وجهة نظر

الجمعيات والدولة والاتحاد الأوروبي..بحثا عن حوار مثمر

الجمعيات والدولة والاتحاد الأوروبي..بحثا عن حوار مثمر

هل نحن في حاجة إلى حوار متعدد الأطراف بين الدولة ومؤسساتها مع المجتمع المدني برعاية الاتحاد الأوروبي؟ بمعنى هل الحوار بين المنظمات غير الحكومية والدولة غير قائم من الأساس حتى نحتاج إلى “وسيط” لتذليل العقبات أمامه؟

مع الإقرار بوجود عدد من الصعوبات في العلاقة بين الدولة والجمعيات، لا أرى شخصيا كصحافي وفاعل في الحقل المدني، أن منافذ الحوار مغلقة بشكل كلي.

وجود إشكاليات كبرى، بعضها ذاتي والآخر موضوعي، لا يرقى إلى مستوى الانسداد وجمود العلاقة الذي عاشته التجربة التونسية مثلا، لذلك كان الحوار الثلاثي بالشكل الذي نظم به في بلاد الياسمين مبررا. قد نعتبر أن تجربة معينة كانت مرجعية، بناء على مؤشرات قياس خاصة بطرف معين، إلا أن هذا ليس مبررا لاستنساخها وتنزيلها بشكل متعسف على سياقات أخرى، دون مراعاة لا الإطار العام ولا الخصوصيات.

لا يجب أن يفهم ما سبق الرفض المبدئي للحوار متعدد الأطراف، بل بالعكس، فإننا نحاول من خلال طرح عدد من الإشكاليات المتعلقة به، إلى معالجة كل الاختلالات المحيطة به من أجل أن يكون حوارا مثمرا يخدم قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات في الضفتين. فالحوار في الأصل لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا في جميع الحالات، بل يجب دائما أن نصبو إليه ونسعى إلى بلورته باستمرار، خصوصا إذا كان يجمع بين أطراف متعددة برهانات مختلفة، لخوض مغامرة الدخول في نقاش شفاف وقوي دون شروط مسبقة أو خطوط حمراء مسطرة، لكن يجب أن نوفر له إطارا يضمن نجاحه.

في المقابل، فإن تحقيق الأهداف المرجوة منه، تفرض أخذ المعطيات الخاصة بكل تجربة بعين الاعتبار. في تقديرنا، على مستوى التجربة المغربية هناك حاجة لإطلاق حوار فعلي بين الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني المغربي، قبل حتى أن ندخل في حوار متعدد الأطراف، وذلك تجنبا للسقوط في سيناريو “الأخ الأكبر”، الذي يحرص على مد جسور الحوار بين طرفين قادرين أصلا على النقاش بينهما.

يوجه المجتمع المدني انتقاداته ويرصد كل ما من شأنه أن يشكل انتهاكا أو خرقا للحقوق والحريات في بلادنا، وهذا دوره الرئيسي بطبيعة الحال. في المقابل، لا شيء يمنعه، في إطار الحوار المتعدد الأطراف، من انتقاد حتى العديد من سياسات الاتحاد الأوروبي، خصوصا تلك التي لها علاقة بحقوق المواطنين المغاربة الكونية، سواء تعلق الأمر بتقييد حق التنقل أو ببعض سياسات الهجرة.

إن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني المغربي يجب أن تكون متكافئة، لأن الملاحظ أن الاتحاد يتعامل غالبا مع المنظمات غير الحكومية المحلية بمنطق دعم المشاريع والبرامج وكفى، ولا يتعامل معها كشريك استراتيجي قوي يمكن الاعتماد عليه، فهل مؤسسات الاتحاد الأوروبي تأخذ رأي المجتمع المدني المحلي عندما تصدر مواقفا حول حقوق الإنسان في المغرب أم تكتفي باستطلاع رأي المنظمات الدولية غير الحكومية فقط؟ وهل الاتحاد الأوروبي يشرك المنظمات المغربية غير الحكومية في الشراكات التي تربطه مع الدولة المغربية، حتى تأخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام حقوق الإنسان؟ ألا يجب مراجعة الفلسفة التي تقوم عليها شراكات المجتمع المدني مع الاتحاد الأوروبي بشكل عميق؟

هذه أسئلة، نعتقد أن الإجابة عليها يمكن أن تشكل مدخلا لحوار مثمر في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News