سياسة

ملف.. هل تدفع حكومة أخنوش ثمن تحرير بنكيران لأسعار المحروقات؟

ملف.. هل تدفع حكومة أخنوش ثمن تحرير بنكيران لأسعار المحروقات؟

لا حديث في الشارع المغربي منذ أسابيع سوى عن لهيب أسعار المحروقات الذي أحرق جيب المواطن، واستنفر المهنيين ممّن وصفوه بـ “الصاروخي”، وأخرج الأحزاب السياسية من جبّ الصمت إلى بلاغات التنديد لمطالبة الحكومة بضرورة التدخل الفوري من أجل وقف زحف هذا الارتفاع الذي امتد إلى المواد الاستهلاكية للمغاربة.

وأعاد هذا الارتفاع الذي تشهده سوق “الغازوال” في المغرب، والذي يأتي في سياق صعب يتّسم أساسا بتداعيات الجائحة على الاقتصاد الوطني، (أعاد) إلى الأذهان قرار تحرير أسعار المحروقات الذي أقرته حكومة عبد الإله بنكيران وخلّف نقاشا كبيرا وقتها عندما انتقد عدد من الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات الحكومية؛ على رأسها مجلس المنافسة، هذا الإجراء الأخير اعتبره “خطأ فادحا”،يُخضع سعر المحروقات، الذي كان قبل فاتح يونيو 2012 لمجموعة من الضوابط المحددة، إلى مزاجية الشركات المُشرفة على محطات توزيع الوقود.

مجلس المنافسة.. قرار “من الخيمة خرج مايل”

وكان مجلس المنافسة، قد خرج في رأيٍ له بشأن طلبِ “حكومة سعد الدين العثماني”، أكد فيه مجانبة قرار تقنين أسعار المحروقات للصواب، مشددا على أنَّه “قدْ تمَّ تجريبُ هذا التدبير ما بين دجنبر 2014 ودجنبر 2015 ولم يفض إلى النتائج المرجوّة، لأن المتدخلين يعتمدون عادة الأسعار القصوى المحددة دون بذل مجهودات لتخفيض الأسعار، حيث يتحوّل السعر الأقصى تلقائيا إلى سعر أدنى”.

وأكد مجلس المنافسة أنه من بَيْنِ الأخطاء التي وقعَت فيها حكومة بنكيران في قرار تحرير أسعار المحروقات هي اتخاذ قرار التحرير الكلي، مع معرفتها مسبقا بأن السوق سيفقد شركة التكرير الوطنية الوحيدة التي كانت تلعبُ دورا جوهريا على مستوى المحافظة على التوازنات التنافسية، وعلى صعيد تموين السوق والتخزين.

وأشارت المؤسسة الدستورية، في رصدها لهفوات حكومة الإسلاميين الأولى إلى أنَّ “الحكومة قامت بالتحرير دون اهتمام مسبق بالمكوّنات الرئيسة للنظام التنافسي، أي وجود حواجز قوية أمام ولوج السوق في مختلف مستوياته، ومستوى مرتفع للتركيز الاقتصادي في القطاع، وبنية احتكارية لبعض الأسواق، واحتكار القلة بالنسبة للأسواق الأخرى”.

واعتبرت المؤسسة الدستورية أن حكومة بنكيران اتخذتْ قرار التحرير الكلي لأسعار المحروقات “دون إقرار تدابير مواكبة لحماية المستهلكين ومكوّنات القطاع الأكثر هشاشة، وذلك في الوقت الذي أوصى فيه المجلس الأعلى للحسابات الحكومة بالحفاظ على مراقبة الأسعار في حالة إعادة هيكلة صندوق المقاصة”.

وأبرز مجلس المنافسة أن “التدخل الوحيد في أثمنة وهوامش ربح الموزعين بالجملة والتقسيط لن يغيّر من واقع الأسعار، ولن يؤدي بالموازاة إلى حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية”، لذا، وحسب مجلس المنافسة، فإن “السؤال الحقيقي لا يكمنُ في تسقيف الهوامش، ولكن في تحديد إجراءات مواكبة لفائدة القطاعات والفئات الاجتماعية التي ستتضرّر أكثر من الارتفاعات غير المتوقعة لأسعار المحروقات”.

