مجتمع

توالي حرائق بالواحات يهدد ساكنتها بالترحيل وخبير: الحرائق حتمية والتأمين هو الحل

توالي حرائق بالواحات يهدد ساكنتها بالترحيل وخبير: الحرائق حتمية والتأمين هو الحل

بالرغم من الجهود التي أطلقها المغرب من خلال وزارة الفلاحة لأجل المحافظة على الواحات المغربية التي تعد إرثا بيئيا وحضاريا مهما، إلا أن الحرائق التي عرفتها مجموعة من الواحات في غضون السنتين الأخيرتين، لا سيما بالجنوب الشرقي، تدق ناقوس الخطر وتهدد، وفق فعاليات مجتمعية، بزيادة المخاطر المحدقة بالواحة.

وأصبحت ساكنة الواحات مهددة بشكل كبير بالرحيل والهجرة من مجال تواجدها إلى المدن، بعد تسبب الحرائق في ضياع أشجار النخيل وتلف المحاصيل، والتهديدات المرتبطة بارتفاع هذه المخاطر مستقبلا، في ظل التغيرات المناخية وارتفاع معدل التصحر والمخاطر البيئية التي تنذر بمستقبل عصيب على المجال الواحي.

وفي وقت أطلقت وزارة الفلاحة سنة 2014، استراتيجية جديدة لتنمية الواحات وشجر الأركان. وبعدها بسنتين (2016)، قدم المغرب مبادرة “الواحات المستدامة”، أمام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مراكش (كوب 22)، قوامها الاعتراف بالمجال الواحي والمحافظة عليه وتنميته، إلا أن الواحات المغربية لا زالت عرضة للمخاطر وعلى رأسها مخاطر حرائق الغابات.

وتعالت مجموعة من الأصوات المطالبة بإيجاد حلول مستعجلة للمحافظة على الواحات من الحرائق، خاصة مع تداخل أسباب هذه الأخيرة بين الطبيعي والبشري، وهو الأمر الذي يقترح عبد اللطيف التوزاني، الخبير في البيئة والتغيرات المناخية، معالجته عن طريق التأمين على الممتلكات والضيعات الفلاحية بالواحات، ليحصل السكان على تعويضات تمكنهم من استئناف نشاطهم دون الاضطرار إلى الهجرة نحو المدن.

الحرائق حتمية

ويرصد فاعلون أسباب متداخلة لحرائق الواحات، فإلى جانب ارتفاع درجات الحرارة، هناك عوامل بشرية مرتبطة بضعف تنقية النخيل من “الجريد”، ما يوفر أسباب اندلاع الحرائق، بسبب إهمال النخيل نتيجة هجرة مجموعة من الساكنة.

وكشف عبد اللطيف التوزاني، الخبير في مجال البيئة والتغيرات المناخية، أنه بشكل عام، فالموقع الذي يتواجد به المغرب يجعله عرضة للتغيرات المناخية، وليس في الأمر استثناء مقارنة ببلدان المنطقة، ومنها الجزائر وتونس وجنوب إسبانيا وفرنسا، مشيرا إلى أن ارتفاع الحرارة والجفاف ونقص الرطوبة يسبب في اندلاع الحرائق، وهذه الظاهرة التي تعيشها المنطقة معروفة وتم التنبؤ بها منذ 20 سنة.

وأوضح التوازني أنه من المتوقع أن تزداد نسب الحرائق في المستقبل، الأمر الذي يتطلب إجراءات ومخططات للتعامل معها.

وفي تفسيره للأسباب، أكد التوزاني بأن المشكل هو أن الجو أصبح جافا، مع وجود المواد العضوية والنباتات يمكن أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرائق تلقائية، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة وتجاوزها ل40 درجة بالمناطق الصحراوية حيث تتواجد الواحات.

وقد ترتبط الحرائق وفق الخبير نفسه بفعل فاعل، بسبب الإهمال الناتج عن الإنسان أو رمي السجائر في الغابات أو الواحات، وبسبب الرياح ونقص الرطوبة تنتشر الحرائق، وهذه الظاهرة عالمية.

