وجهة نظر

القيادات الحزبية والتشبث بالمشروعية التاريخية

القيادات الحزبية والتشبث بالمشروعية التاريخية

لا زال موضوع تجديد النخب الحزبية يطرح عدة إشكالات على مستوى الساحة السياسية بالمغرب، وذلك في ظل تشبث النخب القديمة بمشروعيتها التاريخية على رأس الأحزاب بمباركة من الشبيبات الحزبية.

فأمام هذا الوضع الذي أصبح يسيء إلى الحياة الحزبية بالمغرب، خاصة الأحزاب الكبرى التي تتغنى بالديمقراطية الداخلية، تطرح عدة أسئلة حول مستقبل تلك الأحزاب التي فشلت قيادتها في احتلال مراتب متقدمة في الانتخابات التشريعية والترابية، وما الجدوى من بقائها على زعامة الحزب في ظل فشلها في إخراجه من “عنق الزجاجة”.

الانتهازية السياسية

الحركات التصحيحية أو الانتهازية السياسية، هو مصطلح في علم السياسة يطلق على تلك الحركات التصحيحية وعلى النداءات التي تتناسل وتختفي بعد كل عملية انتخابية تشريعية بهدف تغيير قادة الأحزاب، وتصحيح الوضع الداخلي للأحزاب السياسية، وهي حركات ونداءات يكون هدفها الرئيسي هو الحصول على التزكية الحزبية من أجل الترشح للانتخابات البرلمانية والتقرب من زعيم الحزب…،فخلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016 وسنة قبل ذلك أي في عام 2015 ظهرت ثلاثة حركات تصحيحية بثلاثة أحزاب كبرى، لكن هذه الحركات اختفت مباشرة بعد انتهاء العملية الانتخابية، وهو نفس الأمر الذي انطبق على الانتخابات التشريعية ل 8 شتنبر 2021، بحيث ظهرت مجموعة من الحركات التصحيحية، لكن بعد ذلك أعلنت عن دعمها للزعيم الحزبي من أجل قيادة الحزب من جديد.

تشبث النخب القديمة بمشروعيتها التاريخية

من الملاحظ وعلى مدار الحياة الحزبية بالمغرب، بأن الزعيم الحزبي يقضي أكثر من ثلاثة ولايات على رأس الحزب، بل هناك من لازال على رأس الزعامة منذ تأسيس الحزب في التسعينيات، ويعود ذلك بالأساس إلى تشبث هؤلاء الزعماء الحزبيين بمشروعيتهم التاريخية على رأس الحزب في ظل وجود شبيبات حزبية تدعمهم، وذلك بهدف التقرب من الزعيم والحصول على التزكية الحزبية، هذا الأمر هو ما كان له دور سلبي على سوء تدبير التزكية الحزبية وغياب الديمقراطية الداخلية ووجود العائلات البرلمانية، مع عدم تجديد النخب البرلمانية، كما أن هذا الوضع كان له تأثير كبير على مسألة تدبير الأحزاب السياسية للشأن العام، في ظل غياب البعد المجالي من التنظيم الهيكلي للأحزاب.

لكن، رغم كل ذلك، يلاحظ بأن مكانة الزعيم الحزبي أصبحت مرهونة بصناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية، أكثر من أصبحت مرهونة بقرارات صناديق مؤتمرات الأحزاب السياسية، وهنا  نستحضر كل من صلاح الدين مزوار عند تقديمه لاستقالته من قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار بعد احتلال حزبه المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وكذلك تقديم سعد الدين العثماني استقالته من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية وذلك بعدما احتل حزبه المرتبة الثامنة في انتخابات مجلس النواب ل 8 شتنبر 2021، والتي اعتبرت نتائجها انتكاسة للحزب، في حين لازال بعض النخب القديمة متشبثة بقيادة أحزابها منذ التسعينيات إن لم نقبل قبل ذلك.

إشكالات تتعلق بمدونة الانتخابات

من الأسباب التي تعتبر شريكة فيما ذكرته أعلاه، والتي جعلت القيادات الحزبية تتشبث بمكانتها على رأس الحزب، وإبعاد النخبة الشابة من ذلك، سواء تعلق الأمر بقيادة الحزب أو بالحصول على التزكية الحزبية، هو ما تفرضه مدونة الانتخابات من شروط فيما يخص حصول الأحزاب السياسية على التمويل العمومي، فمن أجل الحصول على التمويل يجب على الحزب أن يكون من بين الأحزاب الخمسة الأولى، وهو الأمر الذي يدفع الأحزاب خاصة الكبرى منها إلى استبعاد أمر الشباب من هياكلها التنظيمية خاصة من ليس لهم تجربة على المستوى الانتخابي، ولم يسبق لهم الحصول على مقعد، وبالتي فقد تحول الحزب السياسي من الباحث عن المناضل السياسي وعن النخب التي تضخ دماء في الحزب وتعيد الثقة في الحياة الحزبية إلى البحث على من يحصل على مقعد انتخابي قصد الحصول على التمويل العمومي.

-باحث في سلك الدكتوراه/ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News