سياسة

مركز يسلط الضوء على أوجه قوة وقصور اتفاق 30 أبريل ويدعو لاستكمال مأسسة الحوار الاجتماعي

مركز يسلط الضوء على أوجه قوة وقصور اتفاق 30 أبريل ويدعو لاستكمال مأسسة الحوار الاجتماعي

دعا مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة الحكومة المغربية إلى ضرورة تكثيف جهودها وتعبئة التوافق المجتمعي من أجل تجاوز الاختلالات البنيوية التي عرفتها السنة الاجتماعية (2022 – 2023) على مستوى تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022.

وأوضح مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة في نقطة يقظة أن على الحكومة استكمال مأسسة الحوار الاجتماعي عبر التسريع بإحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية، وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، وإقرار الزيادة العامة في الأجور، بما يحقق توازنا ماليا للأسر المغربية لدعم قدرتهم الشرائية، ومراجعة نظام الضريبة على الدخل، وحُسن تطبيق قانون الشغل في الوحدات الإنتاجية بالقطاع الخاص، وتفعيل الحوارات القطاعية على مستوى القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية.

وأشار المركز إلى أن السياق الحالي المتسم بعدم اليقين، وبحدة الصدمات الخارجية والتي تؤثر على التوازنات الداخلية المطبوعة بالجفاف والتضخم وتباطؤ الاقتصاد الوطني، وموجات غلاء المواد الغذائية، مما يولّد ضغطا كبيرا على القدرة الشرائية للمواطنين، يكاد يجعل المجهود الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022، غير ذي أثر اجتماعي مباشر على المواطنين والمواطنات، وخاصة الطبقة المتوسطة، مسجلا أن نجاعة آليات الحوار الاجتماعي “لا تقاس بوجودها ومدى انتظام عملها فقط، وإنما بما تنتجه من آثار ملموسة على مستوى الممارسة، وتحقيق السلم الاجتماعي، والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة الدامجة لمختلف فئات المجتمع”.

وأكد المصدر ذاته “ضرورة فتح ورش استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بتشريعات العمل، عبر تفعيل دور لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة للحوار الاجتماعي، والتي تحتاج إلى طلب الدعم التقني من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، بما يضمن التطبيق السليم لاتفاق 30 أبريل 2022، وفعلية شعار الدولة الاجتماعية الذي يروم في جوهره جعل المواطن ضمن الأولويات الكبرى في مسلسل الإصلاح، من خلال ترسيخ مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي”.

وأبرز المركز أن دورة أبريل 2023 من الحوار الاجتماعي تتطلب ضرورة تحرك الحكومة لاستتباب الأمن الغذائي الوطني وعودة أثمان المواد الأساسية إلى مستوياتها السابقة، عبر اعتماد آليات لتخفيض الأسعار، ودعم القدرة الشرائية للأجراء، والتسريع بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، زيادة على كونها فضاء كذلك لسماع صوت الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يطالب الحكومة باستعجالية التدخل لحماية المقاولة المغربية في هذه الظرفية الدولية والوطنية، وبتسريع إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات.

وشددت “نقطة اليقظة” التي أعدها محمد طارق، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، على أن الحكومة ستكون ملزمة قبل تاريخ 30 أبريل الجاري بتقديم أجوبتها في خضم سياق وطني موسوم بالعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أبرزها ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والتحكم في التوازنات المالية مع الحفاظ على دينامية الاقتصاد وتعزيز مناعته وقدرته على الصمود في ظل طرفية عالمية سمتها الأبرز توالي الأزمات والصدمات، مقابل إقرار السلم الاجتماعي، بما يجعل من الحوار الاجتماعي آلية في خدمة الدولة الاجتماعية.

وسجل التقرير تأخر الحكومة في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022 مع النقابات، إذ لم يتم إصدار التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي والذي كان مبرمجا في مارس 2023، ولم يتم هيكلة اللجنة الجهوية للحوار الاجتماعي واللجنة الإقليمية، والتي يناط بهما دراسة وضعية مناخ الأعمال ووضعية المناخ الاجتماعي جهويا وإقليميا، وعدم تفعيل لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، والتي يُناط بها تتبع مراجعة الترسانة القانونية (تحديد محاور المراجعة / التعديلات /الجدولة الزمنية لدراستها)، زيادة على عدم عقد اللجن الجهوية للحوار الاجتماعي لاجتماعاتها الدورية في السنة الاجتماعية (أبريل /يونيو).

