سياسة

“سقط قناع ماكرون”.. أحزاب مغربية تحمل فرنسا مسؤولية تحرشات أوروبية بمصالح المملكة

“سقط قناع ماكرون”.. أحزاب مغربية تحمل فرنسا مسؤولية تحرشات أوروبية بمصالح المملكة

رغم تأكيد المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنه لا وجود لأزمة بين الرباط وباريس، إلا أن مؤشرات كثيرة يرصدها المتابعون للعلاقات المغربية الفرنسية، تؤكد أن الأمر ليس على ما يرام، وأن موقف البرلمان الأوروبي أعاد الأزمة بين البلدين، والتي كانت قد أعلن عن نهايتها، بشكل غير مباشر، عقب زيارة وزيرة خارجية باريس وتعيين سفير جديد، لنقطة الصفر.

وأشهر قادة أحزاب المعارضة “ألسنتهم” في وجه فرنسا ورئاستها، محملين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون ومن معه، وبسبب تقاربه من حكام الجارة الشرقية، مسؤولية التحرشات والمضايقات التي تتعرض لها المملكة المغربية في الآونة الأخيرة، كان آخرها قرار من البرلمان الأوروبي، ينتقد وضع الصحفيين بالمغرب، صوت عليه 356 عضوا مقابل رفض 32 وغياب 42 من إجمالي 430 نائبا.

بنكيران.. يقارن بين ماكرون ومن سبقه

وهاجم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، الرئاسة الفرنسية التي تخوض حربا بـ”الوكالة” لصالح الجزائر ضد المغرب، بعدما دفعت البرلمان الأوروبي إلى إصدار توصية غير ملزمة تدين المغرب في ما يتعلق بحرية التعبير وحقوق الإنسان، مشدد على أن القيادة الحالية بباريس “لا تنظر أبعد من أنفها”.

وقال ابن كيران أول أمس السبت “فلتسمح لي القيادة الحالية لفرنسا فهي لا تفقه لشيئا، فرق شاسع بين الرئاسة الحالية وحقبة دوغول ومن شابهه”، مضيفا “لا أعيب على الفرنسيين أنهم يريدون التصالح مع الجزائر، لكننا لا نريد العداوات ونحن لم نعاد فرنسا رغم أنها استعمرتنا وقتلت وسجنت منا ولم نعاديها وظللنا نبذل لها الود.. لكنهم أزاحوا كل هذا بين عشية وضحاها على حساب المغرب”.

وشدد الأمين العام لحزب “المصباح” على أن فرنسا “ابتليت اليوم بقيادة لا تنظر أبعد من أنفها وتقفز إلى الغاز” موضحا أن “المغرب ليس لديه غاز لنعطيه لكم، لكن الدول الكبرى لا تُبنى على الغاز أو البترول، بل على المبادئ وهذا ما رفع فرنسا إلى ما هي عليه اليوم.. لذلك أقول لهم إن مشكل الغاز سيحل (مستقبلا) لكن المغرب سيظل المغرب”.

ورفض رئيس الحكومة السابق توصية البرلمان الأوروبي الأخيرة مؤكدا أنه “ليس من حقه التدخل في شؤننا، وحتى إن حدث ذلك يكون باتصالات مباشرة وليس بإصدار توصيات لإدانة المملكة المغربية”، متسائلا “هل نحن تابعون لهم؟ نحن أمة حرة مستقلة مختلفة عنهم، ونحن حريصون على استقلالنا ولا نريد من أي أحد أن يمسه”.

واختتم عبد الإله ابن كيران هجومه على الرئيس الفرنسي، مانويل ماكرون، بالقول: “كفاك يا فرنسا، إلى هداك الله تصلحي الجرة مبارك ومسعود ما هداكش الله راه المغرب بيك أو بلا بيك سيبقى دولة قوية حرة مستقلة”.

لشكر.. الندية المزعجة

بدوره اعتبر إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن السبب الحقيقي لآخر مناورة بالبرلمان الأوروبي، هو انزعاج العديد من الأطراف من موقع الندية الذي أصبحت تحتله بلادنا في تعاملها مع مختلف الشركاء”، مبرزا أن هذا الانزعاج هو الذي جعل العديد من الأطراف الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا، عاجزة عن استيعاب مشروعنا التنموي ونموذجنا الديمقراطي وتجربتنا الحقوقية. وقد كانت هذه الأطراف، إلى الأمس القريب، تشيد بما حققته بلادنا وتعتبره نموذجا وخطوات إيجابية، قبل أن يسقط عنها القناع”.

وأضاف القيادي الاتحادي “بلادنا صمدت بفضل التدبير الجيد والحاسم للنزاع للملك، التي جعلت ملف الصحراء بمثابة النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، ومعيار قياس نبل الصداقات ونجاعة الشراكات (الخطاب الملكي في ذكرى ثورة الملك والشعب – السبت 20 غشت 2022.). الأمر الذي أدى إلى سيادة حكمة العقل لدى العديد من الشركاء التقليديين وتغيير مواقفهم اتجاه الصحراء المغربية، وعلى رأسهم بريطانيا وألمانيا وإسبانيا”.

