سياسة

الساسي: الملك تجنّب مواجهة البيجدي وكلمة واحدة تكفي لتجاوز “البلوكاج”

الساسي: الملك تجنّب مواجهة البيجدي وكلمة واحدة تكفي لتجاوز “البلوكاج”

عادَ الأستاذ الجامعي والقيادي السابق في الحزب الاشتراكي الموحد محمد الساسي للحديث عن واقعة “البلوكاج”، التي أطاحت برئيس الحكومة الأسبق عبد الإله ابن كيران بعد تعذّر مهمة تشكيله للحكومة التي كلف بها الملك محمد السادس عقب فوز حزب العدالة والتنمية للمرة الثانية على التوالي بالانتخابات المجراة في السابع من أكتوبر سنة 2016.

وانتقد الساسي، في مداخلة له ضمن ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-أكدال بالرباط، حول “عشر سنوات من دستور 2011″، ما وصفه بـ”ضياع” سبعة أشهر من الزمن السياسي المغربي بالتزامن مع حراك الريف بحيث كان المغرب مهددا باشتعال الحرائق، على حدّ تعبيره، متسائلا في السياق ذاته،  لماذا لم يستعمل الملك حق التقدم بمبادرة مراجعة الدستور، والحال أن حاجة الملكية إليها كانت واضحة خلال واقعة “البلوكاج”؟

واعتبر أستاذ العلوم السياسية، أن “كلمة وحيدة كانت تكفي لتجاوز البلوكاج، وحل المشكل، وهي “يعين الملك الذي يتصدّر نتائج الانتخابات أو التكتل أو اتحاد أحزاب”، قبل أن يؤكد “لكن أرى بأن الملك لم يريد أن يظهر بأنه في صراع مع حزب سياسي محدد، وأن العملية معدة مسبقا لاستبعاد رئيس الحزب بمعنى “غادي نخلوه يدير الحكومة في إشارة لابن كيران وعندما يفشل فيها نغير الدستور لتعيين شخصية أخرى”.

وفي هذا الصدد، أشار الساسي، إلى أنه خلال تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة وتكليفه بتشكيلها خلفا لعبد الإله ابن كيران، ورد في بلاغ الديوان آنذاك، أن ” هذا الاختيار كان من بين خيارات أخرى”، مستدركا ” لكن لم نستطع إلى حدود اليوم معرفة طبيعة هذه الخيارات”.

وسجل الساسي أن “الملك تجنّب المواجهة مع حزب سياسي، لكنه أكد مع الأسف فكرة أننا في المغرب و رغم تعديل الفصل 19 ضمن الدستور السابق، ما زلنا نعيش في دستور أشبه ما يكون” “دستورا استئناسيا” بحيث يترك للملك صلاحيات واسعة لتأويله بل أيضا أمر تفعيله وانتظار الأطراف الأخرى لإشارة في هذا الاتجاه أو ذاك أو الصمت المطلق، مشيرا  إلى أنه “تم تعيين رئيس حكومة جديد دون أن يقدم رئيس الحكومة المعين قبله استقالته،وهذا في رأيه خرق لجانب من جوانب النص الدستوري” .

وقال السياسي، إن “الملك الراحل الحسن الثاني، لم يشعر بأي حرج لكي يطرح مراجعة دستورية لقضية بدت نوعا ما محلّ إحراج للجميع”، وهي قضية الاستفتاء حول سنّ رُشد الملك التي طرحت سنة 1980، وتساءل “أليس بامكان هذا النص أن يُعدل مفهوم التنازلات الممنوحة في أجزاء أخرى من النص الدستوري ويسمح بتدخل الملك، إذا لاحظ أن تطبيق بعض نصوص الدستور قد يؤدي إلى تكريس مكتسبات تؤول إلى الغير”.

واعتبر المحلل السياسي ذاته، أن “قضية المراجعة الدستورية بالشكل الذي وردت في الفصل 174 من الدستور تطرح مجموعة من الأسئلة، ومن ضمنها لماذا تم اعتماذ هذا الشكل الجديد من المراجعة التي تختصر الطريق على الملك، والحال أنه لم يتم التفكير في هذا المنطق منذ نحو نصف قرن، لهذه المراجعة التي يمكن أن يقوم بها البرلمان بنفسه دون الحاجة إلى الاستفتاء

وأكد الساسي، أن هذه المادة في دستور 2011، تُفرغ فكرة المبادرين بالمراجعة من معناها، لأن “الملك يتدخل بهذه الطريقة بسرعة عاجلة في منتصف الطريق لملاءمة المبادرات التي قد تأتي من هنا أو هناك مع تقديره للأشياء عوض انتظاره نهاية المسلسل، مسجلا أن تعدد المبادرين لمراجعة الدستور يفيد أن لكل طرف مصلحة في هذه المراجعة، وبالتالي المقتضى الذي ورد في الفصل 174 جاء كما لو أنه ترك للملكية وحدها أن تحدد هذه المصلحة بحيث يمكن للملك أن يعتضر في خضم بدء مسطرة أحد المبادرين لمراجعة الدستور.

وفي السياق نفسه، تساءل الساسي، “ما معنى أن المراجعة الدستورية بواسطة البرلمان، لا يمكن أن تتناول إلا بعض مقتضيات الدستور؟ مضيفا أنه ” كنا نجْزم بأن المراجعة هنا لا يمكن أن تطال كل المقتضيات الدستورية فلا نعرف مدى “بعض هذه المقتضيات” مؤكدا أنه “ليس هناك مراجعة يمكن أن تتناول كل مواد الدستور إلا إذا كنا في ثورة أو انقلاب، ومن ثم هل المقصود هو مراجعة جميع المواد باستثناء مادة واحدة أو مقتضى واحد”؟ .

وأوضح القيادي السابق في الحزب الاشتراكي الموحد، أنه “بالنسبة للذين يعتبرون أن دستور 2011 سار في اتجاه وحيد هو تقليص صلاحيات الملك، ها نحن نرى بأن المقتضى الوارد في الفصل 174 من الدستور يذهب في الاتجاه المعاكس بحيث لم يقلص من صلاحيات الملك في مراجعة الدستور و إنما أضاف له خدمة للتوازن”.

وخلص الساسي، إلى القول: ” نحن أمام حالة مركّبة فيها ما يُفيد تراجع الطابع الرئاسي للملكية من جهة لكن فيها أيضا من جانب آخر تقوية صلاحيات الملك بتمكينه وحده من حق التقدم بطلب المراجعة الدستورية، والتي لا تحتاج إلى استفتاء وإلى حملة و إلى تدخل المواطن العادي فيها لحسم الأمر، مشيرا إلى أن “المقترح الذي يتقدم به رئيس الحكومة لمراجعة الدستور، “يجب أن يعرض  على المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك بعد تداول مجلس الحكومة بشأنه”.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News