“الكتاب” يتَمسَّك بتوسيع حالات التنافي وإشراك الأحزاب في مراجعة التقطيع

اقترح حزب التقدم والاشتراكية أن تتم دراسة جدوى وإمكانية إلزامية التصويت مع مراجعة التقطيع الانتخابي بما يضمن التجانس المجالي والإنصاف التمثيلي والتوازن والتناسب بين عدد السكان وعدد مقاعد كل دائرة، بناءً على معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 مع إشراك الأحزاب السياسية في هذه العملية، مؤكداً ضرورة توسيع حالات التنافي ما بين عضوية مجلس النواب (أو عضوية الحكومة) وما بين رئاسة الجماعات الترابية والغرف المهنية.
وقدَّم الحزب ذي التوجه اليساري، صباح اليوم الإثنين، إلى الرأي العام مذكرته التي رفعها لوزارة الداخلية بخصوص مراجعة القوانين الانتخابية، والتي تضمنت 72 إجراءً موزعة على 8 محاور كبرى، مشددا على أنها ليست مقترحات جامدة وإنما قابلة للمناقشة.
تخليق المناخ الانتخابي
وبخصوص تخليق العملية الانتخابية، طالب حزب “الكتاب”، عبر مذكرته التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، بمنع الترشُّح بالنسبة لكل الأشخاص المشبوهين المعروفين بممارسة الفساد وبإفساد الانتخابات، ولجميع المُدَانين أو المتورطين في قضايا فساد المال العام أو الفساد الانتخابي قيد النظر القضائي (يمكن تفادي التناقض مع قرينة البراءة بتوقيع الأحزاب السياسية ميثاق شرف بصيغة ملزِمة خاص بهذه النقطة لوحدها).
ويصر الحزب اليساري على تشديد العقوبات على كافة جرائم الفساد الانتخابي، واعتبارها، خاصة شراء الأصوات، جناية بعقوباتٍ خاصة أشد، موردا في هذا الصدد أهمية إطلاق خط أخضر وطني للتبليغ عن الخروقات والفساد الانتخابي، وتوفير الإمكانيات اللوجستيكية والبشرية الكافية للتعامل مع الشكاوى ذات الصلة.
وأشار الحزب السياسي عينه إلى ضرورة السماح الفعلي لممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين، برسم مختلف الدوائر الانتخابية بحضور ومراقبة عمليات الاقتراع والإحصاء والفرز وتمكينهم من نسخ المحاضر فوراً، طِبقًا للقانون وإقرار جزاءات زجرية مشددة في حق رؤساء مكاتب التصويت الممتنعين عن ذلك.
وضمن المطالب التي أدخلتها في إطار التخليق، لفتت المذكرة إلى ضرورة المنع الصارم لإدخال الهواتف إلى مكاتب التصويت والاحتفاظ بكل أوراق التصويت الصحيحة والملغاة والمتنازع عليها إلى غاية نهاية آجال تقديم الطعون بالإضافة إلى رقمنة المسار الانتخابي إلكترونيا (من التسجيل إلى الفرز وإعلان النتائج)، وخاصة في مكاتب التصويت، بهدف تعزيز النزاهة والسرعة في النتائج وإتاحتها للعموم فورًا مكتبا مكتبًا، والحد من الأخطاء البشرية أو التلاعب.
وعلى مستوى الرقابة القضائية للعملية الانتخابية، دافعت الوثيقة عينها على إعمال القضاء الاستعجالي في ملفات الفساد الانتخابي، لا سيما منها المسجلة أثناء الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع والسماح للأعوان القضائيين بممارسة مهامهم خارج نطاق اختصاصهم الترابي فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية وتوسيع وسائل إثبات المخالفات والخروقات الانتخابية، وبالخصوص اعتماد الإمكانيات الرقمية إلى جانب زجر الموظفين العموميين المشاركين في إفساد الانتخابات، بعقوبات جنائية وإدارية.
تحفيز المشاركة الانتخابية
وفي باب المشاركة في الانتخابات، اقترحت المذكرة عينها أن يتم الاحتفاظ بيوم الأربعاء كيومٍ للاقتراع، أو اختيار يوم آخر من أيام الأسبوع باستثناء يوم الجمعة ويوميْ نهاية الأسبوع، مع تشديدها على دراسة جدوى وإمكانية إقرار إلزامية التصويت.
وفي هذا الصدد، أوصت المذكرة ذاتها بإقرار الترخيص بالغياب، طيلة يوم الاقتراع، شريطة تبرير الغياب بالنسبة للموظفين والمستخدمين والتلاميذ والطلبة، عبر الإدلاء بشهادة نموذجية للمشاركة في الاقتراع يوقعها ويسلمها رئيس المكتب المعني فور تصويت المعني بالأمر، وذلك بهدف الرفع من نسبة المشاركة، متشبثاً بإعفاء الشباب من رسوم التنبر للحصول على بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر (لأول مرة).
