بنعبد الله يدافع عن إشراف “الداخلية” على الانتخابات ويشترط الحياد الإيجابي

دافع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، عن استمرار إشراف وزارة الداخلية على تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة بحكم أنها، حسبه، الجهة الوحيدة التي تتوفر على الإمكانيات لتنظيف الانتخابات، مطالباً في المقابل بالتزام الإدارة بالحياد الإيجابي اتجاه جميع الهيئات السياسية التي ستشارك في هذا الاستحقاق التشريعي.
وأورد الأمين العام لحزب “الكتاب”، في كلمته ضمن الندوة التي نظمها الحزب بمقره المركزي بالرباط اليوم الإثنين، لتقديم مذكرته حول تعديل القوانين الانتخابية، أنه “نحن لا نستعمل مالا ولا نرشح الفاسدين”، مشدداً على أن الأحزاب السياسية مطالبة اليوم بفضح من يقوم بهذه الممارسات المنافية لنزاهة الانتخابات.
وألح بنعبد الله على التزام الإدارة بالحياد العام في الانتحابات التشريعية المقبلة، مبرزاً أن كل الممارسات الفاسدة يجب أن يعاقب عليها القانون وبالتالي لابد من إقرار عقاب قانوني على أي اختلال في جميع مراحل الانتخابات سواء في الترشيح أو التصويت أو الحملة الانتخابية أو غيرها من مراحل الانتخابات.
وسجل أن هذه الآليات هي التي يمكن أن تستعيد ثقة الشباب في السياسة والمواطنين بشكل عام، لافتاً إلى أن “الفساد الذي بلغته انتخابات 2021 يمكن وصفه بـ’تسونامي’ من المال السياسي الفاسد”، موردا أن “دخول مفسدين إلى الفضاء السياسي أمر خطير على الديموقراطية والسياسة في البلد”.
وأوضح السياسي اليساري أنه “لا بد من إبعاد كل من تنفث منه رائحة الفساد السياسي”، مشددا على أن “تكرار تجربة انتخابات 2021 هو أكبر طامة يمكن أن تحل بهذه المحطة السياسية أو بشكل أسوأ، بحكم أن بلادنا غير قادرة على تحمل مسلسل مشابه لانتخابات 2021”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “مسار التنمية في بلادنا مرتبط بإعطاء صورة مغايرة وتنظيم انتخابات تتميز بنزاهتها”، مقترحا في هذا الصدد أن “يتم توقيع ميثاق شرف بين الأحزاب السياسية يتضمن مبادئ مهمة على رأسها محاربة الفساد السياسي وعدم ترشيح الفاسدين”.
وبالرجوع إلى مذكرة الحزب بخصوص تعديلات الحزب المقترحة على القوانين الانتخابية، سجل بن عبد الله أن “المذكرة تضمنت 72 إجراءً من 8 محاور كبرى”، مسجلا أن “هذه تعديلات مرتبطة بانتخابات مجلس النواب أي أنها تهم الانتخابات التشريعية فقط”.
وأورد المتحدث ذاته أن “مذكرة الحزب ليست جامدة وتبقى منفتحة على تصورات أخرى في المراحل السابقة”، مبرزاً أن “الانتخابات ليست مسألة تقنية وإنما قضية سياسية ودستورية”.
وتابع زعيم “حزب الرفاق” أن مقترحات الحزب تتعلق بتخليق العملية الانتخابية وتحفيز المشاركة الانتخابية وتطوير مقاربة نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي وتشجيع التحالفات القبلية بالإضافة إلى توسيع حضور النساء والشباب ومغاربة العالم وتحيين اللوائح الانتخابية وتطوير التنظيم المادي وتطوير الدعم المالي للأحزاب السياسية.
وشدد بنعبد الله على أنه “لا بد من الالتزام بأن تجري الانتخابات في موعدها المحدد والتحضير لكل الجوانب المرتبطة بها قبل متم هذه السنة، تنفيذا للتوجيهات الملكية”، مورداً أن “الهدف هو أن نصل إلى منظومة قانونية عامة متشاور بشأنها قبل نهاية 2025”.
