حمّى إقالة المدربين تبدأ مبكرا بالدوري المغربي.. والخال: قرارات متسرعة ومجحفة

لم تدم مغامرة المدرب التونسي لسعد الشابي طويلًا مع الرجاء الرياضي، إذ انتهت التجربة بعد جولتين فقط في البطولة، عقب التعادل المخيب أمام الجيش الملكي، في قرار عكس حجم الضغوط الجماهيرية وانتظارات إدارة النسور الخضر.
ولم يختلف المشهد كثيرا في مراكش، إذ وضعت إدارة الكوكب حدا لتجربة المدرب المخضرم رشيد الطاوسي بعد ثلاث هزائم متتالية، لتجد الجماهير نفسها أمام بداية مرتبكة، وللنادي أمام فراغ تقني يزيد من تعقيد مهمة استعادة التوازن.
هذه القرارات المتسارعة تطرح أكثر من علامة استفهام، فهل يُعقل الحكم على مشروع تدريبي بعد جولتين أو ثلاث فقط؟ أم أن ضغط النتائج والجماهير بات العامل الحاسم في رسم مصير المدربين داخل البطولة الوطنية؟
وفي هذا الصدد، يرى الإطار الوطني والمحلل الرياضي، مجيد الخال، أن الضغوط الجماهيرية تعد من أبرز العوامل المؤثرة في اتخاذ قرارات الإقالة المبكرة داخل الأندية المغربية، فالجماهير بطبيعتها شغوفة بالنتائج الإيجابية، ولا ترضى سوى برؤية فريقها يقدم أداءً مقنعًا ويظل حاضرًا في سباق المنافسة على الألقاب.
“وعندما لا تأتي النتائج بالشكل المطلوب منذ البداية، يصبح الضغط على الإدارة أمرًا طبيعيًا، سواء من أجل تغيير اللاعبين أو الإطاحة بالمدرب نفسه” على حد تعبيره.
وأكد مجيد الخال، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن هذا الضغط المباشر يُلقي بثقله على المدرب، الذي غالبًا ما يُحمّل مسؤولية التعثرات بمفرده، في حين أن جزءًا كبيرًا من الأسباب قد يكون خارجًا عن إرادته، كضعف الانسجام بين عناصر الفريق، أو معاناة بعض اللاعبين من مشاكل ذهنية وبدنية، أو وجود تحديات تكتيكية لم يتسنَّ بعد إيجاد حلول لها.
وتابع الخال أن هذه الظاهرة ليست حكرًا على الكرة المغربية، بل تتكرر في كبريات الدوريات العالمية، حينما تتم إقالة مدربين كبار في بداية الموسم، حتى قبل أن تتضح حقيقة ملامح الفريق.
واعتبر المحلل الرياضي أن من أبرز الأخطاء الشائعة لدى بعض الإدارات، بل وحتى الجماهير، التسرع في الحكم على أداء الفريق والمدرب بعد جولتين أو ثلاث فقط، مضيفا: “إقالة مدرب في فترة قصيرة جدًا لا يمكن تبريرها فنيًا، لأن عملية الانسجام بين اللاعبين وتطبيق الاستراتيجيات التكتيكية التي يضعها الطاقم الفني تحتاج لوقت كاف”.
وأشار مجيد الخال إلى أن ظروف اللاعبين الذهنية والجسدية في بداية الموسم تكون بدورها عاملا مؤثرًا في النتائج، وبالتالي فإن الحكم المبكر يُعتبر مجحفًا.
وواصل موضحًا أن التقييم الموضوعي للمستوى يتطلب صبرا زمنيًا وإعطاء المدرب فرصة لإعادة ضبط الأمور ومعالجة الهفوات.
كما لفت إلى أن الانطلاقة المتعثرة لا تعكس بالضرورة مستقبل الفريق، كما أن البداية المثالية لا تعني ضمان النجاح حتى نهاية الموسم، مما يجعل الصبر ركيزة أساسية في التقييم.
وشدد الخال على أن الصبر والعقلانية يمثلان الحل الأمثل لإدارة الفترات الصعبة في بدايات الموسم، فالبداية السلبية لا تعني بالضرورة فشل المشروع الرياضي، كما أن البداية الإيجابية لا تكفل لوحدها النجاح النهائي.
وأوضح أن الأندية الناجحة عالميًا ومحليًا هي تلك التي تمنح مدربيها الوقت الكافي للتأقلم مع البيئة التنافسية، وتهيئة اللاعبين لتطبيق فلسفة تكتيكية منسجمة.
وأضاف أن اختيار المدرب أو القيام بانتدابات جديدة يجب أن ينبع من رؤية استراتيجية واضحة ومتكاملة، وليس من مجرد استجابة لضغوط جماهيرية أو حلول ترقيعية ظرفية.
وزاد الخال موضحًا أن القرارات الرشيدة تُبنى على تشخيص دقيق لاحتياجات الفريق، وللمراكز التي تستدعي التعزيز، فضلًا عن ضرورة ضمان التوافق والانسجام بين اللاعبين والطاقم الفني، قصد بلوغ أفضل النتائج الممكنة.
وبالنسبة لوضع الأهداف، أكد المحلل الرياضي أن وضوح رؤية الإدارة منذ البداية يُعد عنصرا أساسيا في استقرار الفريق، إذ يتعين تحديد الطموحات بدقة، سواء تعلق الأمر بالمنافسة على لقب البطولة الوطنية، أو كأس العرش، أو ضمان حضور قارّي في دوري أبطال إفريقيا أو كأس الكونفدرالية.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن التنسيق بين الإدارة والمدرب، حتى وإن كان شفهيًا، يضمن وضوح التوجهات الكبرى للنادي، ويُسهم في خلق انسجام بين مختلف المكونات.
وأورد أن هذه الاستراتيجية المشتركة تتيح للاعبين والإدارة والطاقم الفني العمل في إطار رؤية موحدة، ما يقلل من حدة الضغوط ويزيد من فرص النجاح.
واختتم الخال تصريحاته بالتأكيد بأن العمل بمنهجية واضحة ومحددة الأهداف هو السبيل الأمثل لتحويل الأندية إلى مؤسسات تنافسية قوية قادرة على مجابهة التحديات محليًا وقاريًا.