مجتمع

الجفاف يُكلّف المغرب أزيد من 10 مليارات إضافية لمواجهة انهيار الموسم الفلاحي

الجفاف يُكلّف المغرب أزيد من 10 مليارات إضافية لمواجهة انهيار الموسم الفلاحي

استنفر الملك محمد السادس حكومة أخنوش من أجل اتخاذ تدابير مستعجلة لمواجهة موجة الجفاف التي تمر منها المملكة وسط تراجع الموار المائية المهددة بنضوب عدد من الأحواض الرئيسية التي تشكل شريان الحياة لعدد من مناطق البلاد.

وبالنظر إلى الوضع المناخي والمائي الذي أثر هذه السنة، مرة أخرى بشكل سلبي، على سير الموسم الفلاحي وتوفر المراعي، أعطى الملك محمد السادس خلال جلسة عمل ترأسها وخصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، تعليماته للحكومة لتفعيل، وعلى غرار السنة السابقة، الإجراءات الاستعجالية لبرنامج مكافحة آثار الجفاف.

ويُواجه المغرب جفافا هو الأقوى من نوعه منذ 4 عقود، يعيد إلى الأذهان سنتي 1995 و1981، والتي بسببهما خضع المغرب لبرنامج التقويم الهيكلي، وصدور تقرير البنك الدولي الذي أسماه الملك الراحل الحسن الثاني آنذاك بـ”السكتة القلبية”.

واضطرت الحكومة إلى مراجعة توقعاتها بشأن محصول الحبوب المحددة برسم قانون مالية 2023، في 70 مليون قنطار، وأعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الإنتاج المتوقع للحبوب الرئيسية الثلاثة لموسم 2022-2023، يقدر 55.1 مليون قنطار.

وعرفت بداية الموسم الفلاحي، ظروفا مناخية غير مواتية مع تأخر في الأمطار الأولى وعجز كبير في المياه وتوزيع زمني غير موات للتساقطات المطرية خصوصا منذ شهر شتنبر إلى غاية العشرة أيام الأولى من شهر نونبر 2022، مما أخر توزيع الزراعات الخريفية وأثر سلبا على حالة المراعي. وشهدت فترة العشرة أيام الثانية من نونبر 2022 إلى نهاية فبراير 2023 تساقطات مطرية مركزة، مع هطول بعض الأمطار في مارس وأوائل أبريل في بعض المناطق.

ضمان الأمن الغذائي

وقال وزير التجهيز والماء، نزار بركة، إن التوجيهات الملكية التي جاءت في جلسة العمل التي ترأسها الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء، تهدف إلى ضمان الأمن المائي والغذائي، وكذا ضمان تزويد المواطنين والمواطنات في الحواضر وفي المناطق القروية بالمملكة بالماء الصالح للشرب.

وأوضح بركة، في تصريح للصحافة على هامش جلسة العمل هاته، التي خصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، أن الملك ركز في هذا الاجتماع على ضرورة عمل الحكومة على “تسريع وتيرة إنجاز السدود الكبرى والصغرى والمتوسطة، وثانيا العمل على تسريع وتيرة محطات تحلية مياه البحر”.

وفي ظل أزمة ندرة المياه التي تعانيها البلاد، رصدت الحكومة المغربية ضمن قانون المالية لسنة 2023 ما مجموعه 10.6 ملايير درهم لتدبير تلك الإشكالية، مؤكدة أن “تدبير إشكالية نقص الموارد المائية يحظى بأهمية بالغة” في مشروع القانون المذكور، مشيرة إلى أن الميزانية المرصودة لتدبير إشكالية ندرة المياه برسم قانون المالية لعام 2023 تعكس زيادة بحوالي 5 ملايير درهم مقارنة بالسنة الماضية.

ورصدت الحكومة 4 ملايير درهم لمواصلة إنجاز السدود الكبرى والمتوسطة وتصفية العقارات المرتبطة بها، و1.5 مليار درهم مساهمة من الدولة في تمويل مشاريع التحلية، و1.4 مليار درهم برسم مشاريع تزويد المراكز القروية والدواوير بالماء الصالح للشرب.

دق ناقوس الخطر

وكان الملك محمد السادس دق ناقوس خطر تراجع الموارد المائية، ونبه في خطاب له خلال افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان برسم الولاية التشريعية الحالية، إلى أن “إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود”.