بداية الحكاية وقصة القرار

رأيُ مجلس المنافسة المُنتقدِ لقرار تحرير أسعار المحروقات، كان قد أغضب رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، وأخرجه قبل سنة 2019، عن صمته وعزلته السياسية، ليهاجم هو الآخر مجلس المنافسة الذي كان يرأسه ادريس الكراوي وقتها، معتبرا أن المؤسسة الدستورية غير مخوّل لها مناقشة قرارات الدولة، وأنها وجب أن تكتفي بمناقشة أسعار المحروقات فقط دونما تطفل على اختصاصات الحكومة التي تُسيّر الشأن العام متهما رئيس المجلس في نفس الوقت بـ”الانحياز”.

وترجع بداية القصة إلى “حكومة بنكيران” التي تعهّدت؛ عند اتخاد قرار رفع دعم الدولة عن قطاع المحروقات، بتوفير الدعم لصالح الطبقة الفقيرة، لتبدأ ما أسماه وقتها بـ”الإصلاحات” على نظام المقايسة الذي يربط سعر النفط في السوق العالمي بسعر الاستهلاك في السوق الوطنية، وسجّل وقتها سعر اللتر من الغازوال ارتفاعا بدرهم وزاد سعر اللتر من البنزين درهمين، وعادت الحكومة في 2013 إلى تحديد دعم الدولة للترٍ من الغازوال في درهمين ودعم لتر من البنزين في 80 سنتيما.

وفي 2014 تراجعت الحكومة عن دعم البنزين، فيما خفض دعم الغازوال، قبل أن يتم في 2015 القطع مع نظام المقايسة وبالتالي رفع الدعم النهائي عن الغازوال، وصار سوق المحروقات محررا بالكامل والدولة لم يعد بإمكانها التدخل لتحديد سعر الغازوال والبنزين أو إجبار موزعي النفط والمحروقات على الالتزام بسعر محدد، وهو ما يجعل السعر الحالي خاضع لـ”مزاجية” لوبيات المحروقات المتحكمة في القطاع، خاصة بعد فشل حكومة الإسلاميين في نسختها الثانية في تطبيق تسقيف الأسعار من خلال فرض سعر أقصى لا يمكن للشركات تجاوز البيع به.

بين التبخيس والطمأنة.. الحكومة تستنفر

منذ أسابيع، ارتفع منسوب الاحتقان والقلق لدى المواطنين نتيجة للارتفاع المطرد في سعر المحروقات، إذ انتقل ثمن “الغازوال”، الذي لم يكن يتعدّى سقف 8 دراهم، إلى حدود 11 درهما، بينما تجاوَز البنزين 12 درهما ونصف، وهو ما تربطه الحكومة الحالية بالظرفية العالمية. فبحسب الوزير المنتدب بوزارة الاقتصاد المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، فإن أسعار البترول دوليا وصلت اليوم إلى 97 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ 2014.

وأوضح فوزي لقجع، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا انعقاد مجلس الحكومة، الخميس الماضي، أنه “بطبيعة الحال هناك علاقة جدلية بين أسعار الغاز والسوبر والبرنت، وهذا له تأثير مباشر على الأسعار”، مشيرا إلى أن أسعار الغاز وصلت إلى 781 دولارا للطن، والسوبر إلى 851 دولارا للطن.

وعزا الوزير أسباب هذا الارتفاع للطلب المتزايد على المحروقات نظرا للانتعاش الاقتصادي وإغلاق العديد من وحدات الإنتاج، ثم التوترات الجيوساسية، متعهدا بأن الدولة ستسخر كل الإمكانات كي تضرب بقوة أيدي المضاربين في الأسعار، خاصة ونحن على أبواب رمضان.

من جانبها، بخّست ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، من “هول” تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، مشددة على أن حالة التذبذب التي تشهدها السوق الوطنية والدولية هي فقط “آنية”.

وترى بنعلي أن اعتبار لهيب أسعار المحروقات في السوق الوطنية “مهول” هو فقط تهويل إعلامي لوضع “آني” لا تأثير له على القدرة الشرائية للمواطنين، لسببين الأول مرتبط بكون الاستهلاك الوطني للمواد البترولية لا يتجاوز 30 بالمئة من البوتان و50 بالمئة من الغازوال.

