مجتمع

مجلس عزيمان ينتقد “البكالوريوس” ويسجل افتقاده لتصور واضح لتجويد التكوين

مجلس عزيمان ينتقد “البكالوريوس” ويسجل افتقاده لتصور واضح لتجويد التكوين

يبدو أن تنزيل “نظام الباكالوريوس”، الذي شرعت بعض المؤسسات الجامعية في العمل به بصفة تجريبية” متعثرة”، ستواجهه صعوبات تتعلق بتفعيله وتنزيله على صعيد مختلف الجامعات المغربية، حيث أكد المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أن اعتماد “سلك البكالوريوس” يطرح مجموعـة مـن الصعوبات التنظيمية والتدبيرية، منها أن إضافـة سـلك جديـد ومـوازي لا يضمـن تحقيـق أهـداف جـودة التكويــن بمؤسسـات الولـوج المفتوح، وهو ما تؤكده تجارب وطنية سابقة مثل “الإجازة التطبيقية”، و”الإجازة المهنية””، غير الناجعة.

وفي رأي له في شأن مشروع مرسوم رقم 2.21.125 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.04.89 المتعلق بتحديد اختصاصات المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، سجل المجلس الأعلى ، غياب تصور يبرر إضافة سلك البكالوريوس للهيكلـة البيداغوجـية الخاصة بالتعليـم العالـي، مما يـنتج عنه عدم وضوح الرؤية والغاية من هذا التغيير.

هذا، وبعد 17 سنة من اعتماد النظام البيداغوجي الجامعي الحالي، بمؤسسات التعليم العالي بالمغرب، قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي التخلي عن هذا النظام (إجازة، ماستر، دكتوراه – LMD)، واعتماد نظام جديد يعرف بنظام “البكالوريوس” (Bachelor)، وهو نظام تعتمده عدد من دول العالم، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.

النظام الجديد، الذي كان مقررا بدء العمل به فعليا انطلاقا من الموسم الجامعي الماضي، قبل أن يتقرر تأجيله بسبب تداعيات جائحة “كورونا”، على أن يتم الشروع في تنزيله هذا الموسم الجامعي، كشفت وزارة التربية الوطنية، لأول مرة عن تفاصيله، يوم الثلاثاء 07 يناير 2020 بمراكش، خلال افتتاح المناظرة المغربية-الأمريكية، المنظمة حول موضوع “الإصلاح البيداغوجي الوطني بالتعليم العالي”.

وقال المجلس الذي يرأسه المستشار الملكي عمر عزيمان، إن مشروع هذا المرسوم المحال على المحال على المجلس الأعلى للتربية والتكوين من طرف رئيس الحكومة، ” لا يوضح مشروع المرسوم ما إذا كان سلك الباكالوريوس سيغير جذريا نظام “إجازة-ماستر-دكتوراه” أم سيكتفي بتغيير مدة التكوين في الاجازة وفي الماستر، حيث يفهم من النص الأمر يتعلق بسلك إضافي داخل الهندسة البيداغوجية يوازي سلك الإجازة”.

وترددت في وقت سابق،  أنباء عن عزم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إعادة النظر في الجدولة الزمنية لتنزيل نظام الباكالوريوس، الذي ينتظر أن يتم تفعيله بصفة رسمية انطلاقا من الموسم الجامعي 2022/2023، بعد فترة تجريبية انطلقت ابتداء من الموسم الحالي، وهو ما أثار” أسئلة مقلقة” داخل الأوساط الجامعية،  حول مصير “نظام الباكالورس” في حالة ما قررت الحكومة التراجع عن تفعليه، وهي أسئلة يغذيها تجاهل وزير التعليم العالي والبحث العلمي الحديث عن الموضوع داخل البرلمان بالتزامن مع تقديم الميزانية الفرعية للوزارة.

ونبه المجلس إلى أن تمديـد مـدة السـلك بسـنة لا يوازيـه تعزيـز علـى مسـتوى اكتسـاب المعـارف والكفايـات الأكاديمية، ولا يطابـق فـي توزيـع أصنـاف الوحـدات المعاييـر العمـول بهـا فـي هـذا المجـال، ممـا يطـرح تسـاؤلا حـول آثـار هـذا التغييـر علـى مسـتوى اكتسـاب المعـارف والكفايـات بالنسـبة لمجـال تكويـن خريجـي السـلك.

