أمن وعدالة

وهبي: اعتماد الكاميرات كأدلة متروك لسلطة القضاة التقديرية ولا حاجة لتأطيرها

وهبي: اعتماد الكاميرات كأدلة متروك لسلطة القضاة التقديرية ولا حاجة لتأطيرها

أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنه يمكن اعتبار الدليل، الناتج عن كاميرا مراقبة، قرينة قانونية على وجود فعل جرمي أو نفيه، مع إخضاعه للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي، معتبراً أنه لا حاجة لاستصدار إطار قانوني خاص ينظم ذلك.

جاء ذلك في معرض جوابه عن سؤال كتابي تقدمت به النائبة فاطمة ياسين عن الفريق الحركي بمجلس النواب حول “التأطير القانوني للكاميرات كوسائل مراقبة وإثبات”، حيث أكد أن وسائل التسجيل الخاصة والتي باتت في متناول معظم الأفراد، تعمد إلى تسجيل وحفظ بعض الوقائع والأحداث والجرائم مما يستلزم تقديمها فيما بعد في مجال الإثبات الجنائي، أو في مجال الحد من الجريمة والوصول إلى المجرمين بغية تحقيق العدالة”.

وأضاف وهبي “يكمن القول إن الإطار القانوني المنظم لاستعمال وسائل التصوير في المملكة المغربية وفي باقي الدول يطرح تحديات على المستوى العملي وذلك راجع إلى تعدد المرجعيات القانونية التي تحكم التقاط الصورة سواء داخل الفضاء العام أو الخاص من جهة وكذا الصعوبات العملية التي تطرحها عملية التمييز بين التقاط الصورة وحفظها وحماية الحياة الخاصة للأفراد من جهة أخرى. وكذا تعدد المؤسسات المتدخلة في هذا المجال من جهة ثالثة”.

وعلى الرغم من أهمية كاميرات المراقبة إلا أن سوء استخدامها قد يؤدي إلى انتهاك خصوصية الأفراد وتجاوز محيطهم الشخصي، وهو ما يمكن أن يشكل تعارضا مع مجموعة من النصوص والمواثيق الدولية، والتي تم تبنيها من طرف المشرع المغربي الذي نص في الفصل 447 من القانون الجنائي بأنه ” يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 2000 درهم إلى 20000 درهم، من قام عمدا وبأية وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صور شخص أثناء تواجده في مكان خاص، ودون موافقته”.

وقد اعتبر المشرع المغربي تصوير الأشخاص، بناء على هذا الفصل من الجرائم الشكلية التي يعاقب عليها القانون بمجرد ارتكابها دون اعتبار للعلاقة السببية أو النتيجة الاجرامية أو القصد الكامن من وراء ارتكابها.

وأوضح الوزير أن صعوبة تطبيق هذا الفصل تكم في عدم تحديد ماهية المكان الخاص بدقة، مما نتج عنه تباين الاجتهاد القضائي بخصوص تعريفه بحيث اعتبر البعض بأن المكان الخاص يتعلق بمكان خاص بطبيعته فقط، بينما اعتبر البعض الأخر بأن تعريف المكان الخاص يمكن أن يمتد إلى المكان الخاص المشترك. و”هنا تكمن صعوبة تطبيق هذا النص، بحيث يمكن تطبيقه حتى على المكان الخاص المشترك كفضاءات الملكية المشتركة للإقامات السكنية ومحلات العمل وغيرهما. ونتيجة لذلك يبرز تعارض بين مصلحتين، مصلحة فردية تتمثل في حماية الحياة الخاصة ومصلحة عامة تتمثل في حماية الفضاء العام من جميع صور الجريمة”.