وذكر الملك محمد السادس، أن المغرب أصبح يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي، مضيفا أنه “لا يمكن حل جميع المشاكل بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة رغم ضرورتها وأهميتها البالغة”.

ودعا العاهل المغربي إلى أخذ إشكالية الماء في كل أبعادها بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي وغير المسؤول لهذه المادة الحيوية، وقال “ينبغي ألا يكون مشكل الماء موضوع مزايدات سياسية أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.

خطة مواجهة الجفاف

وقال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، إن الحكومة تعمل على تعزيز سلاسل الإنتاج من خلال دعم أسعار البذور والأسمدة لخفض تكاليف الإنتاج، وتشجيع زراعة النباتات القادرة على التأقلم مع الظروف المناخية، في ظل أسوأ أزمة جفاف يعيشها المغرب منذ أكثر من أربعة عقود.

وأضاف محمد صديقي في ندوة صحفية، على هامش الدورة 15 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس “هناك مبادرات حكومية لضمان استقرار الأسعار”، مضيفا أن “التوازن بين السياسة الفلاحية والغذائية هو إشكالية العالم اليوم، وليس المغرب فقط”.

وكانت كانت الحكومة خصصت في فبراير من السنة الماضية، 10 مليارات درهم لمواجهة تداعيات الجفاف بتعليمات ملكية، ورصدت أيضا مبلغ 3 مليارات درهم بغية توزيع 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة مربي الماشية، و400 ألف طن من الأعلاف المركبة لفائدة مربي الأبقار الحلوب، للحد من آثار ارتفاع أسعار المواد العلفية، وتراجع موفورات الكلأ بكلفة إجمالية تصل إلى 2.1 مليار درهم.

كما وضعت خطة لتلقيح ومعالجة 27 مليون رأس من الأغنام والماعز، و200 ألف رأس من الإبل، ومعالجة النحل ضد داء الفارواز بميزانية قدرها 300 مليون درهم؛ فضلا عن إعادة تأهيل مدارات الري الصغير والمتوسط بهدف صيانة المعدات وخلق فرص عمل من خلال تطوير وتأهيل السواقي ومآخذ المياه التقليدية والخطارات بميزانية تصل إلى 255 مليون درهم.

وخصصت الحكومة مبلغا ماليا بقيمة 6 مليارات درهم من أجل إعادة جدولة مديونية الفلاحين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي

وأكد وزير الفلاحة، أن الحكومة تسعى لضمان توافر المنتجات الأساسية مثل البطاطس والطماطم والبصل والحبوب، موضحا أن العقبة الأساسية هي نقص المياه بسبب الجفاف.

ويرى المسؤول الحكومي، أن العائق الكبير هو الماء في ظل الجفاف الذي عاشه المغرب العام الماضي ويمتد إلى العام الحالي، مردفا  “نستغل أية قطرة ماء نتوفر عليها لكي ننتج ما هو موجود حاليا”.

ويقول خبراء إن المغرب يعاني من شح مائي شديد في ظل أسوأ جفاف تتعرض له البلاد منذ أربعة عقود.وبلغت أسعار الخضروات والفواكه في الأسابيع القليلة الماضية مستويات قياسية، مما أسهم في زيادة معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة، ودفع الحكومة إلى تقليص صادرات بعض المنتجات لخفض أسعارها في السوق المحلية.

وقررت الحكومة تنفيذا للتعليمات الملكية الرامية إلى تسريع وتيرة هذا البرنامج وتحيين محتوياته، تخصيص اعتمادات إضافية للبرنامج الوطني الصالح للشرب ومياه السقي، بما يمكن من رفع ميزانيته الإجمالية إلى 143 مليار درهم”.

وتعهد وزير التجهيز والماء نزار بركة، بتسريع مشروع الربط بين الأحواض المائية لسبو وأبي رقراق وأم الربيع، حيث يتم حاليا إنجاز الشطر الاستعجالي لهذا الربط على طول 67 كلم، وتسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر، والرفع من حجم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، معلنا عن برمجة سدود جديدة، وتحيين تكاليف حوالي 20 سدا يتوقع إنجازها، والتي ستمكن من الرفع من قدرة التخزين ب 6.6 ملايير متر مكعب من المياه العذبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News