مجتمع

قادمون من الجزائر.. مهاجرون يروون تفاصيل “أكبر عملية” محاولة اقتحام لمليلية

قادمون من الجزائر.. مهاجرون يروون تفاصيل “أكبر عملية” محاولة اقتحام لمليلية

لا يرى الشاب السوداني محجوب عبد الله أي سبيل “للعيش بعزة وكرامة” سوى في العبور إلى أوروبا مصرا على تكرار المحاولة بعد فشله قبل يومين في تسلق السياج الشائك المحيط بجيب مليلية الإسباني المحتل شمال المغرب.

كان محجوب (22 عاما)، وهو من دارفور غرب السودان، من ضمن نحو 2500 مهاجر حاولوا اقتحام السياج العالي المحيط بالمدينة، بعدما تعب من “العيش 3 أشهر في الغابة تحت المطر في ظروف لا تتحملها حتى الحيوانات”، لكنه لم يَجنِ من هذه المحاولة سوى إصابة في قدمه اليمنى.

غادر الشاب طويل القامة صباح الجمعة مع مهاجرين سودانيين وتشاديين كنيسة وسط مدينة الناظور، حيث تمكنوا من الاستحمام والاستراحة، بعد مغامرة مُضنية قطعوا خلالها كيلومترات عديدة وسط الجبال قبل محاولة اعتلاء السياج الحدودي البالغ طوله 12 كيلومترا.

ويقولون إنهم يعتزمون الآن “الانسحاب” إلى مدن أخرى على أمل مزاولة أعمال هامشية لجني بعض المال، قبل العودة إلى مخابئهم في غابات جبل كوروكو المُطل على مليلية، المحاذية لمدينة الناظور، وتكرار المحاولة.

في حين كانت مجموعة صغيرة من مهاجرين آخرين تسير في مسالك جبل كوروكو الوعرة صباح أمس الجمعة وسط رياح شديدة وبرد قارس، في طريق العودة بعد محاولة جديدة يائسة نفذها نحو ألف مهاجر لم يتمكنوا من العبور إلى “الفردوس الأوروبي”.

عند سفح الجبل، تنتشر فرق مختلفة من قوات الأمن المغربية على طول السياج الحدودي الذي يفصل مليلية عن بلدة بني أنصار على بعد 12 كيلومترا من الناظور، تحت أنظار بعض الفضوليين من سكان البلدة، في أجواء هدوء حذر.

يشكل جيبا مليلية وسبتة شمال المغرب، الحدود البرية الوحيدة لأوروبا مع إفريقيا. وشهدت المنطقة صباح الأربعاء الماضي محاولة عبور “هي الأكبر حتى الآن” بحسب الإدارة المحلية لمليلية. وقد أعقبتها محاولة جديدة صباح الخميس المنصرم لنحو 380 مهاجرا، قبل أن يعود الهدوء إلى المنطقة ليلا.

يحيط بالمدينتين سياج من ثلاثة مستويات بأسلاك شائكة، يصل ارتفاعه في بعض المواقع إلى عشرة أمتار، ونصبت عليه كاميرات مراقبة. لكن مخاطر الإصابة بجروح لا تمنع المهاجرين القادمين في الغالب من إفريقيا جنوب الصحراء، ومن المغرب كذلك، من التدفق باتجاه المدينتين من حين لآخر.

منذ وصوله إلى المغرب قبل ثمانية أشهر، حاول المهاجر السوداني أحمد محمد (17 عاما) العبور عدة مرات إلى مليلية وأيضا إلى سبتة، آخرها صباح الأربعاء الماضي. لكن محاولاته باءت بالفشل كما يقول، وأبعدته قوات الأمن إلى مدن بعيدة مثل الدار البيضاء وآسفي.

رغم ذلك، ما زال الشاب مصرا على “تحقيق حمله”، كما يضيف: “لدي هدف ضروري أن أحققه، لا أمل لي في بلدي. كنت أدرس لكن الظروف فرضت علي المغادرة لأعمل، فلم أجد عملا”.

مثل جلّ رفاقه، وصل محمد إلى المغرب بعد رحلة طويلة عبر الحدود الشرقية مع الجزائر، لكنه يتحفظ عن ذكر أي تفاصيل عن ذلك.

بدورها عَبَرَت شابة تشادية (17 عاما)، فضلت عدم ذكر اسمها، من نفس الطريق (الجزائر) قبل أربعة أشهر. لم تتمكن المهاجرة، التي تغطي رأسها بقبعة صوفية سوداء لا تظهر سوى وشوم صغيرة على جبينها، من المشاركة في محاولة العبور الأخيرة. لكنها تؤكد إصرارها على العبور.

وتقول بتأثر مخاطبة الأوروبيين: “افتحوا لنا الطريق، ساعدونا. لقد تعبنا من المطاردات والنوم في العراء والتحرش. بيننا أيضا أطفال صغار”.

من جانبه، يضيف محجوب “أنا مشرد منذ عام 2011 بسبب الحرب في دارفور، لا أعرف أين والدي وإخوتي، عَمِلتُ حدّادا في المغرب لكن لم أحصل على أوراق إقامة. لو استطعت العيش بعزة وكرامة في بلدي لما جئت إلى هنا”.

قبل أن يسارع أفراد المجموعة الصغيرة الخطى للانتشار في أزقة المدينة تحسبا لأن يتم توقيفهم، شكا هؤلاء المهاجرون من تعرضهم “للعنف” من طرف قوات الأمن المغربية والإسبانية على السواء، واستبعدوا معاودة المحاولة حاليا “لأننا تعبنا والكثيرون أصيبوا بجروح”، حيث يُنفّذون عادة محاولات تسلق السياجات جماعيا.

في حين أكد مسؤولون إسبان أن محاولتي العبور الأربعاء والخميس اتسمتا بمستوى غير عادي من العنف، وتطلبت استدعاء تعزيزات أمنية نُشرت على طول الحدود، أكد الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، الخميس الماضي أن المغرب “يقوم بعمل جبار لمراقبة الحدود”، مشددا على أن المملكة المغربية تنهج مقاربة إنسانية في ملف الهجرة أخذا بعين الاعتبار أن المغرب ليس فقط بلد عبور، ولكن أيضا بلد استقبال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News