فيفاس يربط استقرار سبتة المحتلة بتوازن العلاقات مع المغرب لمواجهة أزمة القاصرين

قال رئيس حكومة سبتة المحتلة، خوان خيسوس فيفاس، إن مستقبل العلاقات مع المغرب ينبغي أن يقوم على حسن الجوار دون “المساس بالثوابت الجوهرية”، مشددًا على أن هذه العلاقات “مفيدة لإسبانيا، وبالتالي لسبتة، وأيضًا للمغرب”، معتبرا أن من مصلحة المدينة تعزيز الروابط القائمة على التعاون المتوازن، وأن استقرار العلاقات بين مدريد والرباط يعود بالنفع المباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الثغر المحتل.
وتوقف فيفاس عند ملف القاصرين غير المصحوبين، كاشفًا أن سبتة المحتلة تستضيف حاليًا نحو 560 قاصرًا مهاجرًا، أي ما يتجاوز طاقتها الاعتيادية بمعدل يصل إلى 20 ضعفًا، وبنسبة استيعاب فاقت 2000%، لافتا إلى أن “الأمر غير طبيعي”، وأن المسؤولية لا يجب أن تبقى محصورة في سبتة (المحتلة) وحدها، بل تستوجب توزيعًا عادلًا يأخذ في الاعتبار إمكانات كل جهة على حدة. وأن اعتماد آليات التضامن والمسؤولية المشتركة بات أمرًا حتميًا “لأن القضية شأن وطني شامل وليست شأنًا محليًا”.
وفي معرض تعليقه على المرسوم الملكي القانوني المتعلق بتوزيع القاصرين على مختلف الجهات الإسبانية، دافع فيفاس عن هذا الخيار واعتبره ضروريًا لضمان التوازن، لكنه في الوقت نفسه أبدى تفهمه لتحفظات بعض “الحكومات المحلية”، وخصوصًا تلك التي يقودها الحزب الشعبي، وقال: “أنا مع القانون وأدعمه، لكن أفهم أن تكون لبعض الجهات الذاتية حجج لرفضه”.
وأشار إلى أن حكومات الحزب الشعبي لم ترفض استقبال القاصرين، بل فعلت ذلك في مناسبات عدة “حتى وإن أدى ذلك إلى انهيار التحالفات مع حزب فوكس”، مستشهدا بأزمة صيف هذا العام حينما شهدت سبتة المحتلة وصول 70 مهاجرًا في يوم واحد، واستقبلت أندلوسيا 27 منهم.
وشدد فيفاس على أن القانون يبقى ساري المفعول، وأنه ما لم يصدر قرار قضائي بإلغائه فإن الجهات ملزمة باحترامه، مردفا: “إذا تم تطبيقه بروح توافقية وتعاون بين الإدارات ستكون النتائج أفضل، وسأبذل كل ما في وسعي لضمان أن يعمل هذا التعاون بشكل صحيح”، كاشفا أنه سيجري اتصالات مع كل جهة يُرسل إليها القاصرون للتأكد من استقبالهم، قائلاً: “لا أتصور أي سيناريو آخر غير الامتثال للقانون”.
وفي “مواجهة الأصوات التي تحاول توظيف هذا الملف سياسيًا”، حرص رئيس حكومة سبتة المحتلة على الفصل بين موقعه المؤسساتي وانتمائه الحزبي، مؤكدًا أن “الخلط بين الحزب والمؤسسة خطأ جسيم”، وأن المصلحة العامة للمواطنين يجب أن تبقى أولوية فوق كل الحسابات السياسية.
واستحضر فيفاس أحداث عام 2021، حين شهدت سبتة تدفقًا غير مسبوق للمهاجرين من المغرب، معتبرًا أن تلك اللحظة شكلت “نقطة تحول” أظهرت بوضوح الحاجة إلى دعم خاص من الدولة المركزية، وقال: “كانت تلك اللحظة عصيبة، لكنها كشفت عن قضايا بالغة الأهمية لمستقبل سبتة المحتلة”.
وفي رؤيته لمستقبل المدينة، حدد فيفاس ثلاث ركائز أساسية، من بينها المساواة الكاملة بين سكانه وبقية الإسبان، وتعزيز قيم التعايش، مذكرا بأن هذه الأولويات تم إدراجها ضمن استراتيجية الأمن القومي التي صودق عليها في دجنبر 2021، والتي سمحت بتحقيق “تقدم ملموس”، من أبرزها ربط سبتة المحتلة بالشبكة الكهربائية الإسبانية عبر كابل بحري وصفه بأنه “الحبل السري لخدمة أساسية جوهرية”.
وختم رئيس حكومة سبتة المحتلة بالقول إن هذه التحولات تعزز أفقًا واعدًا للمدينة، غير أن نجاحه يظل رهينًا بمدى قدرة الجميع على الجمع بين متطلبات السيادة الداخلية وحسن الجوار مع المغرب، وهو ما اعتبره خيارًا استراتيجيًا يعود بالنفع المشترك على الطرفين.