فن

استمرار “التخبط” والاختلالات” في تنظيم المهرجانات الفنية بعهد بنسعيد يثير قلق المهنيين

استمرار “التخبط” والاختلالات” في تنظيم المهرجانات الفنية بعهد بنسعيد يثير قلق المهنيين

أثارت الدورة الـ22 للمهرجان الوطني للمسرح الاحترافي، التي أقيمت بمدينة تطوان، نقاشا واسعا في الوسط الثقافي والفني، إذ وُجهت، عقب الإعلان عن الأسماء والأعمال المتوجة، اتهامات بـ”التسمسير” و”المحاباة” و”جبر الخواطر” إلى لجنة تحكيم هذه النسخة من قبل نقاد ومهتمين بالحقل المسرحي بالمملكة.

وغزت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات وبيانات استنكارية تُجمع على “فشل” القائمين على هذا المهرجان في تنظيم هذه الدورة، وأنه “أخلف” الموعد بعد عامين من التوقف بسبب جائحة “كورونا”.

“مدير الفنون هو المسؤول عن الاختلالات”

في تفاعلها مع هذا الحدث، عزت تنسيقية الفرق والفعاليات المسرحية المشاركة أبرز الاختلالات التي عرفتها هذه الدورة من المهرجان الوطني للمسرح إلى “الغموض غير المبرر الذي أحاط بتحديد أعضاء اللجنة، حتى إنه لم ترد أسماؤهم في أي منشور رسمي أو إعلامي للوزارة، ليتبين أن معظمهم من الدار البيضاء، ومنهم من لا علاقة له بمهن المسرح وتخصصاته”.

واستنكرت التنسيقية، في بيان لها، “عدم تحديد مدير مسؤول عن المهرجان، سواء عن افتتاحه أو اختتامه، لتظل كل الصلاحيات في يد مدير الفنون الذي لم يكن موجودا في تطوان طيلة أيام المهرجان”، مشيرة إلى أنه “استغل نفوده الإداري لتسخير المهرجان لخدمة مصالح ضيقة وتحريف مسار المسرح المغربي نحو ما يخدم شبكة علاقاته الخاصة”، وفق تعبيرها.

وحمّلت الجهة نفسها كامل المسؤولية في هاته الاختلالات والتراجعات لمدير الفنون، “الذي يضرب، حسب البيان عينه، مكتسبات المسرح المغربي عرض الحائط، ويزرع الفتنة والضغينة بين المسرحيين، وأنه أصبح أيضا يعطي صلاحيات لا حدود لها (لشخصية) مقربة”.

وطالبت التنسيقية ذاتها وزير الشباب والثقافة بـ”فتح تحقيق في ما وصل إليه المهرجان في دورته الأخيرة، ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا في تشويه المهرجان، حتى أصبح يسيء بشكل فادح للمسرح المغربي وصورته المشرفة في الداخل والخارجة”، داعية إياه إلى “الحرص على العناية بالمسرح والمسرحيين، وتثمين جهودهم ونجاحاتهم، والتدخل العاجل والحاسم، للحد من فساد مديرية الفنون، وما قد يترتب على استمرار مدير الفنون في نهج خياراته المشبوهة في القادم من المواعيد المسرحية”.

الركاكنة عن جدل المتوجين: نتائج لجان التحكيم نسبية وليست مطلقة

وتعليقا على الجدل المثار حول نتائج هذه النسخة، قال المخرج والممثل المسرحي عبد الكبير الركاكنة، الذي حظي بتكريم في افتتاح فعاليات الدورة الـ22 للمهرجان الوطني للمسرح الاحترافي بتطوان، إن اللجنة تبقى “سيدة قراراتها والمسؤولة عن هاته النتائج”، مبرزا أن اللجنة “تتمتع بالاستقلالية ويحكمها القانون، إذ لا يمكن الطعن فيها بدون أدلة، لأن النتائج في المهرجانات تمنح عادة وفق رؤية ومعايير اللجنة، ولا يمكننا التدخل في حكمها”، حسب تصريحه لجريدة مدار21.

