أعلنت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، عن رفضها الواضح والقاطع لإحداث شركات جهوية لتوزيع الكهرباء و الماء والتطهير السائل تحت وصاية وزارة الداخلية، معبرة في المقابل، عن شجبها عرض مشروع القانون على انظار المجلس الحكومي دون اخبارها او الاخذ بمقترحاتها الكتابية.
وصادقت الحكومة الخميس الماضي، على مشروع القانون رقم 83.21 يتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، وهو المشروع الذي ينهي زمن التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء وتطهير السائل، الذي تهيمن عليه شركات أجنبية، ولا سيما الشركات الفرنسية، إضافة إلى أن هذه الشركات ستحل محل المكتب الوطني للكهرباء والماء والصالح للشرب، والوكالات المستقلة.
وسجلت “نقابة مخاريق” هذا المشروع الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية، لم تخضعه لنقاش عمومي ولم تستشر فيه الفرقاء الاجتماعيين، وفي مقدمتهم الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب باعتبارها النقابة الاكثر تمثيلية بقطاع الماء بالمكتب، رغم الوعود التي تم تقديمها خلال الاجتماع الذي دعت له وزارة الداخلية يوم 10 دجنبر 2021 في شخص العامل مدير شبكات التوزيع المحلية، بتمكينها من مشروع القانون لإبداء رأيها حوله قبل عرضه على الجهات المختصة.
وأكدت الجامعة أن وزارة الداخلية، لم تأخذ باقتراحات الجامعة الكتابية التي وجهتها شهر فبراير 2022 لكل الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم المتعلقة بهذه الشركات، وكذا مرافعات الجامعة بخصوص، إعادة هيكلة التوزيع الذي ضمنته بمقترح مشروع اتفاق الذي قامت الجامعة بصياغته بعد تكليفها بذلك من قبل ممثلي الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم والمكتب.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس، أن المشروع يأتي لمعالجة مجموعة من الإكراهات التي يعاني منها قطاع توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل والتي تحول دون إمكانية الاستجابة بشكل فعال للطلبات المتزايدة على هذه المرافق الأساسية خاصة ما يرتبط منها بمنظومة تدبير هذه المرافق وكذا بمحدودية الموارد المتوفرة لإنجاز الاستثمارات الضرورية.
وجوابا على سؤال لـ”مدار21″، حول مصير المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بعد إحداث الشركات الجهوية السالفة الذكر، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذا المكتب هو مؤسسة وطنية وعمومية جدا تقوم بأدوار كبيرة جدا، وبالتالي لا بد أن نعترف بأن دورها سيستمر، وأنها مطالبة بأن تعلب دورها كما يجب خاصة خلال هذه المراحل الانتقالية من أجل تحقيق حكامة جيدة خاصة بكل جهة على حدا.
وفي المقابل، شددت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل ، على تشبثها بالمكتب الوطني كمؤسسة عمومية يحق له احتواء هذه الشركات و اعطائها صلاحيات موسعة تحت وصايته وتحت لوائه، داعية الرأي العام الوطني، وكل الغيورين على القطاع و الخدمة العمومية للوقوف، ” ضد هرولة الدولة نحو تسليع الماء كمادة حيوية وايقاف دعمه”.
وحذرت النقابة، من اكتواء عموم الشعب المغربي، بلهيب أسعار الماء في أعقاب خوصصة االمكتب الوطني للماء والكهرباء، على غرار ما يقع اليوم في قطاع المحروقات، “إيمانه الراسخ بأن الماء حق للجميع لا يجوز تسليعه بتفويض تدبيره للقطاع الخاص”، معلنا دخوله في كل الاشكال النضالية حفاظا على المكتب كمؤسسة عمومية تقدم خدمات عمومية للمواطنين بتعرفة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
وقالت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، إنها “وهي تتابع ما يخطط له ويدبر ويحاك ضد المكتب من طرف المتربصين به كمؤسسة عمومية، تؤكد تشبتها بضرورة الابقاء على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب كمؤسسة عمومية وعدم المساس به ورهنه للوبيات ورجال أعمال الرأسمالية المتوحشة التي تنقض على كل الخدمات العمومية باستهدافها للربح و لا شيء غير الربح.”
وترى الهيئة النقابية ذاتها، أن قطاع الماء بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الذي تعتزم الدولة إصلاحه، حقق الكثير من النتائج من خلال الأهداف التي سطرت له منذ تأسيسه سنة 1972، حيث تم تكليفه بالتخطيط الاستراتيجي، وانتاج الماء والحفاظ على جودته، إضافة إلى تدخل المكتب بتكليف من الدولة، في مجال توزيع الماء والتطهير السائل بالعديد من المدن و المراكز و الجماعات الترابية.
وأبرز المصدر ذاته، أن المكتب ساهم بشكل فعال في تعميم التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي، حيث بلغت نسبة تزويد المواطنين حوالي 99 بالمائة بالحواضر وأكثر من 97 بالمائة بالعالم القروي رغم الاكراهات التي واجهها وطبيعة الوسط القروي وتفرق تجمعاته السكانية وتباعد مداشره.
وأوضحت نقابة مخاريق، أنه رغم هذه النتائج الإيجابية المسجلة، إلا أن الدولة جعلت المكتب يعيش عدة اكراهات تؤثر عليه سلبا، لعدم أدائها مستحقاته من الضريبة على القيمة المضافة لدى الدولة ومتأخرات الاستهلاك لدى الادارات العمومية ومتأخرات بيع الماء للوكالات وكذا مستحقات المكتب في مساهمة الجماعات في تمويل المشاريع المشتركة للماء الصالح للشرب والتطهير السائل، ناهيك عن تجميد تعرفة بيع الماء التي لا تكفي لتغطية مصاريف الانتاج والتوزيع دون أن تتدخل الدولة لإيجاد حلول أو بدائل لذلك.
وسجل المصدر نفسه، أن المكتب ولتدخله على الصعيد الوطني ظل ينتج ويوزع الماء لعموم المواطنين بتعرفة اجتماعية بشكل تضامني وتآزري بين الجهات حفاظا على المستوى المعيشي للمواطنين ودون استهداف للربح، مشيرا إلى أن التقارير الرسمية للمجلس الأعلى للحسابات، أكدت تشابه مستوى الخدمة المقدمة للمرتفقين مثله مثل باقي المتدخلين في المجال من وكالات التوزيع والخواص.
وقالت نقابة مخاريق، إنه “إذا كانت الدولة تحاول إشراك القطاع الخاص في تدبير بعض المرافق العمومية عبر الاستثمار والتدبير، إلا أن بعض القطاعات الاجتماعية كالصحة و التعليم وقطاع الماء وغيرها، لا يمكن أن تراهن فيه الدولة على خدمات الخواص لتناقض مبدأ الخدمات الاجتماعية والتدبير عبر الخواص الذي هدفه الربح.
واعتبرت النقابة ذاتها، أن ما اقدمت عليه الحكومة، يعد قرارا خطيرا ومجانبا للصواب وغير محسوب العواقب في حق المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المشهود له بالعمل الجاد والمسؤول والذي قدم و لايزال يقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين كيفما كانت الظروف وبأثمنة اجتماعية تراعي القدرة الشرائية للمواطنين و يساهم في التنمية المستدامة للبلاد رغم الاكراهات التي يواجهها.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع مدار21 لمعرفة جديد الاخبار