سياسة

الاشتراكي الموحد يقترح إصلاحات لضمان المناصفة وتجديد النخب وضمان نزاهة الانتخابات

الاشتراكي الموحد يقترح إصلاحات لضمان المناصفة وتجديد النخب وضمان نزاهة الانتخابات

دعا الحزب الاشتراكي الموحد، في مذكرة حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية، إلى إصلاح عميق للمنظومة الانتخابية من خلال إلغاء اللوائح الحالية واعتماد التسجيل التلقائي المبني حصرا على البطاقة الوطنية لضمان شمولية وشفافية العملية، مع تعميم الحصول على البطاقة خاصة في القرى والمناطق الجبلية.

كما طالب بمراجعة التقطيع الانتخابي لتكريس العدالة المجالية والتمثيل المنصف، مقترحا توحيد المدن الكبرى في دوائر واحدة بمعدل مقعد لكل 100 ألف نسمة، واعتماد دوائر إقليمية في المناطق الأقل كثافة بمعدل مقعد لكل 75 ألف نسمة، مؤكدا أن أي انتخابات مقبلة ستظل مطعون في نزاهتها ما لم تُبن على هذه الإصلاحات.

واعتبر الحزب في مذكرته أن الانتخابات المغربية ظلت لعقود طويلة عرضة لانتقادات واسعة بسبب “ما شابها من خروقات تراوحت بين التزوير المباشر وتغيير المحاضر والتدخل غير المشروع للمال السياسي من أجل شراء الأصوات والذمم، وصولا إلى الحياد السلبي للسلطات”، لافتا إلى أن هذه الممارسات ساهمت في تكريس العزوف الشعبي، إذ لم تتجاوز نسب المشاركة الانتخابية في أحسن الأحوال 50 بالمئة، كما أفرغت العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي.

ومن أبرز مواطن الخلل التي توقفت عندها المذكرة اللوائح الانتخابية الحالية التي تستثني بشكل واسع المواطنين البالغين سن 18 عاما من التسجيل التلقائي، مما يحرمهم من حقهم الدستوري في التصويت والمشاركة في الحياة العامة.

وأشارت في هذا الصدد إلى أن الفصل 30 من الدستور يضمن بشكل صريح حق كل مواطنة ومواطن في التصويت والترشح متى بلغ سن الرشد القانوني وتمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وأن حرمان أي شخص من هذا الحق يعد خرقا للدستور وللالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان.

وانطلاقا من هذا التشخيص، دعا الحزب الاشتراكي الموحد إلى إلغاء اللوائح الانتخابية المعمول بها حاليا واعتماد لوائح جديدة مبنية حصرا على قاعدة بيانات البطاقة الوطنية للتعريف باعتبارها الآلية الأدق والأكثر نزاهة وشمولية، مشددا على ضرورة أن يكون السكن الرئيسي هو المعيار الوحيد لتحديد مكان التصويت، وأن أي انتخابات أو استفتاءات مستقبلية ستظل مطعون في نزاهتها وشفافيتها ما لم يتم اعتماد هذه القاعدة بشكل كامل لتطهير اللوائح من الأسماء الوهمية والمتوفين والمكررين.

وطالبت المذكرة وزارة الداخلية والإدارة العامة للأمن الوطني ببذل مجهودات واسعة لتعميم البطاقة الوطنية للتعريف، من خلال تنظيم قوافل ميدانية في القرى النائية والمناطق الجبلية، وإطلاق حملات داخل الثانويات لتسجيل التلاميذ البالغين، مع تقديم دعم لوجستيكي ومادي يضمن تمكين المواطنين والمواطنات أينما كانوا من الحصول على هذه الوثيقة.

وإلى جانب محور الهيئة الناخبة، اعتبرت المذكرة أن التقطيع الانتخابي يشكل عاملا أساسيا في تحديد ملامح الخريطة السياسية وفي ضمان التمثيل العادل لجميع فئات المجتمع والمناطق.

وأشارت إلى أن اعتماد نمط الاقتراع اللائحي النسبي منذ 2002 ساهم في تعزيز الطابع السياسي للمنافسة من خلال التصويت على البرامج بدل الولاءات الشخصية أو القبلية، غير أن طريقة تنزيله أدت إلى نتائج عكسية بعدما تم تقسيم الأقاليم التي يزيد عدد مقاعدها عن خمسة إلى أكثر من دائرة انتخابية صغيرة، وهو ما قلص من فوائد التمثيل النسبي وأعاد منطق الاقتراع الفردي الذي يكرس هيمنة أحزاب بعينها ويضعف التنافس على البرامج.

