سياسة

بين خطط ماكرون ومصالح إيطاليا.. هل “تنفرج” الأزمة بين الرباط والجزائر بالوساطة؟

بين خطط ماكرون ومصالح إيطاليا.. هل “تنفرج” الأزمة بين الرباط والجزائر بالوساطة؟

في كل مرة تشتد “الأزمة” بين الجزائر والمغرب، يتوقع المتابعون للعلاقات بين البلدين الجارين، أن يدخل وسيط على الخط، تطبيقا لبيت شعري ليوسف بن محمد بن يوسف التوزري التلمساني، المعروف بابن النحوي، تؤمن بمضمونه الشعوب العربية والمغاربية و هو “اشتدي أزمة تنفرجي”، خاصة عقب دعوة الملك محمد السادس لإقامة علاقة طبيبعية.

الملك يحارب “نار الفتنة”

وأعلن الملك محمد السادس، عن نيته إقامة “علاقات طبيعية” مع جارته الجزائر، بعد سنوات من التوترات السياسية بين البلدين والتصعيد الأحادي وقطع العلاقات.

وقال قائد البلاد في خطاب بمناسبة عيد العرش، ذكرى توليه حكم المغرب، “أتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية حتى يتمكن المغرب والجزائر من العمل يدا بيد من أجل إقامة علاقات طبيعية”.

وليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها ملك المغرب دعوة للجزائر لفتح صفحة جديدة، ففي خطابه في ذكرى المسيرة الخضراء نحو الصحراء المغربية، وألقاه في نونبر 2018، دعا الجزائر لفتح صفحة جديدة، وإقامة علاقات جيدة، إلا أن الموقف تعقد بعدها وقررت الجزائر قطع العلاقات.

ووصف محمد السادس البلدين في خطابه بأنهما “شعبان شقيقان، يجمعهما التاريخ والروابط الإنسانية والمصير المشترك”.

ونفى الملك المزاعم القائلة بأن المغاربة “أهانوا” الجزائر، وقال “أهيب بالمغاربة، لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين، الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال”.

وأضاف، “أما فيما يخص الادعاءات، التي تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين، فإن من يقومون بها، بطريقة غير مسؤولة، يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين”.

وختم رسالته عن الجزائر بقوله “إننا نتطلع، للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك”.

ماكرون.. أصغر من الوساطة 

قبيل أيام من إقلاع طائرة ماكرون، قال موقع فرنسي إن الرئيس، إيمانويل ماكرون، سيناقش في زيارته للجزائر التوترات السياسية مع إسبانيا والمغرب حول قضية الصحراء.

ونقل “مغرب إنتجلنس” عن مصادر أن ماكرون سيتقدم باقتراح ملموس للجزائر في مسعى لنزع فتيل هذه التوترات التي تزعزع استقرار غرب البحر الأبيض المتوسط وتقلق الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.

وبحسب الموقع، ماكرون اقترح تنظيم قمة مصغرة تكون في باريس أو مدينة فرنسية أخرى تجمع بين دبلوماسيين جزائريين وإسبان ومغاربة من أجل مناقشة للحلول التي يجب تنفيذها لتحسين العلاقات الثنائية بين دول المنطقة.

لكن المحلل السياسي الجزائري إدريس عطية، اعتبر في تصريح لجريدة “مدار 21” أن وساطة ماكرون بين المغرب والجزائر “أمر غير مقبول وغير منطقي ولم يتم ذكره في الأوساط الرسمية”، مشيرا إلى أن زيارة ماكرون كانت “للوساطة” بين فرنسا والجزائر.

وقال عطية “لا يمكن لماكرون الذي جاء لترميم العلاقة بين بلده والجزائر أن يحمل في حقيبته قضايا مغاربية، معتبرا أنه من المنطقي أن يحاول ماكرون التوسط بين الجزائر ومدريد “ماكرون أصغر من أن يكون وسيطا بين المغرب والجزائر، لأن الصراع أعمق من أن يتدخل بلد آخر فيه” يضيف المحلل الجزائري.

لكن المحلل السياسي المغربي محمد بودن، اعتبر في تصريح لجريدة “مدار 21” أن الوساطة الفرنسية، إذا كانت مصادر وسائل الإعلام الناقلة للخبر دقيقة وموثوقة “مسعى حميد”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تخطيط للوساطة يعتمد على قبول اقتراح الوساطة من الطرفين، و”إذا افترضنا أن هذه الأخبار مؤكدة فإن فرنسا تعتبر شاهدا رئيسيا على تاريخ المنطقة ومن المفروض أن لا تقف غير مهتمة بالكثير من الحقائق الواقعية والتاريخية”.

وشدد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية محمد بودن، على أن الوساطة في كل الأحوال تمثل مسعى حميد و”أعتقد أن المملكة المغربية لم تتردد في التعاطي مع المبادرات البناءة و الجادة في إطار مصالحها العليا”.

وأضاف في حديثه للجريدة “إذا كان بوسع فرنسا القيام بجهد بناء فسيكون مهما لصورتها الدبلوماسية وإذا لم تنجح فستكون قد تخلت عن موقعها بمحض إرادتها”.

إيطاليا.. وسيط محتمل

اقترح تقرير للمجلس الأطلسي، وهو مركز بحثي مقره واشطن، وساطة إيطالية بين المغرب والجزائر لوقف الأزمة، معتبرا روما تتمتع بعلاقات جيدة مع الطرفين ويمكن أن تستعين كذلك بالدعم الأمريكي بتقريب وجهات النظر.

وأكد المجلس، أن إيطاليا “دولة محايدة منذ فترة طويلة ولديها مصالح كبيرة في منطقة الشرق المتوسط، ويمكنها القيام بدور الوسيط في الصراع بدعم من حليفها القوي للولايات المتحدة”.

وتحدث التقرير عن جوانب مشتركة بين الجزائر وإيطاليا، خاصة في المجال التجاري والاقتصادي، مشيرا إلى أن الجزائر تقدر أيضا حقيقة أن إيطاليا لم تغلق سفارتها أبدا خلال “العشرية السوداء” في التسعينات، عندما قررت أغلب القوى الغربية “التخلي” عن البلد المغاربي.

وقال المجلس إن إيطاليا لها علاقات “مهمة واستراتيجية” مع المغرب في مجالات اقتصادية وأمنية، وتنظر للمملكة على أنها “بوابة نحو بقية إفريقيا”، حيث أن أكثر من 80 شركة إيطالية لها وجود محلي في المغرب، بما في ذلك البنوك الإيطالية البارزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News