فن

الناقد زويرق: “كاينة ظروف” الأفضل بين أعمال رمضان وكتابته مقنعة تعكس الواقع المغربي

الناقد زويرق: “كاينة ظروف” الأفضل بين أعمال رمضان وكتابته مقنعة تعكس الواقع المغربي

اعتبر الناقد الفني فؤاد زويرق أن مسلسل ”كاينة ظروف”، الأفضل بين الأعمال التلفزيونية المعروضة إلى حدّ الآن لكونه مختلف ومتكامل البناء، رغم بعض الثغرات التي تُشتت تركيز المشاهد من حين إلى آخر، مشيدا بنص السيناريو الذي صاغته بشرى مالك والتشخيص القوي لأبطاله.

وأرجع الناقد الفني مكامن القوة في المسلسل إلى الكتابة؛ أي السيناريو المحكم والتشخيص القوي لأغلب الممثلين المشاركين فيه، عادا أنه قلّما وُجد سيناريو جيد يحافظ على انسجام عناصر المسلسل ويمنحها القوة والاستمرار في جذب المتلقي والتأثير عليه ببناء يوازن ويمسك بكل الخطوط الدرامية، ويفجر الأحداث بشكل سلس ومقنع لا مبالغة فيه ولا سذاجة.

وقال الناقد الفني في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، إن العمل يغوص في المجتمع المغربي بكل تفاصيله دون تمطيط ولا إطناب، ويجبر المتلقي على الشعور والإحساس بالإنتماء إليه، إذ يجعله داخل الدائرة المحيطة به ويُشكِّل منه جزءا أو عنصرا نشطا من عناصره.

ولفت زويرق إلى أن المسلسل يذكر المشاهد بالأعمال المغربية القديمة الكلاسيكية التي ارتبط بها، وتابعها بقوة وما زال يذْكرُها ويذِّكر نفسه بها إلى اليوم لأنها انطلقت منه لا من خارجه، واستمدت شعبيتها من قاع المجتمع وأصّلت له ووضعت المُشاهد أمام مغربيته بكل تشعباتها وتمفصلاتها ولم تستورد أو تسرق قُبح مجتمع آخر بعيد عنها آلاف الكيلومترات وتمغربه بسذاجة.

ويرى الناقد ذاته أن السيناريست بشرى مالك عملت على توزيع المشاعر بين شخصيات المسلسل بشكل يحترم ذكاء الجمهور، إذ منحت لكل شخصية قالبا معينا من أحاسيس غير مفتعلة حسب طبيعتها وسلوكها وتاريخها وتربيتها ونظرتها إلى الحياة، وجعلت كل شخصية لا تشبه أخرى في انفعالاتها وردود أفعالها، مما يجعلها أكثر مصداقية وواقعية، معتبرا أن الأعمال الدرامية تقوم بالأساس على المشاعر الإنسانية التي يصعب توظيفها بشكل دقيق في جل المسلسلات المغربية.

ويضيف زويرق أن سيناريو مسلسل ”كاينة ظروف” اشتغل بقوة على الحالة النفسية لشخصياته الرئيسية الثلاث نادية وحنان وفوزية ورغم أنهن مررن بنفس التجربة السجنية واختلطن ببعضهن لسنوات، إلا أن لكل منهن شخصية مستقلة ومتفردة، ومشاعر وردود أفعال مختلفة بُنيت أمام المشاهد بشكل تمهيدي في السجن، ثم أُطلق لها العنان خارجه حيث توسعت وبرزت بوضوح أكثر متأثرة بمشاكل الحياة اليومية وإرهاصاتها.

وتطرق الناقد فؤاد زويريق في تدوينته إلى شخصية فوزية التي تؤديها الفنانة راوية بكل إتقان وفق تعبيره، مبرزا أنها: “لامست بعمق، شخصية مغنية شعبية أو شيخة معتزلة من الزمن الكلاسيكي الجميل، إذ تمثل تلك النوعية من الشيخات الحقيقيات اللواتي تشبعن بالقيم الحقيقية وروح الفن الأصيل؛ لم يغيرها السجن ولا بؤس الحياة، هي أطيب شخصية بين الثلاث، استقبلت نادية وحنان ومعهما يوسف في بيتها احتضنتهم وحضنتهم ووزعت بينهم حنانها وكذا صرامتها بالتساوي والعدل كأنهم أبناؤها”.

وواصل حديثه بشأن شخصية “فوزية” في المسلسل: “قد يجد البعض تركيبة هذه الشخصية فيها مبالغة، لكن بعد البحث والتنقيب سيكتشف أن طبيعة الشيخات الحقيقيات اللواتي تربين في زمن مضى هي فعلا كذلك ومستمدة من واقعهن، فكثيرات منهن ربّين أطفالا ليسوا بأطفالهن، أوعُرفن بإحسانهن وعطفهن على أسر لا تجمعهم بهن أية قرابة، بل وكانت لهن محبة ومكانة خاصة في حيِّهن، وهذه الشخصية بالخصوص تعاملت معها الكاتبة بحذر وذكاء يحسب لها”.

واعتبر فؤاد أن السيناريو أيضا تفنن في الجمع بين عالم الأغنياء والأحياء الراقية، والعالم الشعبي بدروبه وأبنائه وربطهما ببعضهما البعض بخيوط شفافة محكمة، مع إبراز التناقضات والخصوصيات التي تجمع بينهما، ورسم صورة كبرى للصراع الخفي بين طبقتين متباينتين دون الدخول في فخ الخطاب المباشر الفج.

ويشير الناقد الفني إلى أن هذا العمل إلى حدّ الآن، يبقى نموذجا جيدا للكتابة الدرامية في بلادنا، باعتبار أن السيناريو هو الأساس في العمل، أمام ما نعانيه من أزمة كتابة، فالسيناريو الجيّد والمتقن والمتماسك هو الذي يحوّل فعل المُشاهدة إلى رحلة من المتعة الحقة، دون ملل ولا ضياع بين متاهات مُقحمة قصد التطويل، وخصوصا إذا كان هذا العمل من ثلاثين حلقة ويلزمه الصبر والنفس الطويل، وفق تدوينته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News