دولي

بمستويات عجز قياسية.. بلجيكا أضحت “التلميذ السيء” لمنطقة اليورو

بمستويات عجز قياسية.. بلجيكا أضحت “التلميذ السيء” لمنطقة اليورو

بتسجيلها لأكبر نسبة عجز في منطقة اليورو خلال الربع الثالث من العام 2022، أي 5.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أضحت بلجيكا تعتبر -بحسب العديد من المراقبين الاقتصاديين، “التلميذ السيئ” للمنطقة من حيث منهجية الإنفاق وتدبير المالية العمومية.

فوفقا لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات”، يمثل هذا المعدل أكبر عجز تسجله دول منطقة اليورو خلال الفترة المذكورة، علما أن المتوسط الأوروبي هو 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكثر من ذلك، سجلت معظم بلدان منطقة اليورو خلال الربع الثالث من العام 2022، عجزا أكبر بكثير من الأرباع السابقة من العام.

ومع ذلك، تمكنت بعض البلدان من تحقيق فائض في الميزانية، لاسيما هولندا (+ 0,4 في المائة)، أيرلندا (+ 3,1 في المائة) والبرتغال (+1,3 في المائة)، بينما تظهر دول أوروبية كبرى كفرنسا عجزا قدره 4,7 في المائة وألمانيا بمعدل 3,8 في المائة.

ويشير الكثير من المتتبعين للشأن الاقتصادي البلجيكي، إلى أن هذه النتيجة تعتبر انعكاسا مباشرا للتدابير المتخذة من قبل الحكومة الفيدرالية للتخفيف من أسعار الطاقة على الأسر، والإجراءات النوعية المتعلقة بتحفيز الانتعاش الاقتصادي عقب جائحة كورونا، وكذا اعتماد آلية الفهرسة التلقائية للأجور المنتهجة في البلاد.

وكانت المفوضية الأوروبية قد حذرت بالفعل من أن بلجيكا ستسجل أكبر عجز في منطقة اليورو خلال العامين المقبلين 2023 و2024، وستسير نحو أن تصبح العضو الوحيد في المنطقة الذي تزيد نسبة مديونيته عن 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي أكتوبر الماضي، كان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دو كرو قد أعرب عن قلقه بشأن العجز المالي البلجيكي، حيث أكد أن “الحرص على عدم ترك أي شخص على الهامش ينطوي على فاتورة باهظة بالنسبة للحكومة”، في إحالة على الكلفة التي تتحملها الحكومة من أجل مساعدة الأسر، لاسيما المعوزة وتلك التي تعاني من الهشاشة الاجتماعية.

وكانت الحكومة الفيدرالية قد قررت بذل جهد مشترك في الميزانية بقيمة 3.6 ملايير يورو (0.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي) بالنسبة للعامين 2023 و2024، ما سيجعلها تعاني من عجز هيكلي نسبته 3,2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024. وهنا لا تزال العودة إلى التوازن بعيدة المنال، ما دامت الحكومة تعتقد أن الأزمة الحالية تتطلب المزيد من الإنفاق.

ويتمثل أحد العوامل الرئيسية الذي يفسر هذا العجز، أيضا، في ارتفاع تكلفة المعاشات التي قفزت بمقدار 5 مليارات يورو في عامين، حيث تم الانتقال من 52 إلى 57 مليار يورو، ما يشكل عبأ إضافيا على المالية العمومية البلجيكية.

وبحسب تقديرات للمجلس المركزي البلجيكي للاقتصاد (CCE)، فإن المخاطر التي تحذق باستدامة المالية العمومية في بلجيكا محدودة على المدى القصير، على الرغم من العجز البلجيكي العام الذي يعد الأعلى في منطقة اليورو وارتفاع أسعار الفائدة، لكن هذه المخاطر تبدو، في المقابل، مرتفعة على المديين المتوسط والبعيد.