مراجعة التقطيع وتشجيع التحالفات القبلية
يترافعُ دائمًا حزبُ التقدم والاشتراكية، حسب المذكرة عينها، دفاعاً عن نمط الاقتراع اللائحي والتمثيل النسبي، بدائرة وطنية تضم كل مقاعد مجلس النواب، أو على الأقل بدائرة وطنية تضُمُّ نصف مجموع المقاعد إلى جانب دوائر تشريعية محلية تشكل بدورها النصف الثاني من مجموع عدد مقاعد مجلس النواب (نظام مختلط)، مع اشتراط المناصفة التامة في الحالتيْن.
وأوضح الحزب عينه أن هذا النمط اللائحي بالتمثيلية النسبية هو الأكثر قدرةً على الترجمة الأمينة للخريطة السياسية الحقيقية، وينطوي على التكريسٍ الفعلي للتعددية، ويُمكِّنُ من إفراز طاقاتٍ وكفاءات سياسية ترفع من صورة وأداء ونجاعة مجلس النواب.
وسجل المصدر ذاته أن الحزبَ، استحضاراً منه لطبيعة وواقع السياق السياسي والانتخابي، يظل منفتحاً على كافة الاقتراحات والمراجعات التي، وإنْ لم تحقق الهدف أعلاه كُلِّـــيًّا، على الأقل تُسهم نسبيًّا وتدريجيًّا في توسيع نطاق الدوائر التشريعية المحلية بأكبر قدْرٍ ممكن، مع إيجاد الصيغ الملائمة التي تساهم بقوة في توسيع حضور النساء والشباب ومغاربة العالم والكفاءات السياسية، كما هو واردٌ في المحور الرابع من هذه المذكرة.
ودافع مراجعة التقطيع الانتخابي بما يضمن التجانس المجالي والإنصاف التمثيلي والتوازن والتناسب بين عدد السكان وعدد مقاعد كل دائرة، بناءً على معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024.
إعادة هيكلة الدوائر وفق منطق التجميع الإقليمي: بمعنى تجميع الدوائر الصغرى التي تضم 2 أو 3 مقاعد، والعمل على ألاَّ يقل عدد المقاعد المتنافس عليها في كل دائرة عن 4، لأن الاقتراع اللائحي لا يحقق غاياته إلَّا باعتماد دوائر تشريعية كبرى بما يعزز التعددية ويَحُدُّ من الهيمنة الحزبية.
وفي سياق منفصل، دعا الحزب السياسي عينه إلى تشجيع التحالفات القبْلية، لعقلنة الفضاء الحزبي والمؤسساتي، أساساً من خلال إقرار إمكانية تقديم الاتحادات الحزبية للوائح ترشيح تتضمن مرشحين ينتمون إلى حزبٍ أو عدة أحزاب يتألف منها الاتحاد الحزبي المعني؛ وأيضاً من خلال اعتماد مُحَصِّلَة نتائج التحالف الحزبي القبْلي المؤلَّف طبقاً للقانون، بمثابة نتيجةٍ واحدة، مع إقرار كل ما يترتب عن ذلك من آثارٍ سياسية وقانونية.
وأوصى التقدم والاشتراكية أيضاً بتوسيع حالات التنافي ما بين عضوية مجلس النواب (أو عضوية الحكومة) وما بين رئاسة الجماعات الترابية والغرف المهنية.
توسيع حضور الجالية والنساء والشباب
ودافعت المذكرة التي عكست تصور الحزب اليساري لقوانين تنظيم الانتخابات التشريعية، عن الرفع من نسبة التمثيلية على مستوى الدوائر الجهوية، بالرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في هذه الدوائر، لتنتقل إلى ثُـلُث إجمالي المقاعد، مع اتخاذ كل التدابير الأخرى التي من شأنها التحقيق الفِعلي للمناصفة الكاملة بين النساء والرجال داخل تشكيلة مجلس النواب المقبل.
وأكدت ضروة إلزام لوائح الدوائر المحلية لكل حزب، على صعيد كل جهة، بوجود امرأة أو شاب دون 40 سنة على رأس واحدة منها على الأقل، تحت طائلة الحرمان التام من التمويل العمومي، أو على الأقل تحت طائلة خصم نسبة التمويل العمومي المحتسب بناءً على أصوات ومقاعد الحزب المعني بالجهة المعنية.
وسجلت المذكرة ذاتها ضرورة العودة إلى اعتماد لائحة للشباب، مع تطبيق نظام التناوب على اللوائح الانتخابية، أو ما يسمى بـZipper System، وهو ما يتطلب من الأحزاب وضع مرشحين بالتناوب على لوائحهم الانتخابية، بدءًا بالنساء، مما يعني أن 50 في المئة من المرشحين بهذه اللائحة يجب أن يكونوا من النساء و50 في المئة من الرجال.