وبناء على التجارب السابقة، شدد الحزب على أن التقطيع غير المنسجم يفرز تمييزا جهويا ويقوض التنافس الديمقراطي، داعيا إلى اعتماد مبادئ جديدة تضمن العدالة المجالية والتمثيل المنصف. وتضمنت المذكرة في هذا السياق الدعوة إلى تجميع وتوسيع الدوائر الانتخابية وتقليص التفاوتات الصارخة في عدد السكان الممثلين لكل مقعد، إذ يتجاوز الرقم في بعض الدوائر الحضرية 200 ألف نسمة مقابل عشرة آلاف فقط في دوائر قروية.

وفي المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومراكش، أوصى الحزب باعتماد مبدأ وحدة المدينة لتصبح دائرة تشريعية واحدة، على أساس تخصيص مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة، بما يضمن تمثيلا متوازنا وعادلا لجميع سكانها. أما خارج المدن الكبرى، أي في المناطق التي يقل عدد سكانها عن 300 ألف نسمة، فقد اقترح الحزب توحيد جميع الجماعات الواقعة ضمن الإقليم الواحد في دائرة تشريعية إقليمية، مع تخصيص مقعد واحد لكل 75 ألف نسمة، على ألا يقل عدد المقاعد عن مقعدين مهما كان عدد سكان الإقليم.

وأكد الحزب في مذكرته أن اعتماد هذه الإصلاحات في اللوائح والتقطيع الانتخابي سيعيد الثقة في العملية السياسية ويمنحها المصداقية المفقودة، كما سيضمن تمثيلا برلمانيا يعكس بحق التركيبة السكانية والحقوق الدستورية لجميع الفئات والمناطق، ويجعل من المؤسسة التشريعية فضاء للتنافس حول البرامج والسياسات بدل الولاءات الضيقة والانتماءات الجهوية.

وبخصوص الأهلية وشروط الترشح، التي اعتبرها حجر الزاوية في تعزيز المشاركة السياسية وضمان تمثيل ديمقراطي عادل، شدد الحزب على ضرورة خفض سن الترشح إلى 18 سنة كاملة، انسجاما مع السن القانوني للتصويت، مؤكدا أن إشراك الشباب في العملية السياسية يعد مدخلا أساسيا لتجديد الحياة الديمقراطية، داعيا إلى إلغاء الضمانة المالية التي يفرضها القانون على المرشحين، باعتبارها عائقا ماليا يقصي فئات واسعة من المواطنين ويحد من مشاركتهم.

وأكد الحزب على ضرورة اعتماد البطاقة الوطنية وحدها كأساس للتسجيل التلقائي في اللوائح الانتخابية، وبالتالي إلغاء شرط الإدلاء بشهادة التسجيل ضمن ملف الترشح، ما دامت السلطات تتوفر مسبقا على قاعدة بيانات محينة. كما اقترح فتح باب الترشح قبل شهرين كاملين من يوم الاقتراع وإغلاقه قبل شهر واحد، بما يتيح للمرشحين الوقت الكافي لإعداد ملفاتهم وللجهات المشرفة فرصة التحقق من صحتها.

وفي السياق ذاته، دعا إلى اعتماد منصة رقمية خاصة لإيداع ملفات الترشح حصريا، تتضمن إلى جانب الوثائق القانونية بيانات إضافية حول المسار التعليمي والمهني والسجل العدلي والوضعية الضريبية والاجتماعية، بحيث تكون متاحة للعموم على المنصة من باب الشفافية دون أن تصبح جزءا رسميا من الملف القانوني.

