سياسة | مجتمع

وسط غموض مصيرها.. برلمانيون يتوسلون بالتشريع لإنهاء أزمة “لاسامير”

وسط غموض مصيرها.. برلمانيون يتوسلون بالتشريع لإنهاء أزمة “لاسامير”

وسط حالة الغموض التي تلفّ مصير مصفاة لاسامير، في انتظار حسم القضاء الذي طال انتظاره، طرحت فرق ومجموعات برلمانية مبادرات تشريعية، لانهاء أزمة هذا الملف الذي عمّر طويلا، ووضع عدد من البرلمانيين مقترحات قوانين متفرقة على طاولة المؤسسة التشريعية، تقضي بتفويت أصول مصفاة “سامير” لتكرير البترول البالغة قيمة أصولها 21,647 مليار درهم، إلى حساب الدولة المغربية، وهو المطلب الذي ترفعه الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة.

ومرّ ملف شركة لاسامير، من عدة تطورات، منذ توقف شركة “لاسامير” في غشت 2015، إلى أن آل للقضاء الذي أصدر بشانه بتاريخ 21 مارس 2016 حكماً بالتصفية القضائية للشركة مع الإذن باستثمار نشاطها، وأصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 2017 أمرا قضائيا بتفويت أصول شركة لاسامير، بما فيها الوحدات الانتاجية، مع الإذن لـ “السانديك” بتلقي عروض لشراء المصفاة، ما دفع مصالح الدولة، إلى التقدم بتاريخ ماي 2020 بطلب إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء، من أجل كراء هذه الخزانات المملوكة لشركة لاسامير، وتعزيز المخزون الوطني من المواد البترولية.

تفويت أصول الشركة

وفي أفق إيجاد بدائل لمشكل التخزين الاستراتيجي للنفط، ووضع حد للمشاكل التي تعاني منها الشركة تقدم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، بمقترح قانون يقضي بتفويت أصول شركة “سامير” التي توجد في طور التصفية القضائية إلى الدولة، وذلك من أجل إعادة تأهيله وتطويرها وضمان استمرار تزويد السوق الوطنية بحاجياته من الطاقة البترولية.

وعلّل الفريق مقترحه هذا بما أظهرته الأزمة الصحية وتداعياتها من تحديات تواجه السياسة الطاقية الوطنية، مما يعني أن الرهان اليوم أصبح هو الارتكاز على دور الدولة، في إعادة تشغيل الشركة المغربية لصناعة التكرير “سامير” ووضعها في خدمة تأمين الأمن الطاقي الوطني ، داعيا إلى وضع سياسة طاقية جديدة تعتمد على الطاقات النظيفة، التي تتوفر فيها المملكة، على مؤهلات تنافسية قوية وواعدة اتجاه شركائها الإقليميين، ويمكن أن تشكل رافعة لنجاح السياسات العمومية في قطاعات النقل والصناعة والماء والبناء والأشغال العمومية وغيرها من القطاعات

في الاتجاه نفسه، وضعت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، مقترح قانون على طاولة الغرفة الثانية، يقضي بأن يفوت إلى حساب الدولة المغربية جميع الأصول والممتلكات والعقارات والرخص وبراءات الاختراع المملوكة للشركة المغربية لصناعة التكرير”سامير”، مطهرة من الديون والرهون والضمانات، بما فيها الشركات الفرعية التابعة لها والمساهمات في الشركات الأخرى، إضافة إلى إلغاء كل الرهون والضمانات كيفما كان نوعها، المسجلة على ممتلكات الشركة.

واقترحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن تعهد إلى وزارة المالية والاقتصاد وإصلاح الإدارة، القيام بكل الإجراءات المطلوبة لنقل الملكية لحساب الدولة المغربية والشروع في استئناف الإنتاج بشركة “سامير”، على أن يحدد نص تنظيمي آليات وإجراءات التفويت لأصول “سامير” في طور التصفية القضائية لحساب الدولة المغربية وتعويض كل الأطراف المعنية.

وقالت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تقديمها لمقترح القانون، إن “المصلحة العامة للمغرب تقتضي ضمان التزويد المنتظم والآمن بالمواد الطاقية، سيما المواد البترولية التي تستورد كلها من الخارج وتمثل أكثر من 51 في المائة من السلة الطاقية للبلاد، ومن جهة أخرى المحافظة على المكاسب المالية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي توفرها شركة “سامير” لفائدة المغرب والمغاربة.

من جانبها، تقدمت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني، بمقترح قانون يرمي إلى تفويت أصول الشركة إلى الدولة، بغرض “ضمان التزويد المنتظم والآمن بالمواد الطاقية، ولاسيما المواد البترولية التي تستورد كلها من الخارج حيث تمثل لوحدها 39في المائة من السلة الطاقية، دون احتساب البوتان والبروبان.

