دولي

مالي تحاصر الجزائر أمام محكمة العدل وتُصادمها بالشرعية الدولية

مالي تحاصر الجزائر أمام محكمة العدل وتُصادمها بالشرعية الدولية

شهدت الأزمة الأخيرة بين مالي والجزائر توترا دبلوماسيا حاداً، بعد التطورات التي شهدت القضية، إثر لجوء باماكو إلى رفع دعوى قضائية ضد الجزائر، أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بإسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي فوق أراضيها، مما وضع الجزائر مرة أخرى في صدام مع الشرعية الدولية إثر رفضها قبول الدعوى.

ودفعت المحاصرة التي فرضتها مالي ضد الجزائر أمام المنتظم الدولي، (دفعت) الأخيرة إلى اعتبار هذه المطالبة المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية بأنها “مبالغ فيها وغير مقبولة”، مؤكدة رفضها المشاركة في هذه الإجراءات القانونية، وهو ما يزيد من تكريس العزلة التي دخلتها البلاد.

وتعود الأزمة إلى 31 مارس 2025، عندما أسقطت الجزائر طائرة مسيرة تركية من نوع Baykar Akıncı يستخدمها الجيش المالي. ورأت مالي في هذه الخطوة انتهاكاً واضحاً لسيادتها، معتبرة أن هذا “العمل العدائي” يمثل خرقاً للقوانين الدولية.

وأعلنت الجزائر أنها ستبلغ المحكمة رسمياً برفضها لهذه الدعوى، مؤكدة أن البيانات الرادارية لوزارة الدفاع تثبت أن الطائرة المسيرة انتهكت المجال الجوي الجزائري، معربة عن استنكارها للمزاعم المالية ووصفها بأنها محاولة لاستغلال محكمة العدل الدولية لأغراض سياسية.

وأدت هذه الأزمة إلى توتر العلاقات بين البلدين، حيث قامت مالي والنيجر وبوركينا فاسو بسحب سفرائهم من الجزائر، بينما ردت الجزائر بالمثل. كما أغلقت كل من الجزائر ومالي مجالها الجوي أمام الأخرى، ما زاد من تعقيد الوضع الدبلوماسي.

في بيان صدر يوم الجمعة 19 شتنبر، اعتبر وزارة الخارجية الجزائرية أن هذه المناورة “فظة إلى درجة لا يمكن تصديقها”، مؤكدة أن الجزائر “لن تكون شريكة في ذلك وتدين طابعه الفاضح”.

وترى الجزائر أن هذا النزاع يحمل تداعيات سياسية وأمنية خطيرة، إذ يضعف دورها التقليدي كوسيط في منطقة الساحل، ويعرض استقرار الحدود لمخاطر جديدة، مع إمكانية استغلال الجماعات المسلحة للتوتر القائم في المنطقة.
وتنظر محكمة العدل الدولية، التي تأسست سنة 1948، في النزاعات بين الدول عندما تتهم دولة أخرى بانتهاك معاهدة دولية. وتسعى مالي إلى فتح المحكمة تحقيقا في الملف، وهو ما يتطلب موافقة الجزائر التي أُحيلت إليها الدعوى.

وزارة الخارجية الجزائرية رأت أن هذه المبادرة “تمثل بوضوح محاولة لتوظيف هذا الجهاز القضائي الأممي المرموق”، مؤكدة أن الجزائر “ستخطر المحكمة في الوقت المناسب برفضها لهذه الإجراءات”.

ولا يمكن البدء في أي مسطرة قضائية ما لم تقبل الجزائر باختصاص المحكمة. وتؤكد باماكو أنها وجهت عدة طلبات إلى الجزائر لتقديم أدلة على انتهاك مجالها الجوي، لكنها بقيت دون جواب.

ويزيد الموقف الجزائري من تعقيد العلاقات الدبلوماسية مع دولة مالي، خاصة وأن هذه الأخيرة تتهم الجزائر بـ”التقارب مع الجماعات الإرهابية”، خاصة في المناطق الحدودية. وانعكس النزاع على موقع الجزائر التي باتت تعيش عزلة بين دول الساحل جنوب الصحراء، كما يكرس موقفها الأخيرة شرودها خارج الشرعية الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News