وانتقد المجلس، في رأيه، عدم تقديم أي بيانات حول التكلفة المادية التي ستترتب عن السنة الإضافية لسلك البكالوريوس من حيث الموارد البشرية والمالية، وما سيحققه هذا المجهود المادي في تحسين مستوى نجاعة المنظومة.كما انتقد المجلس “عدم بروز البعد المهني للسلك”، حيث يسجل مشروع المرسوم، بحسب رأي المجلس، “غياب الإشارة إلى هدف الإعداد للاندماج المهني بعد سلك البكالوريوس، وغياب وحدات ممهننة في الهيلكة البيداغوجية للمسالك، فضلا عن عدم وضوح التصور الذي سيعتمد لتنويع العرض التكويني لمؤسسات الاستقطاب المفتوح وملاءمته مع الحاجيات التنموية”.

وأشار المجلس إلى أنه لم يتم تقديم المبررات العلمــية والبيداغوجــية التــي أفضـت إلـى تغييــر مـدة التكويــن فـي السـلك الأول للتعليـم العالـي وفـي الماستـر، فتمديـد مـدة التكويـن بالسـلك الأول اقتصـر علـى إرسـاء وحـدات الكفايـات الحياتـية والذاتـية ووحـدات الانفتـاح، مقابل تقليـص الغلاف الزمنـي للوحـدات المعرفيـة، في حين أن تقليص مدة التكويـن في الماستر لا يجد مبـررا في تمديد مدة الدراسة بسلك البكالوريوس، وسـينعكس ذلك حتمـا علـى جـودة التكويـن بالنسـبة للحاصليـن علـى البكالوريـوس.

واعتبر المجلس أن عـدم تعمــيم سـلك البكالوريـوس واعتمـاد سلكيــن متوازييــن بمؤسسـات الولـوج المفتـوح ســيحدث اضطرابـا تدبيــريا بهـذه المؤسسـات، وســيخلق صعوبـات فـي تدبيــر المسـارات التكويـنــية للطلبـة، لافتا إلى وجود صعوبات جمة لم تتم الإشارة إلى حلول لها، منها محدوديـة التأطيـر، والتكلفة المادية لإضافة سنة، فضلا عما يطـرحه اعتمـاد دورات تكويـنــية صــيفية من إشـكال تدبيــري فـي غيـاب ضوابـط تحـدد مدتهـا.

واعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أن الغاية من سنة تأسـيسـية ليست واضـحة في الهيكلة البيداغوجـية لتوزيع الوحدات في السنة الأولى؛ هل هي سنة انتقاليـة بيـن التعليـم الثانـوي والتعليـم العالـي تخصـص الاسـتدراك المعـارف والكفايـات اللازمة، أم تندرج في طور أولي للمسلك بمحتويات أساسـية خاصة بالتعليم العالي، خاصة وأن ثلث الغلاف الزمني مخصص للوحدات المعرفية، بيـنما تم تخصـيص ثلثيـن للكفايات العرضانـية.

وأمام هذه الاختلالات، قدم المجلس الأعلى توصياته، وعلى رأسها تحديد مدة الانتقال إلى هذا النظام وشروط نقل المكتسبات من الإجازة للبكالوريوس بالنسبة للطلبة الراغبين في نقل مسارهم الدراسي، أو في حال الانتقال الكلي إلى النظام الجديد.وأوصى المجلس بتحديد أسباب وأهداف توسعة النظام إلى المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح والتي لا تعرف ضعفا في مردوديتها، وتتوفر على أسلاك خاصة بها.كما دعا الرأي إلى اعتماد ضوابط ومواصفات موحدة لولوج سلك البكالوريوس، مع إعادة النظر في تمديد سنة إضافية في هذا السلك، وتنظيم السنة الدراسية، وملاءمة مسارات البكالوريوس مع حاجيات ومتطلبات الحياة المهنية، فضلا عن إعادة النظر في مدة الماستر، خاصة وأن تقليصه إلى سنة واحدة سيضعف جودة التكوين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News