صحافة وإعلام

“لجنة الصحافة المؤقتة” تثير الجدل.. النقابة ترحب والفيدرالية تصفه بغير الدستوري والمسيئ للمملكة

“لجنة الصحافة المؤقتة” تثير الجدل.. النقابة ترحب والفيدرالية تصفه بغير الدستوري والمسيئ للمملكة

تباينت ردود فعل الصحافيين المهنيين بشأن مشروع القانون الجديد الذي أعدته الحكومة بشأن إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة، فبينما رحب البعض بهذا القانون الذي ينهي حالة الانسداد التي يعرف المجلس الذي يرأسه يونس مجاهد، اعتبر البعض الآخر القانون خطوة تراجعية على استقلالية الصحافة، من خلال تدخل الجهاز التنفيذي في التنظيم الذاتي للمهنة.

وقررت الحكومة، إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة، وفق مضامين مشروع حكومي جديد أعدته وزارة الثقافة والشباب والتواصل، ويتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.

ويأتي إعداد مشروع هذا القانون، وفق مذكرته التقديمية التي تحصل “مدار21” على نسخة منها، بعد عدم التمكن من إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة بالرغم من تمديد مدة انتدابه بكيفية استثنائية بموجب المرسوم بقانون الصادر في أكتوبر 2020، بسن أحكام خاصوة بالمجلس الوطني للصحافة والمصادق عليه بمقتضة القانون رقم 53.22 بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.23.18 (10 فبراير 2023).

ترحيب نقابة الصحافة

ورحّبت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بمشروع قانون إحداث اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وقال عبد الله البقالي، نقيب الصحافيين المغاربة: “نحن نوافق عليه ونؤكد انخراطنا الكامل فيه وسنساهم في إعداد القوانين بما عهده فينا المهنيون من جدية ومسؤولية ونضج في التعاطي مع القضايا الحاسمة”.

وأوضح البقالي في تصريح لـ”مدار21″، أن النقابة الوطنية للصحافة طالبت بالتمديد لأكثر من 6 أشهر لولاية المجلس الوطني للصحافة لإتاحة الوقت أمام المجلس من أجل التحضير للمرحلة المقبلة، لأن هذه المدة لا يمكن أن تكون كافية خصوصا أن الأمر يتعلق بالتشريع الذي يتطلب مراحل طويلة ومتعددة.

وأضاف نقيب الصحافيين المغاربة، أنه من غير التمديد، طُرحت خيارات أخرى بعد انتهاء الآجال القانونية وهو ما تطلب اللجوء إلى صيغة لتدبير المرحلة الانتقالية المعمول بها في جميع المؤسسات الأخرى وعلى صعيد عدد من الهيئات التي اختارت هذا المسار إلى حين انضاج الشروط القانونية والتنظيمية للمرحلة المقبلة.

وشدد البقالي، على أن مرحلة التأسيس للمجلس الوطني للصحافة، أبانت عن كثير من العيوب والاختلالات ولا يمكن أن نقبل بأن نعيد إنتاج نفس الاختلالات في التجربة الحالية وهو ما استوجب تعديل منظومة القوانين المؤطرة للصحافة، معتبرا أن الأولوية لتعديل منظومة القوانين، قبل اللجوء لتنظيم الانتخابات أو الانتداب أو أي صيغة أخرى للمجلس الوطني بصلاحيات جديدة حقيقية وليس نظرية على غرار التجربة المنتهية خاصة ما يتعلق بالأخلاقيات ونزاعات الشغل.

وأكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن الذين يقولون بإجراء الانتخابات قبل تعديل القوانين هؤلاء سيعيدون إنتاج نفس التجربة السابقة مشيرا إلى أن اللجنة المؤقتة تضمن في عضويتها عشرة أشخاص غير مهنيين، أربعة منهم فقط من المجلس الوطني السابق.

ودافع البقالي، عن تعيين مجاهد رئيسا للجنة المؤقتة للإشراف على تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مع الحفاظ على نائبه، بمبرر أنهما خبرا عمل المجلس ويدركان الاختلالات والعيوب التي أبانت عنها تجربة التنظيم الذاتي للمهنة، وبالتالي سيكون من المفيد أن يستمرا خلال هذه المدة التي يمكن أن تكون أقل من سنتين، كما دافع عن استمرار ولاية رئيس لجنة الأخلاقيات ورئيس لجنة بطاقة الصحافة،” لأنه لا يمكن إيقاف اللجنتين لمدة سنتين وبالتالي هي لجن لديها أعمال دائمة غير قابلة للتوقف”.