وأردف الركاكنة: “ربما حتى لو وجدت لجنة أخرى ستقدم النتائج نفسها، أو ستفرز نتائج مغايرة، لأن هاته النتائج تتسم بالنسبية، وليست مطلقة، والمعايير تتغير من لجنة إلى أخرى”.

وعن تقييمه لهذه النسخة، أكد المتحدث نفسه، في تصريحه للجريدة، أن “جميع المهرجانات تخضع للتقييم من طرف الفاعلين المهنيين بعد إسدال الستار على دوراتها، ويتم الكسف عن الجانبين السلبي والإيجابي فيها، سواء على مستوى التنظيم أو الاختيارات، أو انتقاء العروض لتحديد مكامن القوة والضعف، قصد تجويد عملها في الدورات اللاحقة، لكن من الصعب أن تتحدث بشكل فضفاض”، وفق تعبيره.

من جانبه، قال الكاتب المسرحي عادل الضريسي، الذي حاز الجائزة الكبرى بالمهرجان عن مسرحيته “غيثة”، إضافة إلى جائزة التشخيص لبطلتيها، “إن الجدل أو الصراع يعد مسألة صحية وطبيعية جدا بما أننا نتعامل في مجال تطبعه التعاملات الإنسانية، فالإنسان بالضرورة يُعرف بالاختلاف والتباين في الآراء والمواقف، وهذا الجدل يثار في المسرح والرياضة، وباقي المجالات، خصوصا حينما يغلب على طبيعة أنشطته البعد التنافسي”.

صاحب الجائزة الكبرى للمهرجان: النتائج تعكس تصورات اللجنة

وأضاف الضريسي، في تصريح لجريدة مدار21، أن الجدل “ليس وليد اللحظة، وإنما يحضر في جميع المهرجانات والتظاهرات، ويرجع جانب منه إلى سيكولوجية المجتمع، الذي يرتبط أحيانا بالتربية العامة في التعامل مع النجاح والخسارة”، لافتا إلى أن”الناجح عادة ما يفرح والخاسر بدل تحليل أسباب الخسارة بموضوعية يتجه إلى مهاجمة الآخرين”.

وتابع: “كوني مشاركا في فعاليات المهرجان بمسرحية “غيثة”، سُنحت لي الفرصة لمتابعة العديد من العروض المسرحية التي كانت في مجملها جيدة ومتميزة، مما يدل على تطور مستوى المسرح المغربي”، مردفا: “أما بخصوص النتائج فهي تعكس تصورات لجنة تحكيم معينة، لها أفكارها واختياراتها الجماعية وميولاتها الفنية، فنحن لا نتعامل داخل الفن مع الرياضيات، بل مع نتائج نسبية، تتغير من لجنة إلى أخرى.

وشدد المتحدث ذاته على أنه لا يشارك في المهرجانات من أجل التتويج وحصد الجوائز، بل من أجل الاستمتاع بالفن الذي يمارسه، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن “فوزه بجائزة معينة لا يعني بأنه المتميز والمبدع الوحيد، وخسارة فرقة أخرى لا يدل على أنها ليست متميزة”.

واستطرد قائلا: “يبقى الإشكال المطروح، في حال كان هؤلاء الأشخاص الذين أثاروا هذا الجدل وأعابوا التنظيم، وتحدثوا عن الفساد، هم من فازوا، فهل كانوا سيثيرون هذا النقاش؟، هل كان يجب تتويجهم حتى يكون المسرح بخير، أم أن المسرح مفتوح للجميع؟”.

ويرى الضريسي، في سياق حديثه إلى الجريدة أن “حصول عمل معين على جائزة عربية وعدم حصوله على جائزة وطنية لا يدل على ضعف هذا العمل، بل مؤشر على قوة المسرح المغربي وأن هذا الأخير متعدد التجارب”.