وعلى ضوء هذه المعطيات، ت جمع الأوساط الاقتصادية البلجيكية على أن تفاقم عجز الميزانية يدق ناقوس الخطر أكثر من أي وقت مضى، ويستدعي اتخاذ إجراءات “تقشفية” وترشيد النفقات، في معادلة صعبة تقترن دائما بهاجس الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية.

توافد عدد قياسي لطالبي اللجوء

وكانت وزيرة الدولة للهجرة واللجوء، نيكول دي مور، قد كشفت عن أرقام الهجرة للعام الماضي، متحدثة عن عام قياسي وصل خلاله أكثر من 100 ألف مهاجر إلى الأراضي البلجيكية. وفيما تندد الجمعيات بظروف الاستقبال لطالبي اللجوء، دعت الوزيرة إلى إجراء إصلاحات.

سجلت بلجيكا خلال العام الماضي طلبات لجوء لحوالي 37 ألف شخص من جنسيات مختلفة بزيادة تبلغ نسبتها 42% مقارنة بالعام 2021. إضافة إلى ذلك، شهدت توافد حوالي 63 ألف نازح من أوكرانيا، ليتجاوز إجمالي عدد الوافدين الجدد إلى بلجيكا خلال العام 2022 الـ100 ألف أجنبي.

وحذرت المسؤولة البلجيكية من الوضع الراهن داعية إلى إجراء إصلاحات في قوانين الهجرة، قائلة “كل المنظمات والإدارات المسؤولة عن ذلك (الهجرة) غارقة الآن”.

وعلى مدار العام الماضي، منحت السلطات حق الحماية الدولية لحوالي 20 ألف شخص، معظمهم من سوريا وفلسطين وأفغانستان وأريتريا.

أماكن استقبال غير كافية

تستوعب حاليا مراكز الإيواء حوالي 32 ألف شخص، لكن الوكالة الفيدرالية لاستقبال طالبي اللجوء “فيدازيل” تؤكد على أن السلطات البلجيكية تواجه حاليا أزمة كبيرة في استقبال طالبي اللجوء، وأنها عاجزة على توفير سقف لجميع طالبي اللجوء وتشير التقديرات إلى عدم تلقي حوالي ثلاثة آلاف طالب لجوء الدعم الكافي.

خلال الأشهر الأخيرة، حذرت المنظمات غير الحكومية من تدهور الوضع المروع أمام مقر وكالة اللجوء، مشيرة إلى أن المئات من طالبي اللجوء  يُجبرون على النوم في الشارع.

قالت الوزيرة في لقاء تلفزيوني، إن المبنى لا يشغله طالبو اللجوء فقط. كما أن “فيدازيل” تتحمل مسؤولياتها وترحب تدريجيا بطالبي اللجوء في شبكتها. ولكن السلطات المسؤولة الأخرى معنية أيضا ويجب أن تتحمل مسؤولياتها أيضا.

يمكن تفسير هذا الاكتظاظ في الهياكل الخاصة بالاستقبال، بأن نسبة كبيرة من طالبي اللجوء في بلجيكا لا يزالون يقيمون في هذه المراكز على الرغم من مرور أكثر من عام على تقديم طلبات لجوئهم، خاصة وأن فترات معالجة الطلبات باتت أطول. في المتوسط​​، يتم استضافة المهاجر مدة عام ونصف في المراكز، قبل تلقي رد على طلب اللجوء الخاص به.

يؤدي هذا الوضع إلى عدم قدرة الوافدين الجدد الحصول على مأوى، وأشار المتحدث باسم “فيدازيل” بينوا مانزي في لقاء سابق إلى أن “عدد الوافدين يفوق عدد المغادرين، فليس من المستغرب ألا تنجح آلية العمل”. ولا يطالب بإنشاء مراكز جديدة، بل بتعيين المزيد من الموظفين من أجل الإسراع في معالجة ملفات طلبات الحماية.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News