سياسة

تصريحات الريسوني تُغضب الموريتانيين.. خبير: الجزائر تصبّ الزيت على النار

تصريحات الريسوني تُغضب الموريتانيين.. خبير: الجزائر تصبّ الزيت على النار

أثارت تصريحات أحمد الريسوني رئيس اتحاد العلماء المسلمين، وصف فيها تخلي المغرب عن موريتانيا بـ”الخطأ التاريخي” غضب نشطاء موريتانيين، الذين رأوا فيها اعتداء غير مقبول على وحدة بلادهم الترابية، بينما دخلت الجزائر على الخط، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي التي طالبت بإقالة الريسوني من رئاسة اتحاد العلماء المسلمين.

وكان الريسوني قد قال في مقابلة مع موقع “بلانكا بريس” إن “وجود ما يسمى بموريتانيا غلط”، وإن “قضية الصحراء صناعة استعمارية”. ورغم أن موريتانيا لم تعلق بشكل رسمي على تصريحات الريسوني، فإن وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد ثار فيها جدل كبير بشأن ما أدلى به رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

مطالب بإقالة الريسوني

وقالت حركة مجتمع السلم، التي تمثل أكبر حزب معارض في البرلمان، إنها تابعت بـ”كل استغراب ودهشة الخرجة الإعلامية للدكتور أحمد الريسوني، والتي تحدث فيها عن استعداد الشعب والعلماء والدعاة في المغرب للجهاد بالمال والنفس والزحف بالملايين إلى تندوف الجزائرية، كما تطاول فيها أيضا على دولة بأكملها، وهي موريتانيا”.

ووصفت الحركة التي يقودها عبد الرزاق مقري ما بدر عن الريسوني بـ”السقطة الخطيرة والمدوية من عالمٍ من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلىالجهاد بالمال والنفس”.
وذكرت أن “الريسوني يتحمل مسؤولية تبعات تصريحه هذا”.

علماء المسلمين تنأى بنفسها

وفي توضيح، لرابطة العلماء المسلمين، نشر عبر موقعه الرسمي، جاء فيه “إن دستور الاتحاد العالمي لعلماء ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق، والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد”، “وبناء على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات لسماحة الرئيس، أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد”.

وأضافت الرابطة: أن ما تفضل به فضيلة العلامة الريسوني في هذه المقابلة أو في غيرها حول الصحراء هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد.

وأكدت أن “من المبادئ الثابتة في الاتحاد أنه يقف دائماً مع أمته الإسلامية للنهوض بها، وأن دوره دور الناصح الأمين مع جميع الدول والشعوب الإسلامية، ولا يريد إلا الخير لأمته، والصلح والمصالحة الشاملة، وحل جميع نزاعاتها ومشاكلها بالحوار البناء، والتعاون الصادق”.

وتعلقيا على على الجدل الذي أثارته تصريحات الريسوني، قال المحلل السياسي والخبير في شؤون الصحراء أحمد نور الدين، إن ما وصفه بـ ” اللغط الإعلامي” الذي أثير من جهات معلومة حول تصريحات الريسوني التي كان قد قدمها في أحد حواراته الصحفية منذ 29 يوليوز 2022، جاء بعد 15 يوما من تقديم هذا الحوار وجاءت من قبل أحزاب ومنابر إعلامية محسوبة على العكسر الجزائري، التي حاولت استغلال هذه التصريحات من أجل تسميم الأجواء بين المغرب والشقيقية موريتانيا.

الجزائر تصب الزيت على النار  

وسجل نور الدين، على أنه “لا الإخوة الموريتانيون ولا المغاربة اعتبروا ما قاله الأستاذ العلامة الريسوني، إهانة لأي جهة، لأنه يتحدث بمنطق التاريخ، لأنه كما يقول المغاربة، الذي يدخل بين الظفر واللحم هي المواقع الجزائرية التي تندرج في إطار الاستراتيجية الجزائرية الرامية إلى تسميم العلاقات المغربية مع دول العالم و ليس فقط مع موريتانيا وبالخصوص مع جيرانه سواء اسبانيا على غرار ما وقع مع موريتانيا التي لا تفوت الجزائر مناسبة لمحاولة دّق الإسفين في العلاقات بين الرباط ونواكشط إلا واقتنصتها.

