مجتمع

بين خرجات مدروسة وانهماك داخلي.. هكذا مرت ذكرى الانتخابات على الأحزاب المغربية

بين خرجات مدروسة وانهماك داخلي.. هكذا مرت ذكرى الانتخابات على الأحزاب المغربية

مرت الذكرى الأولى لانتخابات الثامن من شتنبر، التي بوأت حزب التجمع الوطني للأحرار صدارة المشهد السياسي المغربي، في أجواء سياسية متباينة، إذ سعت مختلف الأحزاب السياسية إلى التفاعل مع هذه المحطة بطريقتها الخاصة، إما عبر استغلالها لاستعراض الحصيلة وتأكيد الجدارة السياسية، أو توظيفها في مهاجمة الخصوم وتحجيم إنجازاتهم.

وتباينت طريقة تفاعل الأحزاب السياسية، سواء المنتمية إلى الأغلبية أو المعارضة، مع ذكرى مرور سنة على الانتخابات. فبينما لجأت أحزاب الأغلبية إلى استعراض الحصيلة من خلال خرجات مدروسة، عمدت أحزاب المعارضة إلى برمجة أنشطة لمهاجمة الحكومة وتأكيد إخلالها بالالتزامات التي قطعتها.

صنف ثالث من الأحزاب السياسية واجه هذه المحطة بالصمت، وأحزاب أخرى فضلت الانكباب على إعادة ترتيب بيتها الداخلي والتحضير لمؤتمراتها الوطنية بعيدا عن أضواء الكاميرات.

الأحرار “يتوهج” بأكادير

يعد حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الأغلبية الحكومية، من أبرز الأحزاب التي هيمن ظهورها خلال الذكرى الأولى لمرور الانتخابات، واستأثر باهتمام واسع، بعد أن عمد الحزب إلى توظيف الدورة الرابعة للجامعة الصيفية لشباب الأحرار في تمرير رسائله السياسية، لا سيما بعد الحضور الواسع لقيادات الحزب، وعلى رأسها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة.

وخطط حزب الأحرار لجعل كل شيء في محطة شبيبة الحزب مختلفا، فمن حيث التوقيت جاءت المحطة متزامنة مع ذكرى الانتخابات، ومن حيث المكان تم اختيار مدينة أكادير، التي تعد من جانب الحاضرة التي تربط شمال المغرب بجنوبه، ومن جهة الثانية المعقل الأبرز لأنصار أخنوش، رئيس الحزب، إضافة إلى الفضاء التي تم اختياره وتفاصيل هذه المحطة التي جعلتها أقرب محطة انتخابية على الطريقة الأمريكية.

وبينما توالت الانتقادات على حزب الأحرار طيلة السنة الأولى، بفعل طريقة تدبيره للعديد من الملفات، أراد حزب الحمامة إرجاع عدّاد المعارضة إلى نقطة الصفر، مستعرضا أهم منجزاته وحصيلته الأولية في تدبير الشأن الحكومي، إذ ركز على إطلاقه جميع إجراءات تنزيل البرنامج الحكومي، الذي يمتد إلى سنة 2026، مشيرا إلى مجموعة من منجزات الحكومة، خاصة على مستوى القطاعات المرتبطة بتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، والمتمثلة بالأساس في الصحة والتعليم والتشغيل.

وعاد حزب الأحرار للرد على منتقديه، مؤكدا من خلال كلمة رئيسه بأنه يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع. كما دافع على انسجام أغلبيته الحكومية. وبرر أخنوش غيابه عن المشهد السياسي، خاصة مع تغيبه عن جلسات مساءلة برلمانية، بأنه كان يشتغل في صمت دون الحاجة إلى كثير من الكلام، مضيفا أنه يتفهم “تعطش المغاربة إلى سماع صوته”.

ولم يفوت حزب الأحرار المناسبة لمهاجمة حزب العدالة والتنمية، متهما إياها بتعطيل عجلة التنمية، وأن حزبه لم يعطل التنمية رغم مجيء الحكومة التي يقودها في سياق تزامن مع أزمات عالمية.

“البام” يرد من الشمال

بدروه لم يفوت حزب الأصالة والمعاصرة المناسبة، معتمدا على المؤتمر الجهوي الرابع للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة، للتأكيد على مكانته السياسة والرد على منتقدي وزرائه داخل الحكومة، حيث صرح عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن حزبه سيحقق نتائج أفضل خلال الانتخابات المقبلة لسنة 2026، على غرار استحقاقات 08 شتنبر 2021 التي وضعته في المرتبة الثانية وطنياً.

واستعرض وهبي مكانة الحزب مؤكدا أنه يرأس أكثر من ثلث مجالس الجهات، وأكثر من 300 مجلس جماعي، بالإضافة إلى توفره على آلاف المستشارات والمستشارين الجماعيين، مشيرا إلى أن الحزب تمكن من ترسيخ مكانته كقوة حزبية وسياسية متميزة داخل المشهد السياسي.