وأشارت المسؤولة الحكومية في تصريح للقناة الأولى، إلى أن البوتان لا يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وإنما ميزانية الدولة كون اعتمادات صندوق المقاصة أكثر من 16 مليار درهم في السنة، فيما الغازوال يستهلك في قطاعين بالخصوص هما توريد الكهرباء ونقل السلع.

وشدّدت المتحدثة على أن أسعار الغازوال لديها “تأثير غير مباشر على القدرة الشرائية والتضخم” مشيرة إلى أن “التأثير الملحوظ على القدرة الشرائية والنقل يجب أن يرتكز على عامل الارتفاع الهيكلي لأسعار النفط وليس الآني، على غرار سنة 2008 حيث شهدت دول العالم ارتفاعا في أسعار النفط وصل 140 دولار قبل أن ينهار إلى أقل من 30 دولار في شهرين”.

ونبّهت المسؤولة الحكومية إلى أن المعطيات المتوفرة اليوم، تذهب إلى كون تركيبة أسعار النفط والغازوال تُبين جليّا أنه يوجد تذبذب آني وليس آنية الارتفاع الهيكلي، وهذا راجع بحسب المتحدثة إلى “ضعف الاستثمارات في السلسلة القبلية والضغط على سلاسل الإنتاج والتوزيع وهو ما يتسبب في تضخم مهول في الدول المستهلكة الكبرى على غرار الولايات المتحدة (7 بالمئة)، وينعكس كذلك على السياسات النقدية للدول المستهلكة”.

واعتبرت المتحدثة، أن العوامل الجيوسياسية المتوفرة حاليا تذهب إلى أن سوق المحروقات الدولية والوطنية من الممكن أن تُؤثر على الطلب على النفط وبالتالي حدوث خفض في الأسعار.

الخراطي: قرار بنكيران صائب والحكومة مطالبة باللجوء إلى المادة 4

بيد أن رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، يرى أن تصريحات بنعلي “مغلوطة ومجانبة للصواب”، مشددّا على أن ارتفاع أسعار المحروقات له تأثير مباشر على أسعار المواد الأساسية على عكس ما قالته وزيرة الانتقال الطاقي، ليلى بنعلي.

واعتبر المتحدث في تصريح لـ”مدار21″، أن خرجة المسؤولة الحكومية تضمنت معلومات “مغلوطة” بخصوص عدم تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، موردا بهذا الخصوص أن “المواد الفلاحية تُنتج وتُنقل وتُوزع بالطاقة، وبالتالي تكلفة الطاقة (المحروقات) إذا ارتفعت يرتفع سعر المنتوج، وأيضا وسائل النقل سترفع الأسعار”.

والدليل على ذلك، بحسب الخراطي، هو أنه؛ على الصعيد العالمي، من أسباب غلاء الأسعار هو ارتافع أثمنة النقل بالحاويات  لأن السفن التجارية لنقل البضائع رفعت السعر.

وفي رده عن سؤال يهُم مدى نجاعة قرار تحرير أسعار المحروقات في الظرفية الحالية ومدى تأثيره على جيب المواطن، قال رئيس جمعية حماية المستهلك، إن “التحرير كان مفهوما وإيجابيا، ولكن كيفية اتخاد القرار كان فيها خلل”، موضحا “لأنه على سبيل الذكر، مجال شركات الاتصالات، في البداية كان سعر المكالمات مرتفعا لكن بعد تحرير القطاع وفتح المجال أمام شركات أخرى انخفض السعر، كذلك في قطاع السمعي البصري، بعد تحريره تعددت الشركات وتحسنت الجودة…”.

ويرى الخراطي أن الخلل في ارتفاع أسعار المحروقات كان في تحرير القطاع دون وضع آلية ضبط، ما جعل الفوضى السائدة في القطاع، وهذا ما جعل الأسعار ترتفع، مضيفا: “لكن الأسعار مرتفعة لأنها خاضعة أيضا للسوق العالمي، وما يحز في النفس هو عندما تنخفض على المستوى العالمي لا تنخفض في المغرب.”

وأشار المتحدث، إلى أن الدولة تأخذ 45 في المئة من سعر المحروقات، ذلك أن “البنزين مثلا يصل إلى المغرب تقريبا بـ6 دراهم ويباع الآن بـ11 أو 12 درهما، زائد درهم ونصف الخاصة بالشركات، فما تبقى تأخذه الدولة، لهذا نحن كجمعية مغربية لحماية المستهلك طلبنا من الدولة أن تخفّض الضريبة على القيمة المضافة بـ50 في المئة وأن جميع الزيادات التي أُقرّت في قانون المالية يجب حذفها”.

