صحة

المغرب ضمن أعلى الدول الإفريقية في انتشار اضطرابات الاكتئاب

المغرب ضمن أعلى الدول الإفريقية في انتشار اضطرابات الاكتئاب

أفاد تقرير حديث أن المغرب يسجل نحو 6,258 حالة اضطرابات اكتئابية، أي ما يمثل 6.54% من سكانه، وهو ما يضع المملكة ضمن الدول الإفريقية الأعلى من حيث انتشار الاكتئاب، لافتاً إلى أن هذا الواقع لا يقتصر على المغرب، إذ تسجل دول شمال إفريقيا الأخرى معدلات مرتفعة أيضاً، مثل تونس التي تحتل المرتبة الأولى في القارة بنسبة 7.57% من السكان المتأثرين بالاكتئاب، أي نحو 7,265 حالة.

ويوضح تقرير لـ”African Exponent”، أن ارتفاع معدلات الاكتئاب في المغرب يعكس واقعاً اجتماعياً واقتصادياً معقداً، يتأثر بالبطالة، والفوارق بين المدن والأرياف، والهجرة الداخلية، والضغوط الاجتماعية المتزايدة على الشباب، إضافة إلى ثقافة تحفظية تجعل النقاش حول الصحة النفسية أمراً حساساً، الأمر الذي يؤدي إلى اعتماد نسبة كبيرة من السكان على الرعاية غير الرسمية أو الإرشاد الروحي بدلاً من العلاج النفسي المتخصص.

ويسجل المصدر ذاته أن التحديات في تونس مرتبطة بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية منذ الثورة عام 2011، بما في ذلك البطالة، وتفاوت الفرص، والضغوط الاجتماعية على الشباب، إلى جانب الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية، التي تعيق حصول الأفراد على الرعاية اللازمة.

ويستكمل التقرير أن المغرب يشترك مع تونس في كون الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية عاملاً مهماً، إذ تحد محدودية الفرص الاقتصادية في الأرياف من قدرة الأفراد على تحقيق دخل مستدام، ما يؤدي إلى الهجرة، وانفصال الأسر، وزيادة الضغوط المالية والنفسية، وهي عوامل تسهم في تفاقم معدلات الاكتئاب بين الشباب والبالغين.

ويبرز التقرير أن المغرب يشغل المرتبة الثالثة قارياً بعد تونس وليسوتو، التي تسجل نحو 6,631 حالة، بما يمثل 6.89% من السكان، ويأتي بعدها كل من غابون (5,857 حالة، 6.16%)، الرأس الأخضر (5,851 حالة، 6.09%)، جمهورية الكونغو (5,707 حالة، 5.78%)، ليبيا (5,554 حالة، 5.72%)، جنوب إفريقيا (5,415 حالة، 5.56%)، موريشيوس (5,317 حالة، 5.44%)، وغينيا الاستوائية (5,304 حالة، 5.49%)، وفق التقرير نفسه.

يؤكد المصدر ذاته أن هذه الدول تواجه تحديات مشتركة تتراوح بين التفاوت الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، والنزاعات السياسية، والضغوط الاجتماعية، إلى جانب ضعف البنية التحتية الصحية وضعف الوعي المجتمعي حول الصحة النفسية.

ويضيف التقرير أن المغرب بدأ في السنوات الأخيرة اتخاذ خطوات استراتيجية لمواجهة هذه التحديات، من خلال توسيع مرافق الصحة النفسية، وزيادة عدد المراكز والمستشفيات المتخصصة، بالإضافة إلى تدريب الأطباء العامين على الكشف المبكر عن الاكتئاب ومعالجته، بهدف تحسين قدرة النظام الصحي على تقديم الرعاية النفسية في مراحلها المبكرة.

ويشير تقرير “African Exponent” إلى أن برامج التوعية الوطنية تهدف إلى تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، وتشجيع المدارس والجامعات على إدراج خدمات الإرشاد النفسي ضمن برامجها، بما يعزز قدرة الشباب على مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية.

ويورد التقرير أن المغرب يستفيد من تجارب بعض الدول الإفريقية الأخرى التي تعزز الصحة النفسية من خلال دمجها في الخدمات الصحية الأولية، وتدريب الممرضين والأطباء، وتطوير برامج الدعم المجتمعي. ويشير المصدر ذاته إلى أن دول مثل تونس وليسوتو تغطي على هذا النهج من خلال حملات توعية واسعة، وبرامج دعم نفسي للشباب، وخدمات استشارية موجهة للمجتمعات الريفية والحضرية، مع التركيز على الوقاية المبكرة والتدخل العاجل.

ويبيّن التقرير أن هذه الإصلاحات في المغرب تشمل أيضاً تطوير بنية تحتية رقمية لدعم الصحة النفسية، مثل تطبيقات الإرشاد النفسي، وخطوط الدعم الهاتفي، وإدماج الصحة النفسية ضمن برامج التدريب المهني، بما يعزز قدرة الأفراد على الوصول إلى الرعاية النفسية في الوقت المناسب.

ويؤكد المصدر ذاته أن هذه الجهود تهدف إلى تحويل الصحة النفسية إلى جزء لا يتجزأ من السياسات الوطنية للتنمية الاجتماعية والصحية، مع التركيز على دمج الرفاه النفسي ضمن استراتيجيات التوظيف والتعليم والشباب.

ويشير التقرير إلى أن المغرب يسعى لتوسيع نطاق البرامج الموجهة للحد من الضغوط النفسية المرتبطة بالهجرة الداخلية، وانفصال الأسر، والضغوط الاقتصادية، من خلال دعم الأسر والمجتمعات المحلية، وتوفير مراكز استشارية في المناطق الريفية، وتحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية النفسية.

ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن المغرب، بالرغم من التحديات، يظهر تقدماً واضحاً مقارنة ببعض الدول الإفريقية الأخرى، من خلال استراتيجيات متكاملة تشمل البنية التحتية، والتوعية، والتدريب، والدعم المجتمعي، ما يعكس التزام المملكة بمعالجة أزمة الاكتئاب ودمج الصحة النفسية ضمن أولوياتها الوطنية لضمان رفاهية واستقرار المجتمع على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News