سياسة

التمثيلية النسائية بالمغرب.. تكريس للمساواة أم إعادة إنتاج ريع سياسي؟

التمثيلية النسائية بالمغرب.. تكريس للمساواة أم إعادة إنتاج ريع سياسي؟

تزامنًا مع مشاورات الأحزاب مع وزارة الداخلية التي تسبق تعديل منظومة القوانين الانتخابية، عاد مطلب رفع تمثيلية النساء إلى الواجهة، وسط دعوات متزايدة من عدة أحزاب لتعزيز حضور المرأة في المؤسسات المنتخبة. وهو ما يثير جدلًا بين من يعتبرون التمثيل النسائي حقًا يجب صيانته، ومن يرى أن الأولوية يجب أن تكون للكفاءات بغض النظر عن الجنس، في مشهد يعكس تباين الرؤى حول العدالة التمثيلية والمردودية السياسية.

وسط هذه المطالب، يبرز السؤال: هل يمكن للمقاعد النسائية أن تواكب واقع الكفاءات السياسية أم أنها تشكّل استثناءً شكليًا؟ الأحزاب التي تصر على رفع تمثيلية النساء تؤكد أن المشاركة المتوازنة ليست مجرد شعار، بل ضرورة لتعزيز الديمقراطية، وإتاحة الفرص للنساء للعب أدوار مؤثرة في صنع القرار، في حين يرى آخرون أن هذا النهج قد يضحي بالجدارة والخبرة لصالح الحصص العددية.

وفي الوقت الذي يزداد فيه الضغط على الأحزاب لتوسيع التمثيل النسائي، يظل المشهد السياسي المغربي أمام اختبار حساس: التوفيق بين المساواة بين الجنسين والكفاءة الفعلية. وتبقى المعضلة قائمة حول كيفية الجمع بين العدالة الاجتماعية والمردودية السياسية، في سياق يتطلب قرارات حاسمة وقوانين واضحة لتحديد معايير التمثيل الأمثل في البرلمان والمجالس المحلية.

رضوان اعميمي، رئيس المركز المغربي “ريادة” للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية والقضائية، اعتبر أن النقاش الدائر بين مطلب رفع تمثيلية النساء ومطلب حضور الكفاءات لا ينبغي أن يُطرح كخيار متعارض، فالديمقراطية السليمة تحتاجهما معًا: إلى تمثيل عادل يعكس تنوع المجتمع، وإلى نخب ذات كفاءة قادرة على التشريع والترافع بجدية.

وسجّل، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن رفع تمثيلية النساء يكرّس المساواة الدستورية ويعكس واقع المجتمع ومكانة المرأة داخله، ومن شأنه أن يغني النقاش العمومي خاصة في قضايا النوع الاجتماعي والأسرة والطفولة وغيرها.

وقال اعميمي إن التجربة أثبتت أن المرأة أكثر فعالية على مستوى ممارسة المسؤوليات التمثيلية إذا توفرت لها ظروف الاشتغال، لكن ينبغي التنبيه إلى أن حضور المرأة يجب أن يتجاوز الطرح الريعي الذي ساد لفترات سابقة من خلال تجربة اللوائح النسائية، والانتقال نحو أساليب مبتكرة للتمثيلية.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن ذلك يتطلب انخراط الأحزاب السياسية بجدية، خاصة عبر تعزيز حضور المرأة في جميع المسؤوليات الحزبية، بما في ذلك القيادية منها، على أساس معايير الكفاءة والحضور، لا على أساس القرب العائلي أو غيره من الممارسات التي تُفرغ التمثيلية النسائية من محتواها.

أما بخصوص المطالبة بحضور الكفاءات، فقد عدّ رضوان اعميمي ذلك نقاشًا يعكس واقعًا سياسيًا معطوبًا، “ذلك أن الأصل في تزكيات الأحزاب السياسية هو الأخذ بعين الاعتبار حضور الكفاءة في مختلف أبعادها: السياسية، والتقنية، والتدبيرية، والأكاديمية، والميدانية”.

وأضاف أن هذه الكفاءة “كفيلة بضمان جودة الأداء السياسي على مستوى المؤسسة البرلمانية”، مبرزًا أن التحدي الحقيقي يتمثل في أن تتحول هذه المطالب من شعارات انتخابية إلى التزام عملي يعزز ثقة المواطن في مؤسساته. فالديمقراطية القوية ليست فقط في “من يحضر”، بل أيضًا في “كيف يحضر” و”بأي جودة يسهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News