وأضاف أنه لم يتم إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، وكذا عدم تفعيل المؤسسات التي تعمل على تكامل والتقائية آليات الحوار الاجتماعي.

ولفت المركز أيضا إلى عدم تفعيل الحكومة مجموعة من المقتضيات ذات الصلة بتنزيل الاتفاق الاجتماعي لـ30 أبريل 2022، على مستوى القطاع الخاص، والذي ظل يعرف مشاكل بنيوية، اتفق الأطراف على معالجتها بشكل سريع وجذري، مسجلا تأخر المبادرة الحكومية، على مستوى القطاع الخاص، بعدم تقديم أي عرض يهم تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتيسير عمل المرأة، وخاصة الالتزام بتخفيض كلفة الأجر الخاص بالعاملات والعمال المنزليين لدى مشغليهم، إضافة إلى عدم تمكنها من إنشاء 100 حضانة سنويا، التي التزمت بإحداثها لفائدة عمال وعاملات المقاولات، عبر تخصيص منحة لبناء وتهيئة وتجهيز كل حضانة.

ولم تستطع الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفق المصدر ذاته، تحقيق تحدي 100 اتفاقية شغل سنويا على الأقل، حيث لم تتجاوز الحصيلة 16 اتفاقية شغل جماعية خلال هذه السنة الاجتماعية (12 اتفاقية خلال سنة 2022، و04 اتفاقيات خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2023).

وبخصوص المشاورات القطاعية بالوظيفة العمومية، سيما بالصحة، التربية الوطنية والتعليم العالي، فقد أوضح مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة أنها توجت بالتزامات لم تستطع الحكومة تنفيذ جزء منها خلال السنة الاجتماعية (2022 – 2023)، على رأسها إقرار الزيادة العامة في الأجور، إذ لم تستطع الحكومة التوافق مع الشركاء الاجتماعيين على أجرأة هذا الالتزام خلال دورة شتنبر 2022، ومراجعة نظام الضريبة على الدخل من خلال مراجعة الأشطر ونسب الضريبة، إذ لم تتمكن الحكومة من إقراره بموجب قانون المالية للسنة المالية 2023، كما لم يتم إحداث درجة جديدة للترقي في أسلاك الوظيفة العمومية.

وفي السياق ذاته، سجل المركز ضعف إرساء الحوار وأجرأة الاتفاقات في المؤسسات والمقاولات العمومية، وعدم اعتماد إجراءات تشريعية وتنظيمية جديدة لتمكين الموظف المتضرر من مواجهة آثار الأمراض وحوادث الشغل بالوظيفة العمومية، وعدم مراجعة المقتضيات التشريعية المتعلقة برخص المرض المتوسطة أو الطويلة الأمد.

كما يُسَجّل، يضيف التقرير، عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين في تفعيل العديد من الالتزامات الأفقية، حيث إنه إلى حدود نهاية السنة الاجتماعية (أبريل 2023)، لم تبرمج حوارات قطاعية على مستوى الوظيفة العمومية، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والمالية، ولم يفتح النقاش من أجل المصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، كما لم يتم إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود، قبل نهاية الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحالية (يناير 2023)، ولم يناقش مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية، وقوانين الانتخابات المهنية، ومراجعة مدونة الشغل، كما ظل الباب موصدا أمام فتح ورش مراجعة بعض المقتضيات القانونية والتنظيمية في الوظيفة العمومية (مراجعة منظومة امتحانات الكفاءة المهنية / المقتضيات القانونية المتعلقة باستقالة الموظف/ منظومة التأديب / إصدار قانون لحماية الموظفين المبلغين عن أفعال الفساد التي يرصدونها بمناسبة مزاولة مهامهم / مراجعة منظومة التنقيط والتقييم / مراجعة منظومة التكوين المستمر).