وحول وصفة القفز بسلام فوق موجة ارتفاع الأسعار الحالية، دعا الخراطي الحكومة إلى “اللجوء إلى المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، التي تنص على اتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية” مردفا: “من حق الدولة أن تحدد أسعار المواد الأساسية في هذه الظرفية”.

وزاد المتحدث: “اليوم لا يمكن تسقيف أسعار المحروقات، لأنه بتحرير السوق لم يعد هذا الأمر ممكنا لأن السوق حر، الآن نحن أمام حالة استثنائية بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار ما يخوّل تطبيق المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، والدولة عليها أن تخفض الضرائب التي تصل إلى 45 في المئة”.

بوحاميدي: “بنكيران دار خير فالمغاربة.. قراره صائب”

ويتّفق الخبير في مجال الطاقات المتجددة والحلول التكنولوجية للتنمية المستدامة، محمد بوحاميدي، مع الخراطي في نقطة تثمين قرار حكومة بنكيران القاضي بتحرير سوق المحروقات.

ودافع بوحاميدي في تصريح لـ”مدار21″ عن نجاعة قرار تحرير أسعار المحروقات الذي اتخده رئيس الحكومة السابق، مشددا على أن “بنكيران لم يفعل عدا الخير في المغاربة، لأنه عندما كانت المحروقات مدعمة، وبالأخص الغاز، كانت هناك تحايلات.. هناك من يبيع 1000 لتر ويصرّح بأنه باع 10 آلاف لتر من أجل الحصول على أموال الدعم فقط، ويكتفي بها، لأن حتى طُرق منح الدعم لم تكن تتم بالطرق اللازمة، فقد كان يكفي ملء ورقة وإرسالها لصندوق الدعم للحصول عليه، وهو ما دفع حكومة بنكيران لإنهاء دعم المحروقات”.

ويرى المتحدث أن “تحرير استيراد المحروقات، يمنح الحق لمن يريد استيراد المحروقات حتى لا يبقى متمركزا بيد لوبي، لأن التحرير سينتج تنافسية في أثمنة البيع، لذلك فالتحرير يجب أن يكون بشكل كلي، وليس تحريره وتركه بيد شخص واحد أو اثنين”.

ولفت بوحاميدي إلى أنه يجب تتبع كرونولوجيا ارتفاع أسعار المحروقات، باعتبارها تابعة للسوق العالمية، لفهم مسببات هذا الارتفاع الصاروخي، مشددا على أن ذلك “يتأثر بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تضغط على ‘الأوبيك’ المُتحكمة في بورصة المحروقات.

وأبرز المتحدث أنه في حقبة الرئيس السابق، دونالد ترامب، كانت سياسة أمريكا مرتكزة على التخزين في وقت خفّضت الأسعارلكن الآن، “بعدما وصلت مخزوناتها (أمريكا) إلى مستويات عالية، رُفعت الأسعار من أجل بيع تتجاوز بأضعاف سعر الشراء”.

وأردف المتخصص في الطاقة أنه “حتى في الولايات المتحدة، اليوم هناك احتجاجات بسبب رفع أسعار المحروقات، رغم أن ‘الغالون’ هناك أرخص من السوق المغربي، لأن الغالون يساوي 4 لترات ونصف ويباع تقريبا بأربع دولارات، أي أن اللتر الواحد يباع بقرابة 7 إلى 8 دراهم مغربية فقط”.

وزاد المتحدث أن من مسببات هذا الارتفاع كذلك أنه في فصل الشتاء دائما يرتفع الطلب بسبب التدفئة، سيما في أوروبا، لأن ذروة الاستهلاك تكون عند انخفاض درجات الحرارة.

اليماني: حكومة بنكيران تتحمّل المسؤولية وأخنوش مطالب بالتراجع عن القرار

من جانبه، أرجع الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أسباب ارتفاع أسعار الغازوال لثلاث عوامل أساسية، مشددا على أن حكومة بنكيران أخطأت في تحرير أسعار المحروقات ما بات يهدد جيب المواطن بشكل مباشر.

