ثقافة | حوارات | فن

بنسعيد: نسير بثبات نحو صناعة سينمائية عالمية وهدفنا تجاوز العائدات ملياري درهم

بنسعيد: نسير بثبات نحو صناعة سينمائية عالمية وهدفنا تجاوز العائدات ملياري درهم

يشهد قطاع السينما في المغرب نقاشا متزايدا حول سبل تطويره وتعزيز تنافسيته، سواء على مستوى الإنتاج الوطني أو في ما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، إذ يأتي هذا في ظل التحولات التكنولوجية التي يعرفها العالم، والتي أصبحت تؤثر بشكل مباشر في طرق التصوير والإنتاج والتوزيع.

في هذا الحوار، الذي خص به جريدة “مدار21″، يتحدث وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، عن واقع الصناعة السينمائية المغربية، وآفاق تطويرها، والسياسات التي تراهن عليها الوزارة والمركز السينمائي المغربي لتعزيز حضور الفيلم المغربي في الأسواق الدولية، وتحويل المغرب إلى وجهة دائمة للإنتاج السينمائي العالمي، مع التركيز على دور السينما في خلق فرص الشغل وتحريك الدورة الاقتصادية والثقافية في مختلف الجهات.

وفي ما يلي نص الحوار:

يجب علينا أن نعتز ونفتخر بالإنجازات الوطنية التي نجني ثمارها سنة بعد سنة، من خلال الجوائز التي نحصدها في المهرجانات الدولية، وهذا في حد ذاته دليل على الاجتهاد المبذول في مجال الصناعة السينمائية، وما يهمنا اليوم هو كيفية كسب أسواق عالمية وجعل الفيلم المغربي حاضرا لدى الجمهور الأجنبي.

وفي هذا الإطار، يعمل المركز السينمائي المغربي ومهرجان الفيلم الوطني بطنجة على خلق فرص للتعريف بالمستثمرين في مجالات التكنولوجيا الحديثة، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والصناعة الإلكترونية، من أجل استغلال التطور التكنولوجي في خدمة الإنتاج السينمائي المغربي، بتكلفة معقولة للمنتجين المحليين، حيث إن هذه التقنيات ستمكننا من صناعة أفلام عالية الجودة تقتحم الأسواق العالمية، وتعزز الصناعة السينمائية كمصدر لخلق فرص شغل للشباب والتقنيين والفنانين المغاربة، وهو التحدي الكبير المطروح أمامنا.

منذ سنة 2022، بات صناع الأعمال الأجنبية يختارون المغرب كوجهة مفضلة لتصوير أفلامهم، مما يجعلنا نكسب أسواقا جديدة كل سنة، وقد تجاوزت الاستثمارات في هذا المجال مليار درهم سنة 2024، وهو تحدِِّ مهم جدا للمركز السينمائي المغربي ووزارة الثقافة.

هناك مناطق تعتمد بشكل كبير على الصناعة السينمائية، مثل ورزازات، التي عانت خلال فترة جائحة كورونا من أزمة حقيقية بسبب توقف تصوير الأفلام الأجنبية، لذلك، يُعتبر تطوير هذا القطاع أمرا ضروريا للغاية، حيث يجري الاستثمار في إنشاء استوديوهات مغلقة لأول مرة في ورزازات ومناطق أخرى على غرار تنغير وزاكورة والراشيدية، لما لهذه البنية التحتية من أهمية في دعم الصناعة السينمائية.

ومؤخرا، تم تصوير فيلم أجنبي مهم جدا في مدينة الداخلة، ما ساهم في التعريف بها على الصعيد الدولي، لذلك نسعى مستقبلا إلى تمكين مناطق أخرى من الاستفادة من المناظر الطبيعية الغنية التي تزخر بها المملكة، ودورنا يتمثل في التعريف بهذه المناطق عالميا، وتكوين الشباب ليصبحوا مؤهلين للتعامل مع الأسواق الدولية وخلق فرص شغل جديدة.