وعرّج مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة على نقاط قوة المنجز الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022 بعد سنة من تنزيل محضر الاتفاق 2022، مسجلا إيجابية الإجراءات التي بادرت إليها الحكومة عبر مشاريع قوانين أو إجراءات تقنية، وحسن تفاعل الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) في تفعيل الإجراءات التي تهم أجراء القطاع الخاص.

وأكد أن الحكومة عملت على برمجة مخرجات الحوار الاجتماعي في قانون المالية للسنة المالية 2023 بغلاف مالي يناهز 9 ملايير درهم، موزعة بين 1.7 مليار درهم لفائدة أطر وزارة التربية الوطنية؛ و1.5 مليار درهم لفائدة الأطر الصحية؛ و600 مليون درهم لفائدة هيئة الأساتذة الباحثين؛ و255 مليون درهم لرفع الحد الأدنى للأجر في القطاع العام، و170 مليون درهم لرفع حصيص الترقي في الدرجة بـ36%، ورفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات من 60% إلى %70؛ ورصد ما يناهز 4 ملايير درهم للرفع من الأجور والتعويضات في قطاعي الصحة والتعليم العالي؛ وتخفيف العبء الضريبي على الأجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة، والذي سيكلف 2.4 مليار درهم.

إضافة إلى ذلك، فقد قامت الحكومة بحذف السلم 7 بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئة الإداريين والمساعدين التقنيين، ورفعت الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 % ابتداء من فاتح شتنبر 2022، كما قامت بالتوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، من خلال زيادة 10% في الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، خلال سنتي 2022 و2023 على التوالي، يضيف المصدر ذاته.

وأبرز المركز أن الحكومة خفضت شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3.240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما، ومكنت المؤمن له البالغ السن القانوني للإحالة على التقاعد والمتوفر على أقل من 1320 يوم اشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل، وخولّت أيضا للمؤمن لهم المحالين على التقاعد المتضررين من الجائحة من معاش الشيخوخة، مع مراعاة الفترة بين فبراير 2020 ودجنبر 2021، دون احتساب الحالة التي لم يحصلوا فيها على أي أجر أو حصلوا فيها على أجر غير كامل.

وفي هذا الإطار، يواصل التقرير، أطلقت الحكومة برامج لتكوين الأطراف المعنية وتعزيز قدراتها لإبرام اتفاقيات شغل جماعية؛ وصدّقت على مرسوم إحداث الجائزة الوطنية لاتفاقيات الشغل الجماعية من أجل تشجيع الأطراف على اللجوء إليها، علما أنها خيار إرادي بين طرفي الإنتاج من أجل إنتاج قواعد تعاقدية ملائمة وخصوصيات المقاولات.

واتفق أطراف الحوار الاجتماعي خلال جولة أبريل 2022، على مقتضيات تهم القطاع العام، عملت الحكومة على تنفيذ جزء كبير منها وفق مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، من خلال مبادرات تشريعية، أو برمجتها في قانون المالية للسنة المالية 2023، وذلك ما مكن من تحقيق التزامات من قبيل حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئتي المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، ودخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023، ورفع حصيص الترقي في الدرجة من 33 % إلى 36%، وقد دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023؛ والرفع من قيمة التعويضات العائلية بالنسبة للأبناء الرابع والخامس والسادس إلى 100 درهم في الشهر، وأجرأة الالتزامات المبرمة في الحوارات القطاعية خاصة في قطاعي التربية الوطنية والصحة، وإقرار رخصة الأبوة مدتها 15 يوما مدفوعة الأجر (تعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022)، وإحداث مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية التي لا تتوفر على مؤسسات للأعمال الاجتماعية (نشر القانون رقم 41.22 القاضي بإحداث وتنظيم مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية، في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022).

وبخصوص مقتضيات الاتفاق التي تهم المجال المشترك الذي يخص القطاعين العام والخاص على السواء، فقد تمكنت الحكومة من الرفع من مبلغ الدعم المخصص للمركزيات النقابية بنسبة 30%، وكذا مراجعة الدعم في جانب التكوين النقابي بما يعزز دور النقابات في التأطير والتكوين، وفتح الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بهدف إصلاح أنظمة التقاعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News