وبخصوص تحمل المسؤوليات داخل مكاتب البرلمان أو اللجان، أوصى الحزب باعتماد شرط الحصول على شهادة الإجازة على الأقل، لضمان مستوى تعليمي يؤهل المسؤولين لممارسة مهامهم التشريعية بكفاءة. كما اقترح الحرمان من الترشح والتصويت لكل من ثبت تورطه في الفساد الانتخابي أو في جرائم التزوير والمخالفات المرتبطة بالعملية الانتخابية، انسجاما مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وذهب الحزب أبعد من ذلك باقتراح إطلاق ورش وطني واسع لإقرار قانون خاص بمكافحة الفساد السياسي والاقتصادي، يحدد بدقة الجرائم والجنح المرتبطة به وآثارها القانونية على الحق في الترشح والتصويت وتولي المسؤوليات العمومية، إلى جانب اعتماد نص مستقل حول الإثراء غير المشروع يضع آليات دقيقة للتصريح بالممتلكات وتتبع مسارها، مع تحديد العقوبات المرتبطة بها.

ويرى الحزب أن هذه الإصلاحات مجتمعة تمثل خطوات جوهرية لإرساء بيئة انتخابية قائمة على الشفافية وتكافؤ الفرص، ولإعادة الثقة في المؤسسات عبر منافسة سياسية قائمة على الكفاءة والبرامج بدل الولاءات أو المال، بما يعكس التزام الدولة والمجتمع بحقوق المواطنين الدستورية ويجسد الإرادة السياسية في بناء انتخابات نزيهة وذات مصداقية.

ففي ما يتعلق بالنساء، شدد الحزب على ضرورة الحفاظ على الدوائر الجهوية المخصصة لهن مع تمكين البرلمانيات من الترشح لولاية ثانية، بدل حصر مشاركتهن في تجربة واحدة تنقطع بعد انتهائها، مقترحا أن تُبنى اللوائح الانتخابية على أساس المناصفة الصارمة بين النساء والرجال، على الأقل في النصف الأول من القوائم، ضمانًا لتمثيل عادل.

كما أوصى الحزب بتشجيع الأحزاب السياسية على رفع نسب ترشيح النساء عبر تخصيص دعم مالي إضافي لها إذا تجاوزت نسبة النساء المرشحات 20% من الدوائر المحلية، وهو إجراء يروم كسر الحواجز التقليدية أمام مشاركة المرأة السياسية وتكريس حضورها في مواقع القرار.

أما بالنسبة للشباب، فقد أكد الحزب أن تجديد النخب السياسية يقتضي فسح المجال أمام هذه الفئة الحيوية من المجتمع، مقترحًا ربط جزء من التمويل العمومي الموجه للأحزاب بمدى التزامها بترشيح شباب وشابات لا يتجاوز سنهم 36 سنة في ما لا يقل عن 20% من الدوائر الانتخابية.

ويرى الحزب أن هذا الإجراء سيضمن دماءً جديدة في المؤسسات التشريعية، وسيمنح الشباب فرصة حقيقية للمساهمة في صناعة القرار السياسي بدل الاقتصار على أدوار هامشية.

وفي المحور المتعلق بمغاربة العالم، اعتبر الحزب أن استمرار حرمانهم من حق التصويت والترشح منافٍ للدستور ولمبدأ المواطنة الكاملة، داعيًا إلى إحداث دوائر انتخابية خاصة بهم تُمكّنهم من تمثيل جالياتهم داخل البرلمان.

واقترح فتح مكاتب للتصويت في السفارات والقنصليات عبر مختلف بلدان الإقامة، واعتماد آليات حديثة مثل التصويت الإلكتروني عن بُعد، مع إلغاء العمل بنظام التصويت بالوكالة الذي أثبت محدوديته.

ولفت الحزب الانتباه إلى ضرورة وضع ضوابط قانونية دقيقة تمنع مزدوجي الولاء أو من سبق لهم الخدمة في جيوش أجنبية من الترشح أو التصويت، بما يحفظ السيادة الوطنية. وإلى جانب ذلك، دعا إلى ربط تمويل الأحزاب بنسبة ترشيحها لمغاربة الخارج، لضمان إدماجهم الفعلي في العملية السياسية.

أما المقيمون النظاميون بالمغرب، فاعتبر الحزب أن مشاركتهم الاقتصادية والاجتماعية تمنحهم الحق في الانخراط في تدبير الشأن المحلي، مقترحًا تمكينهم من التصويت والترشح في الانتخابات الجماعية، على غرار ما هو معمول به في عدة تجارب ديمقراطية متقدمة، في أفق تعزيز التعايش والتعددية داخل المجتمع المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News