وقال الخبير في شؤون الصحراء، إن هذه الحملة التي تستهدف الريسوني، تندرج في إطار الاستراتيجية الجزائرية لتسميم العلاقات بين البلدين وأشار إلى أن الموريتانيين لم يلتفتوا إلى تصريحات الريسوني حتى بدأت المواقع الجزائرية في صب الزيت على النار.

وعلى عكس ما ذهب إليه البعض في محاولة لقراءة تصريحات الريسوني، بأنها مسيئة إلى موريتانيا و تستهدف وحدتها الترابية، يرى نور الدين أن ما ورد على لسان الريسوني ليس فيه أي إساءة للموريتانيين ولا لغيرهم لأن الخطاب موجه إلى المغاربة، حيث يؤكد الريسوني بأن المملكة أخطأت حينما تخلت عن موريتنا، وهي وقائع تاريخية لا يمكن القفز عليها ولا إنكارها.

حقائق تاريخية حول الصحراء

وأوضح نور الدين، أنه عندما نتحدث عن الدولة المرابطية التي كانت تحكم من طنجة إلى ليبيا وإلى جبال البرانيس وإلى غانا هذا تاريخ، وحينما نتحدث على أن جزءا كبيرا من النخبة السياسية الموريتنانية التي كانت تطالب بخروج الاسستعمار الفرنسي كانت ترغب في عودتها إلى حضن الوطن الأم، هذا تاريخ.
وتابع، وحينما نتحدث عن الوزير حرمة ولد بابانا الذي كان وزيرا في حكومات المغرب بداية الاستقلال وأحد كبار الوطنيين في بلاد شنقيط قبل أن تسمى موريتانيا وعن الأمير فال ولد عمير الذي يسمى به أحد أكبر شوارع العاصمة الرباط، والذي كان أميرا للترارزة وهو جزء كبير من مكونات الشعب الموريتاني وغيرهم كثير من الوطنيين الذين قادوا فعلا حركة التحرر في موريتانيا ضد الاستعمار وكانوا يعتبرون أنفسهم مغاربة وبلاد شنقيط جزء من المملكة..
وأضاف أنه يمكن في هذا الباب العودة إلى الأشرطة الوثائقية المسجلة سواء في الأرشيف الفرنسي، أو التي استعادتها بعض القنوات العربية المشهورة، مردفا و”سترى التظاهرات في بلاد شنقيط التي كانت ترفع الرايات المغربية تعبيرا عن انتمائها للمملكة المغربية، هذه وقائع تاريخية مسجلة، وحينما نتحدث عن التاريخ لا يمكن أن نقفز على حقائقه لإرضاء السياسة”.
وأكد نور الدين، أن الأستاذ الريسوني لم يقل أنه يجب أن نلغي موريتانيا أوأنه ينبغي أن نسترجعها وأو نضمها بالقوة أو انه ينفي وجودها وإنما قال بأن المغرب أخطأ حينما قبل بالأمر الواقع وهو الكلام الذي لم يوجه للموريتانيين، لأن المغرب أخطأ حينها في القبول بالأمر الواقع الذي فرضته فرنسا الاستعمارية بالقوة، اي أن المغرب أخطأ حين لم يستمر في مواجهة فرنسا من أجل استعادة بلاد شنقيط التي ستصبح موريتانيا.”

واسترسل، “التاريخ سجل انه مثل ما كان لدينا جيش التحرير المغربي يقاوم في الصحراء المغربية وحصار الجيش الاسباني في مدينة العيون، ومعرفة ايكوفيونالشهيرة شاهدة على ذلك، ، كان لدينا أيضا جيش التحرير المغربي يقاتل في موريتانيا وهي حقائق تاريخية لا سبيل لانكارها.” ، مضيفا ” وبالتالي عندما يتحدث الريسوني في هذا الموضوع فإن كلامه علمي مسنود بحقائق تاريخية ولاعلاقة له اليوم بالسياسة وتفاعلاتها وباستقلال موريتانيا، ولا ينقص من موريتانيا في شيء”.

