موليير.. صانع الكوميديا الهزلية “الراقية” المبنية على الاصلاح عبر التسلية

يُطلق عليه لقب “صانع الكوميديا الهزلية” في أوروبا، ويقترن المسرح باسمه، إنه “موليير” الذي اتخذ من الكوميديا منهجا للتعبير عن أفكاره النبيلة في زمن “التراجيديا”، حتى أصبح رائد “الهزليات” في المسرح الأوروبي ومؤسس تيار “الكوميديا الراقية”، الذي رحل عن عالمنا في سنة 1673 لكنه ترك وراءه إرثا فنيا لم يمت.

صانع الكوميديا موليير، واسمه الحقيقي “Jean baptiste poquelin”، ولد في سنة 1622 درس في كلية كليرمونت اليسوعية وحصل هناك على خلفية قوية في المواد الكلاسيكية إذ لعبت هذه المرحلة دورا كبيرا في حياة موليير لكونه تلقى فيها مبادئ العلوم الأساسية والفلسفة.

عاش المسرحي موليير لحظات الفصام الإبداعية، حيث الإشكالات الجنونية العاصفة تبلغ ذروتها في أسئلة تشق سبيلها بحثا عن إجابات شافية تكاد تكون معدومة، كما عرف بتعدد مواهبه فقد كان ممثلا و كاتبا و مديرا لفرقة مسرحية، لكن مع قلة رواد المسرح آنذاك وسيطرة الكنيسة على المجتمع الأوروبي وجد نفسه سجينا مرتين.

وتعد مسرحيات موليير الأكثر ترجمة وقراءة وتجسيدا في العالم وذلك حتى بعد رحيله بقرون، إذ يعود السبب وراء شهرتها ونجاحها انطلاقها من أفكار مازالت صالحة في المجتمعات الحالية.

الديمومة الفنية التي يعرفها موليير لا تثير العجب حيث استطاع هذا الأخير من أن يهز الصورة النمطية السلبية حول المسرح وتمكن كذلك من معالجة مواضيع مركزية من خلال الكوميديا في زمن كانت فيه التراجيديا سيدة الموقف.

كتابات موليير تنطلق من فلسفة “أن وظيفة الكوميديا إصلاح البشر عبر تسليتهم” حيث قدم على خشبة المسرح مسرحيات كوميديا تصادمت مع المجتمع و الكنيسة.

ومن أشهر أعمال الفنان الأعظم في تاريخ الكوميديا الهادفة مسرحية “عدو المجتمع” أو le misanthrope، وهي نوع من كوميديا الأخلاق يتحدث فيها عن قصة رجل صالح، غير متسامح تماما مع تمايل ونفاق المجتمع المهذب وإصرار الرجل لكي يكون المرء دائما “رجل شرف” و إن كان الأمر يكلفه أن يكون “عدوا للبشر”.

ومن أهم مسرحياته أيضا، مسرحية البخيل L’avare الساخرة، التي تتناول حياة البرجوازي الغني Harpagon (هاربجون) الذي يتصف بالبخل الشديد وتكويم الثروة باخلا على أسرته التي عانت منه. فحبه للمال جعله يرفض حق ابنه وبنته لاختيار شركائهما في الحياة ويسعى لتزويجهما من أغنياء حتى وان كانوا يكبرهما سنا.