ولم ينف السياسي عينه مسؤولية الأحزاب السياسية في ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات التشريعية بالقول إنه “لابد من أن تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها في انتقاء المترشحين ذوي الكفاءة والنزاهة والنظيفين سياسياً”.
وضمن تطلعات “الحزب التقدمي” من هذه المناسبة الانتخابية، أكد بنعبد الله ضرورة إفراز إصلاح عميق وفعلي للمنظومة الانتخابية وجعل انتخابات 2026 محطة سياسية متميزة ولحظة وطنية يعتز فيها الشعور بالانتماء بين المواطن وصندوق الاقتراع ومجلس النواب.
وبيَّن المسؤول الحزبي عينه أن “هناك مراجعات يجب أن تكون جذرية”، مشيراً إلى أن “الانتخابات لا يجب أن تمر بشكل عادي فقط وإنما يجب أن تشكل منعطفا يجعلها تساهم في مصالحة المغاربة مع الشأن السياسي والشأن الانتخابي”.
واعتبر بنعبد الله أنه “إذا لم يتم هذا الإصلاح فإن النتيجة الطبيعية هي أن اللأزمة بين المواطن والسياسة ستتعمق”، ملحاً على أنه “لابد من إفراز مجلس نواب فعال وقادر على التأثير في الرقابة والتشريع ومراقبة السياسات العمومية”.
وسجل السياسي عينه أن “هناك أمور دستورية لا محيد عنها وهي الاختيار الديمقراطي الذي بوأه النص الدستوري منزلة ثابتة من ثوابت الأمة، بالإضافة إلى مبدأ فصل السلط وتوازنها وتعاونها ومواطنة تشاركية”، مبرزاً أن “السلطات العمومية لها دور مهم في توفير صورة جيدة لهذه الانتخابات”.
وسجل السياسي عينه أن “الفداحة اليوم هو أنه من أصل 28 مليون مغربي لا يصوت سوى 18 مليون مواطن”، مشيراً إلى أنه “من أصل 18 ملايين الذين لا يصوتون هناك 9 ملايين لا يصوتون و9 ملايين آخرين غير مسجلين في اللوائح الانتخابية، بالإضافة إلى أن مليون صوت من الذين يصوتون هي ملغاة”.
وأوضح بنعبد الله أن “الإجراءات التقنية مهمة لكن الإطار العام والسياسي هو الآخر لا يقل أهمية”، مبرزاً أن “هناك جوانب مغيبة بشكل مطبق أو جزئي مثل قضية ترشح وتصويت مغاربة العالم الذي ما يزال يعاني من عدة مشاكل خصوصاً التمثيلية غير الكافية والاحتفاظ بالتصويت عبر الوكالة”.
وتابع السياسي عينه “لدينا اقتراح بأن يصوت مغاربة العالم في دوائر انتخابية في دول إقامتهم مع الحرص على ضرورة اعتماد التصويت المباشر عوض نمط التصويت بالوكالة”.
وضمن المواضيع التي ما تزال فيها الاختلالات متواصلة في علاقة بالانتخابات، أشار بنعبد الله إلى ضرورة إقرار المساواة بين النساء والرجال عبر مدخل المناصفة التي نص عليها الدستور إلى جانب توسيع وتعميم مشاركة الشباب”.
واعتبر بنعبد الله أن “الديمقراطية جزء أساسي”، مجيبا بعض الآراء السائدة التي تبخس العمل السياسي والانتخابي بالقول إن “السبيل الأساسي لبناء تنمية حقيقية هو الديمقراطية وتعميم فكرة أن جميع المنتخبين فاسدون سياسيا هي فكرة خاطئة، وإنما هناك سياسيون نزهاء يشتغلون بجدية للانتقال إلى حياة سياسية ديمقراطية خالية من الممارسات الفاسدة”.
وسجل الأمين العام لحزب “الكتاب” أنه “لابد من الاستماع إلى اقتراحات الأحزاب السياسية الأخرى”، مبرزاً أن “هذا هو الصراع الديمقراطي، وسنتفاوض إلى أقصى حد من أجل تنظيف الأجواء السياسية من الاختلالات التي تعرفها”.