ومن جهة أخرى، اغتنم الحزب المناسبة لإعلان استمراره في إعادة الهيكلة التنظيمية للحزب، وتدارك ما فاته في هذا الجانب، مشيرا كذلك إلى التزامه ضمن الأغلبية الحكومية في تدبير الشأن العام، موضحا أن “الأحزاب المسؤولة لا تقفز مثل الجرذان من السفن حين تتعرض للإكراهات والمطبات الخارجية، فنحن ملتزمون بقوة داخل الأغلبية الحكومية التي تشتغل بمهنية واحترافية عالية”.

وفي إشارة إلى حزب العدالة والتنمية أوضح وهبي أن الأغلبية تحقق نجاحات كبيرة في مجابهة الأزمات في صمت وهدوء بعيدا عن بيع الوهم والشعبوية الرخيصة للشعب المغربي الذكي والذي رد الصاع صاعين واستفاق بعد التجربتين الحكوميتين الأخيرتين على وقع التدهور الحاد في أغلب القطاعات والمجالات، على حد تعبير الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.

ابن كيران يتوعد..

بدوره حزب العدالة والتنمية، الذي قاد التجربتين الحكوميتين السابقتين، برمج نشاطا حزبيا تزامنا مع الذكرى الأولى لمرور انتخابات الثامن شتنبر، ويتعلق الأمر بالملتقى الوطني للكتاب الجهويين والإقليميين، الذي حضره عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، إلى جانب أعضاء من الأمانة للحزب.

كلمة ابن كيران تمحورت من جانب حول الشق التنظيمي، ومن جهة أخرى توجهت إلى انتقاد الأغلبية الحكومية، وخاصة حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، حيث أفاد الأمين العام أن حزبه سيتحرك لمواجهة الحكومة بعد أن التزم بعدم الانخراط في “جوقة” المطالبين برحيل أخنوش.

وهاجم ابن كيران حزب الأصالة والمعاصرة مضيفا أن البيجيدي أفشل مؤامرة الحزب الواحد التي حاول “البام” ترسيخها، دون أن يستثني حزب الأحرار الذي وجه له مجموعة من الاتهامات حول التلاعب بالانتخابات، مستحضرا انتخابات “الدخيسة”، وأضاف ابن كيران أنه لم يهنئ أخنوش برئاسة الحكومة ولن يهنئه.

وتعهد عبد الإله ابن كيران، بفضح الحكومة في حال مست بمكتسبات الفئات الفقيرة والهشة خلال تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، موضحا أن الحكومة تطالب المسجلين في نظام “رميد” بإثبات عوزهم، متسائلا حول ما إذا كانت وزارة الداخلية التي أشرفت على العملية منذ البداية كانت “تلعب” بشأن معطيات هؤلاء عند إدخالهم إلى هذا النظام.

وتطرق الأمين العام لحزب “المصباح”، إلى الاختلالات الداخلية التي أدت بحزبه للتراجع إلى الرتبة الثامنة في انتخابات الثامن من شتنبر، مشيرا إلى أن “الكولسة” والتسابق بين أعضاء الحزب على التزكيات كانت من أبرزها، داعيا أعضاء الحزب إلى عدم تكرار ما جرى.

الاستقلال يعانق الصمت

ولجأ حزب الاستقلال إلى الصمت المطبق في مناسبة مرور سنة على الانتخابات، التي حاز بموجبها على عضوية الأغلبية الحكومية، ذلك أنه بالرغم من الانتقادات التي تواجه الحكومة فإنه لا يحرك ساكنا في الدفاع عن منجزات الحكومة أو منجزات وزرائه داخلها.

ويبدو أن حزب الاستقلال منشغل بمعالجة أوضاعه الداخلية التي تفاقمت بسبب استمرار الخلافات حول تعديلات النظام الأساسي لحزب الاستقلال، بين الأمين العام نزار بركة وتيار حمدي ولد الرشيد، وذلك ما انعكس في تأجيل المؤتمر الوطني للحزب، الذي كان مقررا يوم 06 غشت 2022، دون تحديد أجل جديد لعقده مستقبلا.

وبررت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، في بلاغ سابق، اتفاقها على قرار تأجيل المؤتمر الاستثنائي بمراجعة بعض مقتضيات النظام الأساسي للحزب، موضحة أن التأجيل جاء “لمواصلة الاستعدادات المرتبطة بالإعداد المادي واللوجستيكي والأدبي للمؤتمر، وكذا لفسح المجال لإنضاج الشروط الذاتية والموضوعية والمناخ الجيد لعقد هذه المحطة التنظيمية”.

وتواصل اللجنة التنفيذية مناقشة، وفق البلاغ، مناقشة جميع التعديلات التي أثارت نقاشات داخل البيت الاستقلالي بهدف الوصول إلى التوافق التام حولها وسعيا إلى توحيد وجهات النظر في شأنها، وذلك بمراجعتها وتجويدها وتحسين صياغتها، للوصول إلى مشاريع تعديلات تحظى بموافقة الجميع.

واتفقت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال على أن يحدد تاريخ المؤتمر الاستثنائي للحزب، مباشرة بعد الانتهاء من صياغة توافقية للتعديلات المختلف بشأنها.

