موقف

فلسطين-إسرائيل.. المغرب صانع السلام العادل

فلسطين-إسرائيل.. المغرب صانع السلام العادل

كان لافتاً وبمناسبة الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الاسرائيلي للمغرب أن عادت نفس الأقلام إلى الترويج لأطروحات غريبة، تريد تقديم المغرب في صورة البلد الذي “باع” فلسطين وتخلى عن القضية الفلسطينية، وهو هجوم معلوم مصدره ودوافعه السياسية الحقيقية، خاصة منها ذات البعد الإقليمي الذي يرى في المغرب قوة إقليمية حقيقية تقود شمال إفريقيا وإفريقيا نحو المزيد من التنمية والديمقراطية وتريد هذه الجهات عرقلة هذا المسار ومحاولة اختلاق وقائع غير موجودة خاصة منها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

المغرب ومنذ بداية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ظلّ يعبّر عن مواقف واضحة من هذا النزاع وأطرافه، بل لم يتردد المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني في إرسال تجريدة عسكرية مغربية للمشاركة في حرب أكتوبر والمساهمة في صنع الانتصار العربي، وكان للتجريدة المغربية دور كبير في صناعة انتصار أكتوبر 1973. وإذا كان للمغرب دور محوري في زمن الحرب، فقد كان له دور مماثل  في صنع السلم ومرحلة السلام بشهادة جل القيادات الفلسطينية، على رأسها الشهيد أبو عمار، كما كانت مواقف المغرب السياسية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة لأي تصرف موضوع إشادة دائمة من طرف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومن طرف كافة الفصائل الفلسطينية وقواه الحية.

المغرب كان وما زال له دور في دعم فلسطين وفي المساهمة العينية والمادية في دعم كفاح الشعب الفلسطيني، سواء من خلال المطالبة بوقف الاستيطان؛ وقف كل محاولات تهويد القدس الشريف والحفاظ على طابعها الديني التعددي والثقافي داخل فلسطين وخارجه، وهنا لا مجال للتذكير بالموقف المغربي الذي عبّر عنه عاهل البلاد من صفقة القرن، بحيث كان من القيادات العربية القليلة، إن لم يكن الوحيد، الذي وقف سداً منيعا ضد محاولة فرض حل أحادي الجانب تكون فيه القدس عاصمة إسرائيل، كما كان مقررا في ما سمي بصفقة القرن.

المغرب ظلّ منذ انطلاق مسلسل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاعبا لدور كبير في تقريب وجهات النظر بين الجانبين، وفي دعم هذا المسلسل بشكل جعلت مواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية موضوع ثقة داخل الجانب الفلسطيني،كما جعلت علاقته المتوازنة والواضحة بإسرائيل موضوع ترحيب إسرائيلي لكي يلعب المغرب دوره الكامل في صنع السلام، هذا السلام المتوقف لأسباب متعددة، ظل المغرب يعلن عن ضرورة الإسراع بإعادة فتح هذا الورش الكبير لصنع السلام في الشرق الأوسط ككل، على قاعدة عدم التفريط بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وعلى أرضية حل الدولتين على حدود 67، هذا الحل الذي نادى به المغرب منذ الثمانينات نجده وقد أصبح اليوم مطلبا لمختلف القوى الفلسطينية بما فيها حركة حماس.

العالم وهو يخلّد ذكرى التضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نونبر من كل سنة، كان للمغرب حضور شعبي ورسمي في إعلان التضامن معه وفي التأكيد على المواقف الواضحة للمغرب، بحيث أعلن العاهل المغربي في رسالته الموجهة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على مواقف المغرب الراسخة من هذا الصراع، منها عدم التصرف في حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، بما فيها حق العودة والقدس عاصمة لفلسطين، وقيام دولتين جنباً إلى جنب متعايشتين، قدّمها بصفته رئيسا للجنة القدس، هذه اللجنة التي ساهمت من خلال وكالة “بيت مال القدس”، التي يعتبر المغرب المساهم المالي بنسبة تصل لأكثر من 80 بالمئة من ميزانيتها المخصصة والموجهة لدعم الأسر الفلسطينية وأطفال فلسطين ودعم عوائل الشهداء وإعادة إعمار فلسطين وغيرها من المشاريع ذات البعد الإجتماعي، التي قد تساهم في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

المغرب كانت مساهمته فعّالة وقوية زمن الحرب والسلم، كما كان صانعا للانتصار زمن الحرب كان أيضا صانعاً لبارقة الأمل في المنطقة، هذا الأمل الذي يحتاجه اليوم كل الفلسطينيون والإسرائيليون للعيش بسلام، جنبا إلى جنب.. وهو اليوم، بامتداداته داخل فلسطين وإسرائيل، قادر على لعب دور إيجابي في القيام بالوساطة بينهما، وهو ما أكده الملك محمد السادس في رسالته.

الهجوم والتهجم على المغرب الذي يتم باسم فلسطين، وباسم القدس.. هو هجوم يعكس أن أوراق خصوم المغرب كلها قد احترقت ولم تعد تجد غير هذه الورقة للعبها، وهي ورقة تظل أمام مختلف المعطيات التاريخية غير ذات تأثير بدليل أن القيادة الفلسطينية وفصائل المقاومة لم تنجر وراءها،بل وجدت هذه الدعاوي نفسها معزولة في المنطقة وبدون أي صدى، ليس فقط بسبب ثقة القيادة الفلسطينية في المغرب ملكا وشعباً،بل لأنه كذلك المغرب صادق في تعاطيه مع القضية الفلسطينية التي يتعامل معها من منطلق إنساني، تاريخي وديني، وليس المتاجرة سياسياً بالملف الفلسطيني كما تقوم بذلك بعض الأنظمة المجاورة للمغرب التي لم تقدم أي دعم للشعب الفلسطيني، وظلت صامتة لحظة محاولة فرض صفقة القرن على المنطقة، ولم تساهم يوما في دعم الفلسطينيين وحمايتهم وحماية المقدسات الفلسطينية، هذه المقدسات التي تظل شاهدة على ما قام به المغرب للوقوف ضد كل محاولات تهويدها وطمس هويتها التاريخية و الدينية ويظل باب المغاربة شاهداً على ذلك،كما تظل مواقف محمد السادس الثابتة شاهدة على مواقف المغرب الرسمي والشعبي المتطلعة لصنع سلام شجاع وعادل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News