سياسة

مطالب حقوقية بإحالة المسطرة الجنائية على أنظار المحكمة الدستورية

مطالب حقوقية بإحالة المسطرة الجنائية على أنظار المحكمة الدستورية

بعد قرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية عدد من مقتضيات المسطرة المدنية، تترقب فعاليات حقوقية أن تحال المسطرة الجنائية هي الأخرى لافتحاص دستوريتها، لاسيما في ظل الانتقادات التي طالت عدد من موادها، خاصة التي تقيد حق الجمعيات في رفع الدعاوى القضائية حول قضايا الفساد.

وأثارت المصادقة النهائية على مشروع قانون المسطرة الجنائية امتعاضا واسعا وسط فعاليات حقوقية ومدنية، طالبت بحذف المقتضيات التي تتناقض مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية، معتبرة إياها بمثابة منحة للوبيات الفساد وأنها تشجع على الإفلات من العقاب.

وقال المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بلاغ الصادر عن اجتماعه الأسبوع الماضي، اطلعت عليه جريدة “مدار21″، إنه “ينتظر أن تتم إحالة كل مشاريع القوانين على المحكمة الدستورية بدءا بمشروع المسطرة الجنائية”، مضيفا أنه قد قرر “وضع خطة للترافع من أجل هذا المطلب الحقوقي الأساسي”.

جاء ذلك بعد ترحيب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقرار المحكمة الدستورية بشأن مشروع المسطرة المدنية، مسجلة أنه “قرار يؤكد انتقادات الحركة الحقوقية للمشروع دون أن يقف عند كل المواد التي تتطلب المراجعة، علما أن المطلوب أيضا هو ملاءمة المشروع مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وليس مع الدستور فقط”.

وتوقفت الجمعية، خلال الاجتماع المذكور، عند ما اعتبرته “تزايد قضايا الفساد وانفضاح العديد من الملفات الجديدة، وتجدد الحديث عن أخرى، من ضمنها ما سبق للجمعية أن راسلت بشأنها المسؤولين أو انتصبت فيها كطرف مدني كقضية البرلماني المعتقل “رشيد الفايق” بفاس، التي تكشف عن مدى استشراء الفساد الانتخابي حسب ما كشفت عنه تصريحات المشتكي”.

ومن جهته قال تحالف ربيع الكرامة إنه تابع “باهتمام بالغ قرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية بعض المواد من مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية، لعدم انسجامها مع أحكام الدستور وضماناته المرتبطة بالحق في المحاكمة العادلة، والمساواة أمام القضاء، وحماية حقوق الدفاع”.

وثمن التحالف “هذا القرار التاريخي”، مؤكدا أن “المبادئ نفسها تفرض امتداد الرقابة الدستورية إلى قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه المؤسسة التشريعية مؤخرا، والذي –للأسف– حافظ على نفس الفلسفة التمييزية التي تهدد حقوق المواطنات، وتكرس الإفلات من العقاب”.

واعتبر تحالف ربيع الكرامة أن القانون الجديد تجاهل بعد النوع في مختلف أبوابه، ولم يعالج الثغرات التي طالما نبهت إليها الحركة الحقوقية والنسائية، مشيرا إلى المادة 3 التي ما زالت “تحصر حق تقديم الشكايات ومباشرة المتابعات في أطراف محددة، مقصية الجمعيات النسائية والحقوقية من لعب دورها في مؤازرة الضحايا وفضح مرتكبي الجرائم، خاصة في قضايا العنف المبني على النوع”.

ولفت التحالف إلى “المادة 7 التي تبقي على قيود غير مبررة في ولوج الضحايا للعدالة، وتفتح الباب أمام إسقاط المتابعات بطرق تؤدي إلى الضغط على النساء للتنازل أو الصلح القسري”.

وشدد على “غياب أي تنصيص واضح على حماية الضحايا والشهود في قضايا العنف القائم على النوع، مما يدفع العديد من النساء إلى الإحجام عن التقاضي خوفا من الانتقام أو الوصم”، قبل أن يخلص التحالف إلى أنه “بصفة أكثر شمولية مختلف المواد التي لا تراعي بعد النوع في الشق المسطري لمختلف مراحل التقاضي”.

ووضح تحالف ربيع الكرامة أن “هذه الاختلالات ليست مجرد تفاصيل تقنية، بل هي مساس مباشر بالدستور وبالتزامات المغرب الدولية، وتؤدي عمليا إلى تحصين المعتدين من المساءلة، وتقويض الثقة في المنظومة القضائية”.

وأردف أن “هذه الاختلالات تتناقض مع التزامات المغرب الدولية، ومع الاستحقاقات الوطنية في أفق سنة 2030 التي حددتها الأمم المتحدة كسقف للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات”، مفيدا أن “الإبقاء على مقتضيات تمييزية في قانون المسطرة الجنائية يمثل خطوة خطيرة للوراء ويضرب في العمق التزامات المغرب في مجال المساواة والعدالة”.

وأعلن رفضه القاطع “لمجموعة من المواد التي تكرس التمييز والإقصاء تجاه الحركة الحقوقية والنسائية في سعيها للانتصاف للضحايا، وخاصة المادتين 3 و7، بالإضافة الى جميع المواد التي تخل بمبدأ المساواة أمام القانون، مما يعيق تحقيق العدالة والديمقراطية”.

ودعا التحالف إلى ملاءمة جميع القوانين مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، داعيا “المحكمة الدستورية إلى ممارسة رقابة استباقية على قانون المسطرة الجنائية الجديد، لإعمال عدم دستورية العديد من بنوده وإسقاط كل المقتضيات التي تنتهك مبدأ المساواة وحماية الضحايا”.

    ووجه التحالف “نداء إلى كافة البرلمانيات والبرلمانيين لتحمل مسؤوليتهم التاريخية في حماية الحقوق والحريات، والدعوة العاجلة لإلغاء المواد التمييزية، وضمان حق الجمعيات في الترافع ومحاربة الفساد”، داعيا “كافة القوى الحقوقية والنسائية إلى إطلاق حملة وطنية ضاغطة للدفع بعدم دستورية المواد التي تم إقرارها والتي تكرس التمييز وتقوض دعائم مسطرة جنائية عادلة ومنصفة للجميع”.

    واعتبر التحالف إن “الإصلاح الحقيقي لا يكتمل بإسقاط مواد معيبة من المسطرة المدنية فقط، بل بمواءمة جميع القوانين الإجرائية مع الدستور، لضمان عدالة لا تستثني أحدا، وتحمي كرامة النساء والرجال على حد سواء”.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News