ويتمثل العامل الأول في الغلاء بحسب اليماني في السعر الدولي للنفط الخام الناجم عن التعافي الاقتصادي من تداعيات أزمة كورونا، وأيضا بسبب التهديدات بين روسيا وأوكرانيا، وأيضا الضغط الذي يشهده الطلب على الغاز الذي أدى إلى الضغط على أسعار البترول.

وأورد المتحدث في تصريح لـ “مدار21″، أن العامل الثاني يتثمل في كون المغرب كان يدعم المحروقات للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين بهدف التصدي لمثل هذه الظواهر التي نعيشها اليوم، غير أن حكومة ابن كيران في بدايتها حتى 2015 حذفت الدعم على الغازوال والبنزين.

أما العامل الثالث فيتمثل، بحسب المتحدث، في أن أسعار المحروقات كانت منظمة وأثمنة البيع للعموم كانت محددة من طرف السلطات العمومية، إلا أن حكومة ابن كيران في نهاية 2015 وبداية 2016 اتخذت القرار الثاني بتحرير الأسعار، بمعنى أن الموزعين أصبحوا من يحدد الأسعار.

ولم يستبعد اليماني استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في الأسابيع المقبلة، وقال: “اليوم الأسعار بلغت 11 درهما للتر، تتكون من 3.5 ضريبة و1.5 درهم الخاصة بأرباح الموزعين، ثم 6 دراهم الخاصة بالسعر الدولي.. والأسعار آخذة في الارتفاع، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن فسعر الغازوال سيصل إلى 15 درهما”.

وردا عن سؤال يهم سبل تجاوز هذه الأزمة التي باتت تهدد القدرة الشرائية للمغاربة، قال اليماني: “السؤال الآن هو كيف نوقف كل هذا؟ هل نوقف الاعتماد على البترول ونستعمل شيئا آخر؟ هذا لا يمكن لأن البترول شر لا بد منه، على الأقل في ثلاثة عقود المقبلة رغم الحديث الحالي عن الانتقال الطاقي”.

وشدّد المتحدث على أن “المغرب يجب أن يدخل في ما يسمى بالحلول العاجلة والمتوسطة والطويلة المدى”، موضحا “بمعنى يجب أن نعود لتشجيع التنقيب والبحث عن البترول الخام بالمغرب، وثانيا الرجوع لتحريك محطة تكرير البترول في المحمدية، وربما يجب أن نبني واحدة أخرى، لأنه المصفاة تشتغل كواقي من ارتفاع الأسعار الدولية. وكمثال لو أننا اشترينا البترول بأثمنة منخفضة الشهر الماضي لكنا نبيعه الآن بثمن منخفض أيضا، لكن الآن الاقتناء مباشرة من السوق الدولي تكون الآثار مباشرة على المواطن”.

ودعا المتحدث الحكومة الحالية إلى “العودة إلى تنظيم أسعار المحروقات لأن قرار التحرير كان في غير محله وكان عشوائيا، لأن شروط التنافس على مستوى السوق المغربية غير متوفرة لحدود الساعة”، مبرزا أن “هناك مسألة ثالثة خاصة بالضريبة، إذ يمكن اعتماد ضريبة متحركة حول المحروقات، بمعنى أنه يمكن فرض الضريبة كاملة في حال كان السعر الدولي منخفضا ويمكن إلغاؤها عندما يرتفع، زيادة على أنه يمكن اعتماد الغازوال المهني بالنسبة للفئة التي تستعمله بشكل كبير في نقل السلع والأشخاص، من أجل المحافظة على توازن مقاولات نقل وأيضا حماية المواطنين من الزيادات التي تطال المحروقات عالميا”.

وبخصوص ارتفاع درحة الاحتقان الاجتماعي جرّاء غلاء أسعار المحروقات وما يترتب عنه من ارتفاع في أثمنة بعض المواد الأساسية، أكد اليماني للجريدة أن “السلم العام كلفته لا تساوي كل ما نتحدث عنه.. وقرار حكومة ابن كيران جاء في وقت كانت الأزمة متحكم فيها ولا يتجاوز السعر 50 أو 60 دولارا، لكن في ظل الظروف الحالية اليوم، يجب على حكومة أخنوش إلغاء قرار التحرير وسحب الدعم وتعودَ إلى الآليات السالف ذكرها للتخفيف من آثار الأزمة الحالية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News