وأوضحت التامني ضمن مقترح القانون الذي تقدمته به، أن أصول شركة سامير التي حدد الخبراء قيمتها في 21,647 مليار درهم، أصبحت ملكا مشتركا للدائنين باسم القانون التجاري المغربي، بمن فيهم إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمؤسسات العمومية الأخرى التي تمثل نسبتها في المديونية العامة أكثر من 70في المائة، وبالتالي لن تشكل عبئا على الخزينة بالنسبة للدولة

واعتبرت البرلمانية عن فيدرالية اليسار، أن حماية أصول شركة سامير من الاندثار، “تتطلب استئناف النشاط الطبيعي للشركة في تكرير النفط الخام وتخزين المواد البترولية، مما سيضمن المحافظة على المكتسبات التي توفرها الشركة في تعزيز الاحتياطي الوطني من المحروقات، وضمان الآلاف من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة والاقتصاد في الفاتورة الطاقية وفي بقاء وتطوير الصناعات والخدمات المرتبطة بها، وكذلك المساهمة في التنمية المحلية لمدينة المحمدية ولجهة الدار البيضاء سطات”.

احتقان في صفوف المستخدمين

وتأتي خطوات البرلمانيين لأنهاء أزمة شركة لاسامير، الخاضعة للتصفية القضائية، بالتزامن مع إعلان المستخدمين في الشركة عن دخولهم في إضراب عن الطعام ابتداء من يوم الثلاثاء 18 يناير الجاري، وذلك “احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية المزرية للعمال وعلى الموقف السلبي للحكومة وتهربها من معالجة هذه القضية الناجمة عن الخوصصة المظلمة وعن نهب أصول الشركة وإغراقها في الديون أمام أنظار كل السلطات المعنية بالمراقبة والضبط”.

وفي هذا الصدد، جدد المجلس النقابي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشركة سامير مطالبة الحكومة المغربية وكل الجهات المعنية بالمساعدة في الإنقاذ من التلاشي للأصول المادية وللثروة البشرية بشركة سامير، وفي استرجاع المليارات من المال العام المتورط في مديونية الشركة.

وطالبت النقابة بـ”تقدير مجهود وتضحيات الطبقة العاملة في سبيل حماية الأصول وتوفير متطلبات السعي للتفويت”، داعياة في المقابل “سنديك التصفية القضائية” إلى صرف كل مستحقات العمال في الأجور والتعويضات وأداء الاشتراكات في صناديق التقاعد المتوقفة منذ 2016.

ومن أجل تسهيل مهمة القضاء في تفويت الشركة، دعت الهيئة النقابية الحكومة إلى توضيح موقف الدولة من مستقبل صناعات تكرير البترول، وخصوصا المقتضيات المحفزة على الاستثمار وتنظيم سوق المواد البترولية في زمن الانتقال الطاقي وبروز مؤشرات المخزون الوطني من النفط والغاز.

حماية حقوق العمال

في المقابل، تؤكد الحكومة على أنها حرصت منذ اندلاع هذه الأزمة على أداء أجور المستخدمين، حيث قامت إدارة الجمارك، برفع اليد جزئيا على أموال الشركة من أجل تمكينها من أداء أجور المستخدمين، مبرزة أنه من أجل الحفاظ على حقوق العمال، تقوم الشركة بالتصريح المنتظم لدى مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بكل الأجراء مع الحفاظ على الخدمات وفقا للمقتضيات القانونية التي بموجبها يستفيد جميع المستخدمين من التعويضات العائلية واليومية عن المرض والذي يعمل الصندوق على صرفها للمستفيدين.

وسجلت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن كل عمال شركة لاسامير، يستفيدون من التغطية الصحية، بما في ذلك التأمين الإجباري عن المرض والتأمين التكميلي والتأمين على حوادث الشغل والأمراض المهنية، مشددة على أن الشركة حافظت للمستخدمين على خدمات النقل، مع تمكينهم من الاستفادة بالإقامة بمراكز الاصطياف والاستفادة من الأنشطة الرياضية والترفيهية التي يوفرها المركب الرياضي التابع للشركة.

وتعتبر الحكومة أن مصير شركة “لاسامير” رهين بما سيقرره القضاء من إجراءات في إطار مسطرة التصفية القضائية، وقالت بنعلي في هذا الصدد “بما أن ملف شركة لاسامير هو بين يد القضاء وبما أن الجهات القضائية المختصة أصدرت حكما في الملف يقضي بالتصفية القضائية للشركة من أجل تقديم عروض لتفويت أصول الشركة للسانديك القضائي، فالجميع ملزم بالتقيد بمنطوق الحكم بما في ذلك الحكومة”.

يشار إلى أنه، أنه في ماي 2020 أصدر القاضي المنتدب، أمرا قضائيا أَذِن بموجبه للسانديك بالتصفية القضائية، بكراء خزانات الشركة للدولة المغربية أو من يمثلها وتمّ تفويض المكتب الوطني للهيدوركاربورات والمعادن لإبرام عقد الكراء، وأصدرت المحكمة التجارية بتاريخ 23 نونبر 2021، حكما قطعيّاً يقضي بالعدول عن الأمر القاضي المنتدب بالإذن للسانديك بإبرام عقد كراء خزانات هذه المصفاة لصالح الدولة المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News