سياسة

قوانين الانتخابات.. هل تستعيد المستجدات ثقة الشباب وتوصد باب الفساد الانتخابي؟

قوانين الانتخابات.. هل تستعيد المستجدات ثقة الشباب وتوصد باب الفساد الانتخابي؟

بدأت ملامح التعديلات المرتقبة على قوانين الانتخابات التشريعية، المزمع تنظيمها في خريف سنة 2026، تتضح شيئاً فشيئاً، حيث أفرج المجلس الوزاري، المنعقد الأحد الماضي، عن بعض أوجه هذه التغييرات، خصوصاً ما يتعلق بتشجيع ولوج الشباب والنساء إلى المؤسسة التشريعية وقطع الطريق على المتورطين في إفساد العملية الانتخابية.

وعلى نحو أدق من الخطاب الملكي الخاص بافتتاح الدورة التشريعية، قدم المجلس الوزاري إجابات واضحة للشباب الذي خرج قبل أسابيع للاحتجاج، رافعاً شعار إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، ولجميع المواطنين، بخصوص الحرص على صيانة الاستحقاقات التشريعية من كل ما يفسدها من ممارسات منافية للأخلاق السياسية وتشجيع مشاركة فئة الشباب والنساء في عمل المؤسسات المنتخبة.

وتضمنت مشاريع القوانين التنظيمية المقدمة (انتخاب أعضاء مجلس النواب والأحزاب السياسية)، أمس الأحد، ضمن أشغال المجلس الوزاري، مستجدات قانونية في ما يتعلق بتنظيم والترشح للانتخابات، وذلك بتوسيع دور الدولة في دعم الشباب من خلال التنصيص عل تخصيص دعم مالي لحملات المتشرحين الشباب، سواء في إطار التزكية الحزبية أو بدونها، بنسبة تصل إلى 75 في المئة.

وثبت المجلس الوزاري اعتماد اللائحة الجهوية المخصصة للنساء بمصادقته على اقتراح تعديلٍ في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بتخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريا لفائدة النساء دعما لحضورهن في المؤسسة النيابية.

“دعم الشباب لا ينهي الأزمة”

أحمد بوز،  أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “الإجراءات التي تم اقتراحها لدعم ولوج الشباب إلى السياسة وإلى المؤسسة المنتخبة غير بعيدة عن اللائحة الوطنية التي تم العمل بها في 2011″، مشيراً إلى أن “الشباب الذي احتج لم يُبدِ انتقاده للمؤسسات التمثيلية وإنما بدرجة أساسية رفض واقع التعليم والصحة، وبالتالي فإن الاستثمارات الحقيقية يجب أن تتم في هذا الباب، وهو ما لامسه المجلس الوزاري”.

وأشار بوز، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن “تمثيلية الشباب في مجلس النواب لا يستفيد منه الشباب الحقيقي”، مبرزاً أن “هذه الإجراءات لا تحارب الفساد بحكم أنه حتى فئة الشباب يمكن أن تتضمن فئة فاسدة وغير مؤهلة أخلاقيا لهذه المسؤولية”.

وفي ما يتعلق بنقطة مشاركة الشباب في الانتخابات التشريعية بتزكية الأحزاب السياسية أو بدونها، أورد المحلل السياسي عينه أنها “تحيل على مقتضى سابق وهو أنه يمكن الترشح بدون انتماء سياسي”، مبرزاً أنه “في الغالب ستكون هناك شروط مخففة بالنسبة لهذه الفئة من المترشحين مقارنة بالمترشحين ذوي الانتماءات السياسية”.

وسجل الأكاديمي عينه أن “إشكالية ضعف مشاركة الشباب في المؤسسات المنتخبة غير مطروحة في الجانب الذي تطرقت إليه التعديلات المرتقبة على القانون التنظيمي الخاص بانتخاب أعضاء مجلس النواب، خصوصا مستجدات الترشح والتمثيل في مجلس النواب”، مؤكدا أن “هذه الصيغ جربت، وإن الدولة تُعِيد إنتاج اللائحة الوطنية للشباب بصيغة مغايرة”.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن “التجاوب مع مطالب الشباب لن يتم إلا بقرارات جريئة في مجالات التشغيل والصحة والتعليم”، مستدركا أن “الإجراءات التي نص عليها المجلس الوزاري تطرقت في بعض جوانبها إلى هذه الأمور، خصوصا الزيادة في ميزانية الصحة والتعليم ولابد من اختبار هذه النية على أرض الواقع”.