تدابير استثنائية

من جانبه، اعتبر سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن لجوء الحكومة لاتخاذ قرارات تدبيرية واستثنائية تضمن استمرار المجلس الوطني للصحافة في القيام بمهامه يمس باستقلاليته، هو “وضع كان يمكن الاستعاضة عنه لو فتح نقاش عمومي بين المهنيين بشكل جاد ومسؤول”، معتبرا أن “هذا الوضع لا تتحمله الحكومة، وإنما الجسم المهني الذي فشل في فتح حوار بين هيئاته المهنية الجادة”.

وأوضح المودني ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن مشروع القانون يحل فقط إشكالا جزئيا يتعلق بضمان استمرارية المجلس الوطني للصحافة في أداء مهامه، “لكنه لا يجد حلا لعمق المشكل، الذي يتجلى في عدم إيجاد صيغة للتوافق بين المهنيين للتنظيم الذاتي لمهنة الصحافة نحتكم فيه للقواعد الديمقراطية ولفلسفة الممارسات الفضلى في مجال التنظيم الذاتي”.

وشدد رئيس منتدى الصحافيين الشباب، على أن اللجنة المنتظر تعيينها بموجب مشروع  هذا القانون مطالبة بـ”التخلي عن المقاربة الإقصائية التي سادت في فترة معينة، وفي المقابل يجب أن تتحلى باقي الأطراف بميزة البحث عن مجالات التوافق عوض الاصطدام، من أجل أن نعطي صورة إيجابية عن مشهدنا العمومي أمام الدولة وأمام المجتمع”.

وخلص المودني، إلى أن “الخروج من هذا الوضع يتعين فتح حوار جاد ومسؤول وشفاف يكلل بمراجعة شاملة للقانون المنظم للمجلس تضمن أولاً تجويده وتطويره حتى يكون ملائماً لمضامين الدستور وأساساً وفق ما تنص عليه أحكام المادة 28 منه، وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحُرّية الرأي والتعبير”.

مشروع “استئصالي”

وفي المقابل، هاجمت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال مشروع قانون “اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر”،معتبرة أنه مشروع “استئصالي وغير دستوري، ومسيئ لصورة المملكة الحقوقية، ويشكل تراجعا خطيرا على استقلالية الصحافة في بلادنا، من خلال تدخل الجهاز التنفيذي في التنظيم الذاتي للمهنة”.

وسجل بيان صادر عن الهيئتين، أن هذا المشروع جاء “بحل تلفيقي، يمدد عمليا لجزء من المجلس بنفس الرئيس المنتهية ولايته، وبالجزء من رؤساء اللجان الذين ينتمون لنفس الهيئتين المهنيتين اللتين عبرتا عن رفضهما للانتخابات، مع إقصاء فاضح للمكونين الرئيسيين للمجلس، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والإتصال”.

ويرى المصدر ذاته، أن هذا المشروع أعطى لهذه اللجنة المؤقتة كل صلاحيات المجلس التأديبية والتحكيمية والتأهيلية وصلاحيات إعطاء وسحب البطاقة، والتي كانت تقوم بها خمس لجان، مشيرا إلى أن المشروع أقصى لجنتين بالضبط، لأن رئيسيهما ينتميان إلى الفيدرالية، إضافة إلى إقصاء ممثل الاتحاد المغربي للشغل الذي كان في الانتخابات السابقة على رأس لائحة ممثلي الصحافيين.

هذا، وأكدت الحكومة، أن الغاية من هذا المشروع، “هو إحداث لجنة مؤقتة ستعمل على التحضير لانبثاق نظام جديد للمجلس، مستلهما من مبادئ الحكامة الجيدة وقواعد حسن التدبير بكيفية ديمقراطية سليمة وقواعد حسن التدبير بشكل يعكس طموحات مكونات قطاع الصحافة والنشر الذي يشكل دعامة أساسية في البناء الديمقراطي والإسهام في حماية حرية الرأي والتعبير، كما هي متعارف عليها دوليا، وفي ضوء أحكام الفصل 28 من الدستور الذي أكد على تنظيم القطاع بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News