مجتمع

من دعم الترشح إلى دعم الثقة: كيف نُحصّن المبادرة الشبابية من الانحراف؟

من دعم الترشح إلى دعم الثقة: كيف نُحصّن المبادرة الشبابية من الانحراف؟

لا يمكن الاختلاف حول كون دعم الشباب للترشح للانتخابات التشريعية خطوة إيجابية نحو تعزيز حضورهم داخل المؤسسة التشريعية، وتمكينهم من نقل قضاياهم وتطلعاتهم إلى فضاء التداول العمومي. غير أن تحقيق هذه الغاية يستوجب أن يصاحب هذا الإجراء عدد من التدابير القبلية والمواكبة والبعدية، لضمان عدم انحرافه عن أهدافه الأصلية المتمثلة في تجديد النخب وتعزيز الثقة في العمل السياسي.

فالمشرع، وإن كان يفترض حسن النية في الاستفادة من الدعم العمومي، يبقى مطالبًا بدراسة جميع الاحتمالات، بما في ذلك السيناريوهات السلبية. ومن ثَمّ، تبرز مجموعة من الملاحظات الأساسية:

أولًا، من الضروري دراسة الانعكاسات المالية لهذا الإجراء على ميزانية الدولة، خاصة وأن مبلغ الدعم قد يصل إلى 350.000 درهم لكل مترشح، مما قد يشكل عبئًا إضافيًا في ظل تعدد الدوائر وتزايد عدد المستفيدين المحتملين.

ثانيًا، ينبغي مواكبة المترشحين الشباب، ولا سيما المستقلين منهم، عبر برامج تكوين وتأطير تُمكنهم من الإلمام بمختلف مراحل العملية الانتخابية، تفاديًا لأي انعكاسات سلبية محتملة على تجربتهم السياسية الأولى.

ثالثًا، من الناحية السياسية، من المهم تحفيز الشباب على الانخراط في العمل الحزبي والترشح من داخل الأحزاب، حفاظًا على الدور الدستوري لهذه الأخيرة في تأطير المواطنين والمشاركة في ممارسة السلطة.

رابعًا، يتعين تشديد الرقابة على كل الممارسات التي تمس نزاهة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها، من خلال إحداث خلايا يقظة بإشراف قضائي مستقل لضمان الشفافية والمصداقية.

خامسًا، وجب تعزيز آليات المساءلة وربط الدعم العمومي بوجوب تقديم الحساب، سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو الأفراد، من أجل الحد من ظاهرة “تجار الانتخابات”، وضمان توجيه المال العام نحو أهدافه التنموية والديمقراطية الحقيقية.

إن دعم الشباب في الترشح ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لإعادة بناء الثقة في العمل السياسي وتجديد النخبة البرلمانية على أسس الكفاءة والنزاهة والالتزام بالمصلحة العامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News