وتابع المصرح نفسه أن “لا أحد ينكر أن مضامين المجلس الوزاري هي بمثابة جواب على مطالب الشباب الذي خرج للاحتجاج وترجمة لها على شكل سياسات”، مشيراً إلى أن “تشجيع ولوج الشباب إلى المؤسسة التشريعية ليس مسألةً جديدة بحيث أنهم كانوا أعضاءً فيها سابقاً”.

وفي نفس الصدد، أوضح المحلل السياسي عينه أن “تشجيع الشباب على الدخول إلى سباق الانتخابات التشريعية ليس وحده القادر على تطهير السياسة من الممارسات التي أفسدتها”، مواصلاً أن “الإصلاح الحقيقي رهين بالإرادة السياسية ومشاركة جميع الفاعلين”.

وأرجع بوز إشارة بلاغ الديوان الملكي إلى إمكانية ترشح الشباب في الانتخابات التشريعية بتزكية الأحزاب السياسية أو بدونها إلى أن “المشرع فكر في إعطاء الشباب صيغتين من أجل المشاركة في الانتخابات التشريعية لأنه يعلم حجم نفورهم من الأحزاب السياسية وعمق الهوة بين الشباب والمؤسسات الحزبية، خصوصا في ظل ما يعرفه المشهد الحزبي من تراجع”.

“القانون وحده لا يصلح الانتخابات”

وتعليقا على ما جاء في بلاغ أشغال المجلس الوزاري بخصوص تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية في وجه المفسدين وفاقدي الأهلية الانتخابية، اعتبر المتخصص في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “القانون هو وسيلة مساعدة فقط من أجل محاربة الفساد ولا يحل جميع المشاكل المحيطة بالعملية الانتخابية”.

وفي نفس السياق، أشار المحلل السياسي إلى أن “هناك مشاكل لا تحل بالآليات القانونية لوحدها”، مستدركا أن “القانون يمكن أن يكون مساعداً أو معاوناً ولكن جوهر الإصلاح يكمن في الإرادة السياسية وقدرة الأحزاب السياسية والطبقة السياسية، عموما، بمكوناتها الرسمية وغير الرسمية، على استيعاب ثقافة الإشراك والتغيير وهجر عدد من الممارسات التي سممت الحياة السياسية المغربية وقتلت الأحزاب ووسعت الهوة بين السياسة والمجتمع”. 

ولم ينف الأستاذ الجامعي قدرة المدخل القانوني على تحسين أجواء الانتخابات، مشيراً إلى أن “نجاح المقاربة القانونية لا يمكن أن يتم خارج الثقافة الديمقراطية والإرادة السياسية”، مبرزاً أن “القانون يخاطب فاعلين وهو ما يطرح السؤال حول كيفية استيعاب هؤلاء الفاعلين لهذه القوانين”.

لائحة النساء.. هل تتحول إلى حلٍ دائم؟

واعتبر المحلل السياسي ذاته أن “اللائحة الجهوية للنساء لا تطرح مشكلاً”، لافتاً إلى أن “السؤال الذي يطرح اليوم هو هل ستتحول إلى حالة دائمة أم أنها لازالت في مرحلة الطابع المؤقت الذي جاء به اجتهاد المحكمة الدستورية؟”.

وواصل بوز مستائلا “هل تلعب اللائحة الجهوية للشباب فعلا هذا الدور التأهيلي كيفما فكر فيها المشرع القانوني عند وضعها أم أننا نعيد إنتاج نفس الممارسات بمسوغ قانوني؟”، مستدركاً أن “هذه اللائحة لا تطرح نفس الإشكاليات التي كانت تطرحها اللائحة الوطنية الشباب”.

وقد أورد بلاغ الديوان الملكي حول مضامين المجلس الوزاري، الذي انعقد أمس الأحد، أن مشروع القانون التنظيمي لتنظيم انتخابات أعضاء مجلس النواب يقترح تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريا لفائدة النساء دعما لحضورهن في المؤسسة النيابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News