أشبه ببرنامج انتخابي.. “اقتصاديو الاستقلال” يكشفون مقترحاتهم لميزانية 2026

فيما يشبه برنامج انتخابي يستبق التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تقدمت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، الذراع الاقتصادية لحزب الاستقلال، بسلسلة إجراءات تتضمن ثماني حزم من التدابير التي يتعين أخذها بعين الاعتبار عند إعداد قانون المالية لسنة 2026.
ودعت الرابطة، ضمن الورقة التي اطلعت عليها جريدة “مدار21″، إلى إعطاء الأولوية “لتعزيز الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاستثمار الخاص، وتقوية السيادة الصحية والغذائية والمائية والطاقية والصناعية لبلادنا، إضافة إلى دعم القدرة الشرائية للأسر المتضررة من تضخم غالباً ما يكون مستورداً أو ناتجاً عن مضاربات داخلية”.
وتوقعت الرابطة أن يختم الاقتصاد المغربي سنة 2025 بنمو يقدر بـ 4,5%، مع التحكم في نسبة التضخم قد تزيد قليلاً عن 1%، زيادة على تراجع طفيف في معدل البطالة، موصية “بتوخي الحذر بشأن فرضيات النمو، خاصة فيما يتعلق بإنتاج الحبوب، مقترحة أن تعتمد الحكومة فرضية لا تتعدى إنتاجا معدله 50 مليون قنطار سنويا.
تسريع تنزيل الدولة الاجتماعية
وأبرزت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين مقترحاتها لمشروع قانون المالية 2026، ومنها تسريع تنزيل المحاور الأساسية للدولة الاجتماعية، باعتماد “استهداف قائم على السجل الاجتماعي الموحد، بما يتيح تصحيح النواقص المسجلة في الممارسات الحالية”، مقترحة في هذا السياق “إعادة تحديد عناصر احتساب مؤشر السجل الاجتماعي الموحد بهدف تحسين استهداف الأشخاص المؤهلين للاستفادة من الدعم المباشر”.
ودعت الرابطة إلى مضاعفة المخصص المالي (من 100 الى 200 درهم) الموجه للأشخاص في وضعية إعاقة لتغطية أفضل لتكاليفهم الأساسية غير القابلة للتخفيض، وملاءمة حوكمة الحماية الاجتماعية عبر تعزيز موثوقية آليات التكفل بالعمال الموسميين، وتوسيع القاعدة المساهمة، وتحسين عملية التحصيل، واستكمال العرض الصحي من خلال تحسين تدبير خدمات الطوارئ الطبية.
وشددت الرابطة على ضرورة تسريع اعتماد وتنزيل الإصلاح العميق لنظام التقاعد، والذي طال انتظاره، وإرساء تنسيق أفضل بين الصناديق الاجتماعية والمؤسسات الصحية لضمان استمرارية الاستفادة من التغطية الصحية وتبسيط المساطر الإدارية للأسر. كما ينبغي تسريع رقمنة تلك الإجراءات، وتبسيط الولوج إلى المعلومات، وضمان الشفافية في تدبير الخدمات الاجتماعية.
مكافحة الوسطاء والمضاربين
وأكدت الرابطة على مواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، من خلال الاستمرار في إصلاح الضريبة على الدخل وتحفيز الادخار مع تجنب إغراق الأسر بالديون، مشيرة إلى ضرورة دعم الأسر في تمدرس أبنائها عبر منح تخفيضات ضريبية على نفقات التمدرس أو التكوين، معتبرين أنه آن الأوان لتفعيل هذا الحق في الخصم بالنسبة للتعليم العالي وتوسيعه ليشمل التعليم الابتدائي والثانوي، خاصة لفائدة الأسر ذات الدخل المحدود أو المتوسط.
وشددت على ضرورة “مكافحة المضاربات التي يقوم بها الوسطاء، لتخفيض أسعار اللحوم، وإعادة تشكيل القطيع خصوصا البقر، وضمان تزويد الأسواق باللحوم الحمراء ومنتجات الحليب”.
وأبرزت أهمية تشجيع آليات الادخار لدعم الطبقة الوسطى، مؤكدة على إيلاء “اهتمام خاص للعالم القروي، عبر تحسين مردودية الأنشطة الفلاحية وتربية المواشي، ومواصلة سياسة إعادة تشكيل القطيع، (خاصة الثروة البقرية) وتنظيم سلسلة إنتاج الحليب لصالح المربيين وتنويع مصادر الدخل السكان”.
اهتمام خاص للعالم القروي
ودعا اقتصاديو الاستقلال إلى إيلاء اهتمام خاص للعالم القروي، عبر تحسين مردودية الأنشطة الفلاحية وتربية المواشي، ومواصلة سياسة إعادة تشكيل القطيع، (خاصة الثروة البقرية) وتنظيم سلسلة إنتاج الحليب لصالح المربيين وتنويع مصادر الدخل السكان، مقترحين إطلاق بالتنسيق مع كبار المنتجين و«المجمّعين» نظام حصص للتصدير على المنتجات الأساسية، ودعم الارتقاء بجودة المنتجات القروية، وتخزينها، وتوضيبها، ومعالجتها محليًا.
واقترحت الرابطة إنشاء، على شكل تعاونيات محلية، في الجماعات القروية، مراكز شراء للمدخلات الخاصة بالمنتجات والخدمات الموجهة للأنشطة الفلاحية وتوزيعها، إضافة إلى خفض تكاليف الربط والاشتراك في الإنترنت بنسبة 50% في المناطق القروية لتمكين الوصول عن بُعد إلى خدمات التعليم والتكوين والصحة.