واقترح المصدر ذاته “العمل بكوطا المرشحين القانونية”، مشيراً إلى ضرورة إلزام الأحزاب السياسية بترشيح نسبة محدَّدَة بالقانون من النساء على لوائحها الانتخابية المحلية، كمتطلب قانوني إجباري بالإضافة إلى كوطا الأحزاب الطوعية، والتي تتبناها الأحزاب السياسية طواعية ضمن لوائحها الداخلية، دون إلزام قانوني، وبالمقابل تلتزم الدولة بوضع تمويلات إضافية للأحزاب عن ترشيحات النساء في لوائحها، لتشجيعها على الرفع من التمثيلية النسائية، أساساً حسب نسبة المرشحات في اللوائح الانتخابية، وأيضاً حسب المقاعد النسائية المحصل عليها.
واقترحت المذكرة اعتماد دائرة وطنية إضافية للأطر والكفاءات (إلى جانب الدوائر المحلية والجهوية)، يتم الاتفاق على عددها، مناصفةً بين النساء والرجال (امرأة-رجل)، مع إلزام تمثيلية ثُـلُـثَيْ الجهات على الأقل، للرفع من مستوى الأداء العام لمجلس النواب وإحداث دوائر انتخابية خاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، تناسبيا مع توزيعهم في الخارج مع اعتماد إمكانية التصويت الالكتروني المسبق في هذه الدوائر بالخارج ومقرات قنصليات بلادنا بالخارج في التسجيل، وإيداع الترشيحات، وفي التصويت وفرز الأصوات.
تنقية اللوائح الانتخابية
وعلاقة بتحيين اللوائج الانتخابية، دعت المذكرة إلى التنقية الشاملة للوائح الانتخابية، لضمان مصداقيتها وشفافيتها، بما يشمل التشطيب التلقائي على أسماء المتوفين والمكرر تسجيلهم وتفعيل إشعار المشطَّب عليهم بكافة الوسائل داخل الآجال القانونية.
وأوصت “مذكرة الرفاق” باعتماد التسجيل التلقائي، والمفتوح دون انقطاع، حتى إلى أجل حصر اللوائح الانتخابية، بناءً على قاعدة بيانات البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، ولا سيما منها عنوان السكن وتقديم طلبات القيد أو تغيير القيد طيلة السنة، عبر منصة رقمية رسمية دائمة التفعيل.
وشددت الوثيقة ذاتها على تمكين الأحزاب من الحصول على نُسخ إلكترونية للوائح الانتخابية مُبوَّبَة حسب مكاتب التصويت، وبطلب مركزي واحد، في أي وقتٍ وحين، دون تقييد بأي آجال واعتماد بطاقة التعريف الوطنية لوحدها للتصويت، وإلغاء بطاقة الناخب.
وبخصوص الإشراف، سجلت المذكرة أنه إلى جانب الإشراف السياسي والتنظيمي والإداري والتقني المباشِر على الانتخابات الذي تضطلع به وزارة الداخلية، يُقترح إحداث هيئة تتبع ومواكبة سياسية وطنية، بتمثيليات إقليمية، تشتغل طيلة مراحل الانتخابات، تَضُمُّ تمثيلية الأحزاب السياسية، والسلطات الإدارية الترابية، وهيئات الحكامة المنصوص عليها في الدستور، وتكون تحت إشراف ممثل عن السلطة القضائية، وبدورية اجتماعات منتظمة.
مضاعفة تمويل الحملات الانتخابية
وفي ما يتعلق بالتمويل العمومي للحملات الانتخابية للأحزاب السياسية، شدد التقدم والاشتراكية على مراجعة منظومة التمويل العمومي للأحزاب برسم الانتخابات التشريعية، مؤكدا ضرورة مضاعفة الغلاف الإجمالي المرصود للأحزاب السياسية برسم مساهمة الدولة في تمويل نفقات الحملات الانتخابية، أخذًا بعين الاعتبار ارتفاع معدلات التضخم، ومراعاةً لمبدأ تكافؤ الفرص، وتفاديا للجوء المرشحين إلى التجاوز غير المشروع لسقف النفقات.
ودعا المتحدث ذاته إلى تمويل جزافي سنوي متساوي للأحزاب التي تغطي 30 في المئة من الدوائر الانتخابية التشريعية لمجلس النواب وتحصل على 1 في المئة من الأصوات فما فوق إلى جانب تمويل إضافي مماثل لقيمة التمويل الأول للأحزاب الحاصلة على ما بين 1 في المئة و3 في المئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية لمجلس النواب.
واقترح الصمدر عينه تمويل بحصة ثالثة متناسبة مع عدد المقاعد والأصوات للأحزاب التي تتجاوز 3 في المئة في انتخابات أعضاء مجلس النواب مع مراجعة سقف مصاريف الحملات الانتخابية، لتجنب تجاوزه بطرق غير مشروعة، والعمل على توفير آليات مشدَّدَة وشفافة لمراقبة كل تجاوز في هذا الشأن.