نحن نسير في الطريق الصحيح فيما يتعلق بتصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب، إذ ترتفع العائدات سنة بعد سنة، والتحدي الحالي هو الوصول إلى ملياري درهم من العائدات، بعدما تجاوزنا مليار درهم هذه السنة. أما التحدي الأكبر فهو تعزيز الإنتاج الوطني حتى يتمكن من المنافسة في الأسواق العالمية.

صحيح أننا نحصد جوائز في مهرجانات دولية، لكننا نطمح أيضا إلى جذب الجماهير الدولية، وفي هذا الإطار، عملنا على إشراك المقاولات الصغرى والمتوسطة في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، لخلق إمكانيات جديدة للإنتاج السينمائي المغربي بوسائل حديثة، تمكنه من مواكبة المنافسة العالمية، لأن الثقافة المغربية متنوعة وغنية، وتشكل مصدر إلهام كبير.

ونقترح كذلك صناعة رسوم متحركة مغربية بأبطال مغاربة، تتيح لنا دخول أسواق إفريقية وعالمية جديدة، وهذا تحدٍّ كبير، إذ بدلا من إنتاج فيلمين أو أربعة، يمكننا الوصول إلى مئات الإنتاجات، فالصناعة السينمائية، كما هو الحال في عدد من الدول، تعد ركيزة أساسية لخلق دينامية اقتصادية وتوفير فرص شغل في ظل الأزمات العالمية.

المغرب بالفعل مركز عالمي للإنتاج السينمائي، والدليل هو حجم الأفلام المهمة التي تُصور في مدن متعددة مثل الداخلة وورزازات وفاس وغيرها، والتي استقبلت ممثلين ومخرجين ومنتجين كبارا.

واليوم، لا تطمح الوزارة والمركز السينمائي المغربي فقط إلى استضافة هذه الإنتاجات، بل إلى الاستثمار في استوديوهات مغلقة، والتواصل مع مستثمرين أجانب للمشاركة في تطويرها، حتى نستفيد من المؤهلات الطبيعية للمملكة ومن التطور التقني في مجال الإنتاج، فهذا من شأنه أن يجعل المغرب حاضرا في أي رؤية لمخرج أجنبي، ويشجعه على تصوير أعمال طويلة المدة، مما يخلق دينامية اقتصادية في المناطق المستضيفة.

بدأنا فعلا في مشروع إنشاء 150 قاعة سينمائية بهدف إعادة إحياء الدينامية التي عرفها المغرب في الثمانينات والتسعينات، عندما كانت أندية السينما تلعب دورا مهما في دور الشباب، إذ نسعى لتعميم هذه القاعات في مختلف المناطق، خاصة المدن الصغرى التي تفتقر إليها، لتوفير فضاء يتيح للجمهور متابعة الأفلام السينمائية.

وفي هذا الإطار، أطلقنا شراكات لتأسيس أندية سينمائية تربط علاقات تعاون مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حتى يتمكن الأطفال من مناقشة الأعمال الفنية التي يشاهدونها، واكتساب تربية فنية وسينمائية وثقافية من خلال هذه الأنشطة، لأن الثقافة ليست فقط صناعة، بل أيضا خدمة عمومية، والرهان على الصناعة الثقافية يهدف إلى خلق فرص شغل للعاملين في المجال ونشر الوعي الفني بين الناشئة.

في العالم تُرصد للأفلام التاريخية ميزانيات ضخمة، لكن للأسف الإمكانيات المتوفرة حاليا لدى المركز السينمائي المغربي والمنتجين المغاربة لا تسمح بإنتاج أفلام تاريخية تنافس نظيراتها الأجنبية، لذلك، اخترنا تأسيس شراكات مع مقاولات كبرى، سواء داخل المغرب أو خارجه، إلى جانب استمرار دعم المركز السينمائي المغربي، حتى تتوفر ميزانيات قادرة على مواكبة هذا التحدي وتحقيق هذا الحلم، المتمثل في تناول أجزاء من تاريخ المملكة المغربية والتعريف بها على الصعيد الدولي.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News