جيل جديد من البرامج الترابية
وفيما يخص التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تنزيل جيل جديد من البرامج الترابية، اعتبرت الرابطة أن الأمر “يتجاوز منطق تقليص الفوارق من خلال الاستثمار بالبنيات التحتية، ويعتمد في المقابل مقاربات مبتكرة تتمحور حول تنمية الرأسمال البشري، والإنصاف الاجتماعي، وتثمين المزايا الجهوية”.
وأوصت الرابطة بتقليص الفوارق في البنيات التحتية والخدمات، ومواصلة برنامج الطرق القروية وتطوير الربط بالسكك الحديدية الجهوية، وإحداث مرافق صحية متعددة التخصصات بين الجماعات، مدعمة بخدمات التطبيب عن بُعد لفائدة المناطق المعزولة، و بناء داخليات للتلاميذ في الإعدادي والثانوي، وتوفير نقل مدرسي عصري، ومحاربة الهدر المدرسي، واعتماد حلول لا ممركزة لتزويد المناطق غير المجهزة بالماء والكهرباء.
وضمن الاجراءت، أوضحت أهمية “تحفيز الاقتصاد المحلي وسلاسل القيمة الجهوية عبر تطوير أقطاب ترابية تأخذ بعين الاعتبار المزايا التنافسية والتخصصات والموارد المائية المحلية، وتحديد الإنتاج في بعد المناطق لتجنب الإفراط في انتاج بعض الفلاحات (على غرار الحو امض) ونقص في فلاحات أخرى.
خلق فرص عمل وفيرة
وفيما يخص التشغيل، أكدت الرابطة أن آليات دعم التشغيل، مثل برامج “إدماج” و”تحفيز” و”تأهيل”، لم تحقق “الأثر المنشود بعد، ومن الضروري تحديد أهدافها بدقة، وتوسيع المجال الجغرافي الذي تغطيه، ومواكبة المستفيدين منها بشكل حثيث، فضلا عن تحسين مستوى التنسيق بين المتدخلين”.
وأوصت الرابطة برفع مساهمة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) في تمويل التكوينات في إطار برنامج “تأهيل”، وتحسين معايير الاستفادة من برنامج “تحفيز”، إضافة إلى تشجيع التشغيل المهيكل من خلال تطبيق نسبة مخفضة بـ 50٪ على جميع الانخراطات الجديدة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خلال الـ 36 شهراً الأولى التي تلي التصريح”.
وأردفت أنه ينبغي “إطلاق برامج لإنشاء فرص عمل واسعة، مثل برنامج التشجير في جميع الجماعات، بما في ذلك الأراضي الخاصة مع توفير الدولة أنواع الأشجار الملائمة لها؛ وإطلاق برنامج «حزام أخضر» حول المدن الكبرى للحد من التلوث. كما يمكن إطلاق برنامج واسع لجمع ومكافحة التلوث البلاستيكي في اليابسة والمحيطات، تدعمه حملة توعية مجتمعية”.
تعزيز الإطار الاقتصادي
ودعت الرابطة إلى تحسين جاذبية إطارنا الاستثماري، من خلال تحرير الطاقات الإنتاجية، ورفع العوائق التنظيمية، وتسريع تفعيل الرافعات الرئيسية، مثل ميثاق الاستثمار الذي ينبغي أن يصبح عملياً بالكامل، بما في ذلك استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة، مع صرف الدعم المقرر في هذا الإطار.
وضمن الإجراءات التي تضمنها هذا المحور ضرورة “إعادة النظر في نظام المقاول الذاتي عبر توسيع سقف رقم المعاملات السنوي، وخفض نسبة الاقتطاع من المنبع من 30٪ إلى 20٪”.
تطوير مداخل الدولة والجماعات
وطالبت الرابطة الحكومة بمواصلة مجهوداتها لتطوير وتنويع مداخل الدولة والجماعات الترابية من أجل متابعة المشاريع الكبرى في مجال التنمية البشرية والاقتصادية بمختلف جهات المملكة، موصية بدعم ميزانيات الدولة والجماعات الترابية من خلال سياسة دفع جزء من أرباح المؤسسات العمومية للشركاء العموميون، بما فيها شركات التنمية المحلية وشركات التنمية الجهوية، وذلك عبر إطار تشريعي يتعلق بتوزيع الأرباح الخاص بهذه المقاولات.
وقدمت الرابطة توصيات من أجل تمكين الجماعات الترابية من زيادة مداخيلها، منها إجراء مراجعة دورية لنظام النفقات الضريبية، وتخصيص 34% بدلاً من 32% من إيرادات ضريبة القيمة المضافة للمجالات الترابية؛ مع تخصيص الإيرادات الإضافية حصريًا لتنفيذ مشاريع هيكلية من قبل هذه الجماعات المحلية، وإعادة تنظيم إمكانيات الإدارة الضريبية الجماعية.
خلق مشاريع كبرى للاستثمار العمومي
وأكدت الرابطة على الاستمرار في خلق مشاريع كبرى للاستثمار العمومي مع ترشيد التكاليف وتدبير نشط للمديونية، مفيدة أن تظاهرة كأس العالم 2030 تعتبر “محفزاً ومسرعاً للعديد من الاستثمارات في مجالات النقل، وإعادة هيكلة المجال الحضري، ومجالات البيئة، والطاقة، والسياحة، والاتصال الرقمي.
وتابعت أنه لتعزيز الانضباط المالي، والحفاظ على مرونة اقتصادنا واستدامة تمويلاتنا، سيكون من المفيد تحديد معايير الأولوية للاستثمارات بناءً على تقييم مسبق للنتائج الاجتماعية والاقتصادية المنتظرة من كل مشروع، مفيدة أنه “يستحسن إنشاء لجنة مستقلة يعهد لها بمهام تتبع وتقييم استدامة المالية العمومية ومدى الامتثال للقواعد، وكذا فعالية السياسات العمومية”.