واعتبر نور الدين، أنه “إذا قرأنا بنفس موضوعي ما قاله الريسوني فمعناه ومضمونه يصب في عكس ما تريده الدعاية الجزائرية المغرضة التي أشعلت نار الفتنة،، حيث نجد العلامة والفقيه الريسوني عبر عن وشائج الارتباط بالموريتانيين وأننا شعب واحد وهذا يدخل في صميم القبعة التي يرتديها بوصفه أحد أبرز العلماء المسلمين الذين يدعون إلى وحدة المسلمين والانتماء إلى الأمة الواحدة.

وأشار نورالدين إلى أن حديث الريسوني جاء في معرض تأسفه وتألمه لهذه الفرقة التي وقعت بين أطراف جسد واحد وهي من باب الأخوة والتودد للأشقاء الموريتانيين بأننا شعب واحد ونتألم لهذا الانفصال الذي وقع بين البلدين.

وشدد على أن الريسوني لا يسب لا موريتانيا و لا تاريخها ولا يمكن قراءة تصريحاته، على أنه محاولة لخلق البلبلة بين العلاقات المغربية الموريتانية، بل العكس تماما هو الحاصل، هي رسالة محبة ووحدة التاريخ والمصير، لأننا عندما نقول بأن المغرب أخطأ في موقفه التاريخي حينما تنازل عن كفاحه واستماتته في الدفاع على أنها جزء من بلاد المغرب، فإن الريسوني يتحدث عن الارتباط بالموريتانيين وبهذا الحب الذي يكنه المغاربة لأشقائهم في بلاد شنقيط بالنظر إلى الانتماء للتاريخ المشترك بين الشعبين.

السقوط في فخ الجزائر   

وأكد الخبير في شؤون الصحراء، أن المغرب غير مطالب بالتعبير عن موقف رسمي إزاء تصريحات الريسوني، اللهم إذا صدر عن الجانب الموريتاني موقف رسمي بهذا الشأن، آنذاك يتعين على الخارجية المغربية، أن ترد ببيان تؤكد فيه بأن الريسوني لا يمثل أي جهة رسمية بالمغرب وبالتالي كلامه يخصه و لايمثل الموقف الرسمي للمملكة.

وسجل أنه يتعين الإشارة، إلى أن الريسوني، محسوب على المعارضة أكثر من كونه قريبا من السلطة على خلاف ما يورج النظام الجزئري، وما قاله الريسوني لا يحتمل أي تأويل سلبي بل هو تشبث بالتاريخ المشترك بين البلدين، لافتا إلى احتمال أن يكون الموريتانيون قد وقعوا في الفخ الذي تسعى إليه الجزائر التي يغيضها نجاح سياسية حسن الجوار بين المملكة وجيرانها.

ولفت إلى أن تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي بين المغرب موريتانيا خلال الآونة الأخيرة، يغيض الجزائر، خاصة أن أكبر نسبة من المبادلات التجارية لموريتانيا مع الدول العربية تتم مع المغرب، ومعلوم أن أغلب الخضر والفواكه تذهب من جهة سوس نحو أسواق نواكشط، حيث أوشكت هذه الأسواق على الاختناق إبان أزمة الكركرات.

ويرى نور الدين، أن الخارجية غير مطلوب بل وغير مرغوب منها أن ترد على الريسوني باعتباره شخصية مستقلة محسوبة على المعارضة وسبق له أن قدم استقالته من حركة التوحيد الإصلاح المقربة من حزب العدالة والتنمية على خلفية موقفه من إمارة المؤمنين، إلى جانب أن كلام الريسوني يمجد التاريخ المشترك بين المغرب وموريتانيا وليس فيه أي تهجم لا على موريتانيا وعلى استقلاليها و لا تشكيك في وجودها.

وأكد الخبير في القضايا الدولية، على أنه يتعين إزاء ذلك، أن تهيب الخارجية المغربية بالأشقاء المورتيانيين بأن يتفطونوا إلى أن هذه الفتنة وأن هذا الفخ قد نصبته بإحكام المخابرات والنظام العسكري الجزائري لضرب العلاقات الأخوية وحسن الجوار والعلاقات الاقتصادية والثقافية التي تربط بين البلدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News