الأولوية للإنسان

ما يجعل حرائق الواحات خطيرة، وفق الحبير نفسه، هو أن ساكنة الواحات يتوقف دخلهم على النشاط الزراعي بهذه الواحات، ولا سيما أشجار النخل المنتجة للتمور التي تعد عمود الاقتصاد بالواحات، ما يمكن أن يسبب بشكل كبير في الهجرة من العالم القروي عامة والواحات خصوصا.

هذا الواقع، وفق الخبير، لا يمكن الهروب منه، لكن يجب التعامل معه من خلال الاحتياطات والبرامج، ويبقى المهم هو أن لا تكون هناك خسائر بشرية، لأن الأشجار يمكن تعويضها بغض النظر عن السنوات ولكن لا يمكن تعويض الإنسان، إذن فالأسبقية يجب أن تكون لتفادي الوفيات، والسلطات تقوم بمجهوداتها في هذا الجانب.

ولتفادي الوفيات يجب على السلطات، وفق عبد اللطيف التوازني في تصريحه ل”مدار21″، أن تقوم بتنقيل الساكنة إلى مكان آمن ساعات قبل حدوثها، لا سيما عندما تشعر بخطر اندلاع الحرائق.

وتابع أن المغرب يمتلك مجموعة من الوسائل لإخماد الحرائق، منها طائرات كنادير المخصصة للإطفاء، ما يخفف من الأضرار، على الأقل ما يتعلق بأرواح الساكنة، ما يجعل حصيلة الوفيات التاتجة عن الحرائق ضعيفة بالمغرب مقارنة بدول أخرى مجاورة مثل الجزائر.

وقال التوزاني أنه يوجد مصلحة الطقس لديهم أجهزة التنبيه ونظام الإنذار المبكر لتوقع ارتفاع الحرارة بمناطق معينة وأخذ الاحتياطات اللازمة، سواء بالنسبة للغابات أو الواحات، وهو ما ينبغي استغلاله.

التأمين هو الحل

الحل وفق الخبير في البيئة والتغيرات المناخية هو القيام بتأمينات للساكنة على الحرائق، خاصة بالواحات، وهذه التأمينات يجب أن تكون مثل التأمينات على المنازل أو السيارات أو غيرها، من خلال تأمين الضيعات الفلاحية بالواحات، حتى يتم تعويض الساكنة في جال ضياع الأشجار والنخيل جراء الحرائق.

هذا الحل وفق المتحدث نفسه يبقى ضروري لأن الحرائق حتمية ولا يمكن الهروب منها، خاصة مع استمرار التغيرات المناخية بالمنطقة التي يتواجد بها المغرب، وبالتالي فالتأمين هو الحل ليتم على الأقل تعويض الساكنة بالواحات والعالم القروي، خاصة مع استحضار أن نشاطها الأساسي ودخلها مرتبط بالضيعة مما يشكل تهديدا كبيرا حال ضياعها بسبب الحرائق.

وأورد التوزاني أن ضياع ممتلكات الناس في الواحات سيسبب في تفاقم ظاهرة الهجرة، وسيصبح المجتمع أمام مشاكل أخرى، لكن في حال تعويض الساكنة المتضرر من الممكن أن تستأنف نشاطها من جديد.

النخيل.. أساس الواحات

وتعد أشجار النخيل أساس تواجد الواحات، إذ يتمركز النشاط الاقتصادي للواحات أساسا حولها، مما يخلق صعوبات كبيرة في حال ضياعها بفعل الحرائق، ذلك أن أشجار النخيل تستغرق سنوات طويلة لتصل إلى مرحلة إنتاج التمور، قد تصل إلى 10 أعوام.

وحققت أشجار النخيل، وفق معطيات رسمية، عائدا بلغ مليارا و965 مليون درهم خلال الفترة بين 2015 و2018. ويعتبر المغرب، المنتج الثاني عشر للتمر عالميا، وتغطي أشجار النخيل 59 ألفا و640 هكتارا، أي ما يعادل 6.9 ملايين نخلة، تنتج 117 ألف طن من التمر سنويا.

وتعكس هذه المعطيات الحاجة الملحة لاستنفار جميع المصالح للقيام بالخطوات اللازمة لحماية الواحات من مخاطر الحرائق، ذلك أنها تشكل مساهمة اقتصادية مهمة إلى جانب مكانتها الحضارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News