وتابع “هنا يمكن القول بأنه وإن كان للشخص الحق في تثبيت كاميرات لمراقبة وحماية ممتلكاته الخاصة، إلا أن وضعه هذه الوسائل يجب لزوما أن يخضع لضوابط موضوعية حتى لا تكون الحياة الخاصة للأفراد داخل المجتمع موضوع مساومة أو ابتزاز نتيجة التقاط بعض الصور أو التسجيلات الخاصة أو حتى أمام توسع إمكانية التلاعب بهذه التسجيلات أو الصور الملتقطة عبر التقنيات الحديثة أو الذكاء الاصطناعي والتي يمكن أن تؤدي إلى تلفيق التهم أو تحوير التسجيلات مما سيضعف لا محالة من حجية هذه التسجيلات خاصة أمام السلطات القضائية أو الأمنية”.

ولمحاولة تلافي هذه الاشكاليات وضع المشرع نصا خاصا متعلقا بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، كما أوجد لجنة خاصة بهذه الحماية، بحيث تم اعتماد القانون رقم 08.09 الصادر بتاريخ 18 فبراير 2009 والذي بمقتضاه تم إحداث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. هذه اللجنة التي في إطار ممارستها لاختصاصاتها، أصدرت بتاريخ 31 ماي 2013 مداولة تحت عدد 2013/350 والتي تتعلق بالشروط الضرورية لاستعمال نظام المراقبة بالكاميرات في أماكن العمل والأماكن الخاصة المشتركة. وقد اعتبرت هذه المداولة أن الصور التي يتم تجميعها بواسطة الكاميرات وأنظمة المراقبة تعتبر معطيات ذات طابع شخصي، وبالتالي فإنها تخضع للحماية المقررة بمقتضى القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.

وقد أكدت المداولة، وفقا للمتحدث ذاته، على أنه حتى وإن كانت أنظمة المراقبة بالكاميرات تضطلع بدور مهم في حماية الممتلكات والأشخاص، إلا أن أي مسؤول عن معالجة هذه المعطيات يتعين أن يحترم مجموعة من الشروط، ومن هذه الشروط أن الكاميرات لا يمكن تثبيتها في الأماكن التي قد تمس بالحياة الخاصة للأفراد، ويمكن تثبيتها في مداخل ومخارج البنايات وفي الممرات ومخازن السلع والمرائب وأمام الخزانات الحديدية الآمنة وفي مداخل القاعات التقنية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تثبيتها لمراقبة العاملين أو في أماكن العبادة أو الأماكن التي يمارس فيها النشاط النقابي أو المراحيض أو قاعات الاجتماعات أو أماكن الاستراحة وغيرها.

كما حددت المداولة مدة الاحتفاظ بهذه البيانات التي يجب ألا تتعدى ثلاثة أشهر، ويتعين في نفس الإطار على المسؤول عن المعالجة أن يقوم بوضع ملصق أو إشارة في مداخل البنايات تشير إلى أن البناية موضوع مراقبة بواسطة كاميرات المراقبة ويشير في نفس الوقت إلى اسم المسؤول عن المعالجة والغاية من وجود هذا النظام. كما يتعين إشعار اللجنة الوطنية بتثبيت نظام المراقبة بالكاميرات عبر تصريح مسبق.

وفضلا على ما سبق يتعين على المسؤول عن المعالجة اتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل الحفاظ على سلامة وسرية الصور المعالجة، لاسيما تفادي تحريفها أو إتلافها أو الاطلاع عليها من طرف أغيار غير مرخصين.

ونتيجة لكل ما سبق بيانه أعلاه، وفي ظل مبدئ حرية الاثبات في المجال الجنائي، وفق المادة 286 من قانون المسطرة الجنائية والتي تنص على أنه : “يمكن إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل الإثبات، ما عدا في الأحوال التي يقضي القانون بخلاف ذلك، و يحكم القاضي حسب اقتناعه الصميم”، يمكن التأكيد على أنه في حال احترام جميع الشروط الشكلية والموضوعية التي سبق التطرق إليها، يمكن اعتبار الدليل الناتج عن كاميرا مراقبة قرينة قانونية على وجود الفعل الجرمي أو لنفيه مع إخضاعه للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي الذي يحكم وفق اقتناعه الصميم وفق ما تنص عليه المادة 286 أعلاه، ولا حاجة لاستصدار إطار قانوني خاص ينظم ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News