ودعا لشكر إلى “اليقظة المستمرة، في المنتظم الدولي والاتحاد الإفريقي والمحيط الإقليمي، لترسيخ الموقف الدولي الذي يؤكد على محورية العملية السياسية، وضرورة مشاركة الجميع فيها، بما في ذلك الجزائر، من أجل تسوية نهائية وفق مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية”.

أوزين..ضد الوصاية والعنجهية

وأشار محمد أوزين الأمين العام للحركة  الشعبية، في كلمته بجلسة البرلمان الإثنين الفارط، والتي خصصت للرد على البرلمان الأوروبي أن رد البرلمان المغربي “صرخة روح موجهة إلى الضمير الأوروبي الحي لدق ناقوس الخطر للتنبيه لخطورة المنزلقات الأخلاقية التي سقط في مستنقعها جزء من النخبة السياسية في القارة الشمالية”، معتبرا أن المملكة ليست في موقع الدفاع عن النفس أمام مسرحية رديئة وبإخراج أردء .

ودعا المتحدث ذاته، الضمير الأوروبي أن يقوم ب”فلاش باك” سريع لإنعاش الذاكرة، مبرزا في السياق ذاته أن” المغرب وهو البلد المستهدف بمثل هذه المواقف شارك أبناؤه في الدفاع عن الحرية والحق في الأرض في أوروبا في مواجهة النازية وسكبت دماء ابنائه.. وهو المغرب نفسه الذي ساهم أبنائه وبسواعدهم في بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية بأوروبا، والذي انخرط بجدية في حماية أمن القارة من الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للقارات”.

وأكد أوزين، على أن الشراكة الحقيقية ليست هي الوصاية أو العنجهية وإنما الاحترام والندية بعيدا عن الابتزاز والمساومة والنظرة الدونية “نعرف غطاء البئر وما يخفيه عمقه من مياه آسنة مدمخة برائحة الغاز المفقود والموعود” ومبرزا أن المغرب لن يقبل بلي الذراع والنقوص عن المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحريات وترسيخ حقوق الإنسان و”لن نسمح بالمساس باستقلالية القضاء وسيادة العدالة بالبلاد”.

وقال أوزين، إن المغرب لديه من الجرأة والشجاعة ما يجعله يعترف بنواقصه لتصحيح مساره ولتقوية المؤسسات بعيدا عن الوصاية والإملاءات وحشر الأنوف، بنية ظاهرها ما يشبه الحق وباطنه كلها الباطل. مضيفا “لن يسقط في فخ الاستفزاز والاستفزاز المضاد ولا في مصيدة القطيعة :”نحن مع الاتحاد الأوروبي محكومان بالتعاون المثمر وترسيخ شراكة متميزة على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .. فالمغرب دولة مستقلة كاملة السيادة تمارس حقها المشروع في تنويع شراكتها ومعتزة بانتمائها وعمقها الإفريقي”.

الانحدار الفرنسي.. فرصة لتنويع الشركاء

ويرى متابعون لمسار العلاقات المغربية الفرنسية أن الأزمات الأخيرة بين البلدين تدفع الرباط لتنويع شركائها بعيدا عن باريس، وهذا ما أكده مصدر دبلوماسي ل”مدار21″ ، حيث أشار أن الانحدار الأوروبي وخاصة الفرنسي، الذي بدا واضحا من خلال موقف البرلمان الأوروبي الأخير، يفسح المجال لتعزيز وتنويع الشراكات مع الحلفاء التقليديين، ولا سيما الولايات المتحدة، مسجلا أن فرنسا غير راضية عن تخفيض تصنيفها المتأصل في الديناميكية الجديدة للشراكة المغربية الأمريكية، خاصة عقب توقيع اتفاقيات إبراهيم.

وقال مصدر الجريدة، وتزامنا مع زيارة ميشيل سيسون، نائبة وزير الخارجية الأمريكي للمملكة منتصف الأسبوع الفارط، أن الموقف الأمريكي الذي يتميز بالصدق والاحترام المتبادل بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية يختلف كليا عن العلاقة المتقلبة مع فرنسا، التي تكافح من أجل الحفاظ على وصايتها على المملكة من حقبة استعمارية ماضية، مستشهدا بالثبات الأمريكي تجاه خطة الحكم الذاتي، والذي أكدت عليه سيسون أمس الأربعاء.

وأعلنت الولايات المتحدة رسميا، في ديسمبر 2020، أن مقترح الحكم الذاتي في الصحراء “جدي وذو مصداقية وواقعي”، واصفة إياه بأنه “الأساس الوحيد لحل عادل ودائم” للنزاع حول الصحراء المغربية.

وأوضح المصدر أن العلاقات القائمة منذ قرون بين الولايات المتحدة والمغرب لا تكتفي باستحضار الماضي، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، مستفيدة من البناء التاريخي لفتح آفاق متجددة ومثمرة للطرفين، “على عكس أولئك الذين يستغلون التاريخ للحفاظ على الهيمنة والريع الجيوستراتيجي الذي ولى زمانه ولم يعد لديه أي سبب ليكون.” وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News