال هجينة”، حسب تعبيره.

ويجد المتدخل ذاته أن هناك “فرضا للثنائية اللغوية العربية والفرنسية في التعليم وتغييبا للأمازيغية، علما أن الدستور يفرضهما معا، ما يؤدي، من وجهة نطره، إلى خلل في الوضع اللغوي”، منبها إلى أن فرض الفرنسية دون حدود أو ضوابط أو إطار على حساب اللغتين الوطنيتين، والتي تأكل من هامشهما مع الزمن و”تساهم في بروز أحد أعراض  موت اللغات وانقراضها”.

ويقترح الودغيري وضع “تخطيط لغوي أو سياسة لغوية مضبوطة تضمن مختلف التعديلات، في تكامل للأدوار والوظائف للغات، مع الاحتفاظ باللغتين الرسميتين وبمكانتهما ووظيفتهما في التعليم والإدارات والاقتصاد والحياة العامة، والحد من تغول اللغات الأجنبية”.

ويشير المتدخل نفسه إلى أن “التحجج بتدبير اللغة العربية وتهيئتها للاعتماد عليها بشكل عام، عبارة عن أقراص تنويم ومخدرات يراد بها تأجيل ترسيخها إلى جانب اللغة الأمازيغية”.

ودعا الودغيري إلى حماية المجتمع من “التمزق الفكري والاجتماعي وتعميق الشروخ والانقسامات بين فئات المجتمع، وتفتيت الشخصية المغربية، من خلال إزاحة ألغام تغرسها بعض الشعارات من قبيل الصراع بين العربية والأمازيغية”.

بوكوس: المنافسة “ستقضي” على اللغات “الهشة”

أما أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فقال إن الحقل اللغوي “أضحى على المستوى العالمي سوقا مندمجة في سياق عولمة مبادلات الموارد، إضافة إلى قوانين اشتغال هذه السوق التي تقوم على احتدام المنافسة بين اللغات القوية واستضعاف اللغات الهشة، مما يفضي، في نظره، قسرا إلى نكوص هذه الأخيرة وانقراضها التدريجي، وبالتالي يؤدي إلى الحد من التنوع اللغوي والثقافي للبشرية”.

ويرى بوكوس، في مداخلته في أثناء هذا اللقاء، أن إشكالية الوضع اللغوي الأمازيغي فرض “بروز الوعي الحداثي مع بداية الألفية الثانية من خلال تدخل إحدى الحركات الأمازيغية على الخط بدعوات المجتمع المدني، إلى سن سياسة جديدة تستهدف التدبير المنفتح للتنوع الثقافي واللغوي في النهوض بالأمازيغية، وتستند على مرجعيات سيادية تتمثل في مختلف الخطب الملكية (أجدير 2001) وإقرار السنة الأمازيغية أخيرا عيدا وطنيا، مشيرا إلى أن السياسة اللغوية الجديدة “ترتكز على مرجعيات دستورية وقانونية تروم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتعميم تدريسها” .

ويضيف المتحدث: “الارتقاء بالأمازيغية في مجالات الإبداع الفني والثقافي والرقمي، يتطلب تنميط خطها، والشروع في تهيئة متن اللغة في المعجم والإصطلاحية، والقيام ببحوث في موضوع النهوض بالثقافة الأمازيغية، وإعمال مخطط استراتيجي للنهوض باللغتين، ثم تتبع البنيات الدائمة لترسيخهما، داخل المؤسسات وقيام المجتمع بواجب اليقظة وسياسة إنعاشهما مشروطة بانخراط السلطيتين التشريعية والتنفيذية والنخبة السياسية والتزام المجتمع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News