“الكتاب” يغير جلده

وينهمك حزب التقدم والاشتراكية في الإعداد لمؤتمره الوطني، حيث صادقت لجنته المركزية، في دورتها العاشرة، تزامنا مع مرور سنة على الانتخابات، بالإجماع على وثائق المؤتمر الوطني الحادي عشر، وكذا على موعد انعقاده المحدد في أيام 11 و12 و13 من شهر نونبر المقبل، ببوزنيقة، وهو المؤتمر الذي يرتقب أن يعيد نبيل بنعبد الله من جديد لقيادة الحزب، في غياب تقديم أي ترشيحات منافسة.

ووافقت اللجنة المركزية للحزب على مشروع الوثيقة السياسية التي قدمها الأمين العام نبيل بنعبد الله، ومشروع القانون الأساسي وشعار المؤتمر “البديل الديمقراطي التقدمي”، وموعد انعقاده.

وشدد بنعبد الله على المرور إلى “السرعة القصوى النهائية في تحضيراتنا لعقد المؤتمر الوطني”، مؤكدا أنه ينبغي أن يكون “مناسبةً للانفتاح على مختلف الطاقات التي يزخر بها مجتمعنا، والمستعدة للعمل من داخل صفوف الحزب”.

ودعا بنعبد الله أعضاء حزبه للحرص على جعل المؤتمر “حدثا سياسيا بارزا، ونقطة تحولٍ إيجابي في مسار حزبنا، وأن يندرج داخليا في إطار أفق استراتيجي. فرهان تقوية آلتنا الحزبية ومواصلة إشعاع حزبنا هو الأمر الأساسي الأول، ويَسبق استشراف أيِّ تحالفات مهما كانت طبيعتها أو نوعها”.

وفي سياق توضيح توجهاته المستقبلية كشف حزب “الكتاب” عن انتقاداته لحكومة عزيز أخنوش، التي يوجد في معارضتها منذ بداية الولاية الحكومية.

وأفاد بنعبد الله أن البديل الذي يقدمه حزبه يسعى إلى وضع الإنسان في قلب العملية التنموية، من خلال إعطاء الدلالات والمضامين الحقيقية لمفهوم الدولة الاجتماعية، كما تحدث عن كيفيات تحقيق نمو اقتصادي مطرد وقادر على الصمود ومواجهة الأزمات، من خلال توطيد السيادة الاقتصادية الوطنية، وبناء قطاع عمومي يُشكل قاطرة للتنمية، إلى جانب قطاع خصوصي قوي”.

السنبلة تقصف الحكومة

وبدوره، لم يفوت الحركة الشعبية المناسبة، إذ خرج من خلال إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، للتأكيد على عجز الحكومة عن تملك الإرادة السياسية وإيجاد حلول ناجعة لمواجهة الأزمات التي عمقت الهشاشة الاجتماعية.

وقال السنتيسي “اليوم أتمت الحكومة سنة من انتخابات 8 شتنبر، التمسنا لها العذر في البداية، بحكم دهشة البداية، لكن يبدو أن هذه الدهشة، لازالت مستمرة من خلال قراءة سريعة وبدون تهويل، فمنسوب الثقة والأمل في العمل الحكومي تقلص، إذ يبدو أن وعودها سواء التي حملها البرنامج الحكومي أو الحملات الانتخابية لأحزابها، لن ترى النور بالشكل الذي يفيد المواطن”.

وهاجم المتحدث الحكومة موضحا أنه “بعد مرور سنة من عمرها، ما يعمق مشكلة “حكومة أخنوش” هو افتقارها لمبرر فشلها لكونها حكومة مقلصة ومهيمنة على تدبير الشأن العام وطنيا وجهويا واقليميا ومحليا، بدون “بلوكاج” ولا عراقيل.

واستدل رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب بقطاع التعليم، وتحرير المحروقات ومخطط المغرب الاخضر وغيرها، لافتا إلى أن أغلب المكونات الحزبية الممثلة في الحكومة ساهمت بقوة في صناعة هذا الماضي ليس فقط في العشر سنوات الأخيرة بل لأزيد من أربعين سنة، بل بعضها منذ الاستقلال.

“الحصان” غائب

وغاب حزب الاتحاد الدستوري هو الآخر عن هذه المحطة، ذلك أنه منشغل هو الآخر بالإعداد لمؤتمره الوطني السادس، المنتظر عقده يومي 1و2 أكتوبر 2022 بالدار البيضاء، إذ تستمر اللجنة التحضيرية في عقد مجموعة من الاجتماعات للإعداد التنظيمي لمحطة المؤتمر، ما جعله بعيدا عن النقاش الذي صاحب ذكرى السنة الأولى بعد الانتخابات.

وأعلن حزب “الحصان” في بلاغ سابق أن اللجنة التحضيرية وافقت بالإجماع على لجنة الترشيحات، التي أسندت رئاستها الخليفي لعضو المكتب السياسي اقدادرة، وضمت في عضويتها كلا من سعاد سعد زغلول، وعبد اللطيف حرشيش، عضوي المكتب السياسي، إلى جانب عبد الحق العضيمي، ومحمد البشيري، عضوي المجلس الوطني للحزب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News