ولفت الضريسي إلى أن “الانتقادات والقراءات في أعمال معينة من قبل الممارسين يفترض أن تكون بناءة وأن تتم بأدب مع الحرص على التمييز بين القراءة في الأعمال المسرحية والأشخاص أو تجاربهم”، موضحا أنه “لا ينبغي أن يكون الهجوم على شخصهم، علما أنه لا يوجد في العالم بأسره معايير واضحة في تصنيف الفن يتفق الجميع بشأنها، لأنه عبارة عن جماليات لا تحظى بالتوافقات، كون الأذواق والرؤى تختلف من شخص إلى آخر، وتتويج أي عمل تتدخل في حيثياته العديد من المعايير من تصورات وقراءات من جميع النواحي من طرف لجنة التحكيم”.

عضوة بلجنة التحكيم تفضح “تواطؤ” أعضائها

أمام حدة الانتقادات الموجهة إلى لجنة تحكيم هذه النسخة، خرجت عضوة لجنة التحكيم مريم أوعلا عن صمتها، لتوضح مكامن الاختلالات التي شهدتها الدورة الـ22 للمهرجان، وأبرزت أنها  “تعرضت لمحاولة التأثير على تقييمها للأعمال عبر تبليغها بأحكام مسبقة عنها من قبل عضوة من الأعضاء سبق لها معاينة العروض”.

وكشفت أوعلا، في بيان توضيحي نشرته على حسابها الرسمي بموقع”فايسبوك”، أنها “تعرضت للترهيب غير المباشر عبر اتهامها كلما دافعت عن الجودة في عمل من الأعمال بالانتصار إلى خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي”، مؤكدة أنها “دافعت عن الاعمال بناء على معايير فنية وتقنية، دون الربط بينها وبين أي مؤسسة جامعية ولا جمعوية، ودون أي تمييز بين الأكاديميين والهواة بين المتبارين اعتبارا لكونه مهرجانا وطنيا نحتفي فيه بعروض الموسم برُمتها ونقيم إنتاجات الفاعلين في المجال المسرحي، طبقا لتعبيرها.

وقالت العضوة ذاتها إنه تم “الاحتكام إلى المعطيات الشخصية حول حاملي المشاريع والعاملين فيها وممتلكاتهم وممارساتهم وعدد الجوائز التي سبق لهم الفوز بها، وليس إلى جودة أعمالهم أو مهنيتهم في ضرب سافر لأخلاقيات التحكيم والتباري”، إلى جانب “إقصاء فرقة من الفرق من التقييم ورفض البت في ترشيحها بسبب تعبير المخرج عن سخطه على غياب التجهيزات التقنية خلال العرض والحال أن أي إجراء زجري تجاه تصرف الفرقة هو من اختصاص الوزارة الوصية وليس اللجنة”.

وزادت بالقول: “على إثر تواصل الخروقات واستحالة التوصل إلى حلول موضوعية وكذا استئساد عضوة من أعضاء اللجنة واستئثارها بالقرار في غياب واضح لرئيس اللجنة الذي لم يكن قادرا على فرض سلطته، وكذا تواطؤ بَيِّن من بعض الأعضاء، أعلنت انسحابي من اللجنة وغادرت أشغالها، ليتم إقناعي عبر وساطة أحد الأعضاء بالعودة لمتابعة العمل مع وعود بتجويد جو العمل والاشتغال بمهنية وعدل، غير أنه مع ذلك تم في كل حالات التقييم التي أعلنت فيها رأيا مخالفا أنهم سيلجؤون للاحتكام إلى التصويت، وتبين في ما بعد أنه كان تواطؤا من الجميع لوضعي أمام الأمر الواقع”.

وشدّدت أوعلا على أن هذه النتائج “لا تمثلها وأصبحت تؤرقها وتمثل عبئا أخلاقيا على ضميرها المهني”، مضيفة: “فور عودتي تواصلت مع ديوان السيد الوزير وعقدت لقاء مع بعض أعضائه وأطلعتهم على ما كان عليه الأمر خلال أشغال اللجنة، ثم حررت هذا البيان للرأي العام على مسؤوليتي استدراكا لما استدرجت إليه بغير نية وإخلاء لذمتي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News