جالية

من تيليغرام للشارع.. كيف فجّر فيديو مزيف الكراهية ضد المغاربة بإسبانيا؟

من تيليغرام للشارع.. كيف فجّر فيديو مزيف الكراهية ضد المغاربة بإسبانيا؟

حذر تقرير حديث من تصاعد خطير في الاعتداءات العنصرية بإسبانيا، مشير إلى أن حملات التضليل المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورًا محوريًا في تغذية خطابات الكراهية، خاصة ضد المهاجرين، وفي التحريض غير المباشر على العنف.

وسلّط التقرير الضوء على موجة العنف الأخيرة التي شهدتها مدينة “طورّي باشيكو”، والتي تحوّلت فيها الشائعات الرقمية والمنشورات الزائفة إلى أداة فعالة في بث الرعب وتأليب الرأي العام.

وأكدت صحيفة لو تليغرام الفرنسية، في تقرير نشرته يوم أمس الأحد، بتعاون مع وكالة الأنباء الفرنسية AFP، أن نشر مقطع فيديو مفبرك يُزعم أنه يوثق الاعتداء، إلى جانب صور وأسماء خمسة شبان قُدّموا زورًا كجناة، ساهم في إشعال حالة من الهلع والتهييج، قبل أن تكشف وسائل إعلام ومصادر تحقق أن جميع هذه المواد زائفة ولا علاقة لها بالواقعة الأصلية.

وأضاف المصدر ذاته أن هذا السيناريو يُعيد إلى الواجهة عددًا من الادعاءات السابقة التي تم ترويجها في إسبانيا حول مهاجرين، والتي ثبت زيفها، مثل تلقيهم مساعدات مبالغ فيها أو اتهامهم بالمساس بالتقاليد الإسبانية.

وفي تحليله للوضع، صرّح ألكسندر لوبيز بورّول، أستاذ الإعلام والتواصل بجامعة كتالونيا المفتوحة، وبحسب ما نقله التقرير، أن “التضليل في طورّي باشيكو كان في الآن ذاته وقودًا وشرارة”، مشيرًا إلى أن الخطاب المعادي للهجرة يتراكم تدريجيًا، ثم ينفجر عندما تقع واقعة ملموسة يُعاد توظيفها سياسيًا وإعلاميًا.

من جهتها، شبهت إليسا بري، أستاذة علم الاجتماع بجامعة كومبلوتنسي بمدريد، تأثير التضليل بـ”مشعل حرائق يصل في ذروة الحرارة”، قائلة: “الجو السياسي حار، هناك تحذيرات، ثم يأتي من يشعل عود الثقاب.. وهذا بالضبط ما يحدث مع الأخبار الزائفة”.

ويُحذر التقرير من أن مثل هذه الخطابات تنتقل بسرعة من منصات شبه مغلقة مثل تيليغرام، إلى فضاءات عمومية مثل “إكس” و”تيك توك”، قبل أن يتلقفها بعض الساسة ويعيدوا إنتاجها في تصريحات رسمية، مشيرا بشكل خاص إلى حزب “فوكس” اليميني المتطرف، الذي يروّج لفكرة “إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية”.

وفي نفس الاتجاه، أوضح مارسيلينو مادريغال، خبير الشبكات والأمن السيبراني، أن الإنترنت لم يكن فقط قناة لنقل الأخبار، بل تحوّل إلى أداة لتفجير الغضب، قائلًا إن ما جرى في طورّي باشيكو “جاء في سياق سياسي غير مستقر، تغذيه تكهنات حول انتخابات مبكرة وتصلب مواقف بعض الأحزاب تجاه الهجرة”، مضيفًا أن بعض الجهات تحاول من خلال هذه الروايات الزائفة “زعزعة استقرار الحكومة أو تقديم نفسها كبديل، بدل التركيز على تقديم حلول لمشاكل واقعية”.

ويُذكر أن جذور هذا التوتر تعود إلى واقعة حدثت يوم 9 يوليوز، حين ادعى متقاعد إسباني يبلغ من العمر 68 سنة، أنه تعرّض لهجوم من طرف ثلاثة شبان من أصول مغاربية. وبعدها بيومين، دعت بلدية المدينة، التي يقودها حزب الشعب اليميني، إلى وقفة احتجاجية “ضد انعدام الأمن”، كان يُفترض أن تكون سلمية، لكنها تحولت إلى مسيرة تحريضية بعد التحاق مجموعات يمينية متطرفة رفعت شعارات معادية للمهاجرين.

واندلعت إثرها مواجهات عنيفة استمرت عدة ليالٍ، أسفرت عن بعض الإصابات الطفيفة واعتقال 14 شخصًا، من بينهم زعيم مجموعة متطرفة تُدعى “اطردوهم الآن!”، دعت إلى “مطاردة المهاجرين” على تيليغرام، وقد تم توقيفه لاحقًا في برشلونة بتهمة التحريض على الكراهية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News