سوسيولوجي يحذر من التطبيع مع خطاب عنصري ضد المهاجرين الأفارقة

تشهد الساحة المغربية في الآونة الأخيرة جدلا حول تصاعد الخطاب العنصري تجاه المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تسجيل مجموعة من الحوادث، الأمر الذي دفع البعض إلى دق ناقوس الخطر من انتشار الأفكار المعادية للمهاجرين.
ويتزامن هذا الجدل مع حوادث في المجتمع المغربي تُضخِّم تصاعد الخطاب العنصري، ما يسهم في ترسيخ تصورات نمطية عن هؤلاء المهاجرين، تصنفهم باعتبارهم خطرا أو تهديدا، سواء من الناحية الأمنية أو الديمغرافية، وكذلك الاجتماعية والاقتصادية.
ومع تزايد تداول صور ومقاطع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تظهر ممارسات صادرة عن بعض المهاجرين الأفارقة، بدأت تظهر مواقف تنطوي على تمييز وكراهية بعد مطالبة البعض بترحيل المهاجرين الذي يقيمون بطريقة غير نظامية في المغرب.
وفي هذا السياق، تذهب آراء باحثين إلى أن الخطاب العنصري الموجه ضد المهاجرين لا ينبع فقط من هذه الحوادث، بل من تمثلات جماعية متجذّرة في الوعي الاجتماعي، ما يستدعي إعادة النظر في تصورات المغاربة حول الهجرة والمهاجرين، خاصة غير النظاميين منهم.
وفي السياق ذاته، أكد زكرياء أكضيض، أستاذ علم الاجتماع، في تصريح “لجريدة مدار21″، أنه يمكن “فهم جدل الخطاب العنصري ضد الأفارقة، انطلاقا من التفكير في علاقتنا بالآخر المختلف”.
وأضاف الباحث السوسيولوجي بأن “الآخر المختلف هو ذلك الآخر الذي يختلف عنا من الناحية الثقافية، ويمكن أن نلاحظ بأن هناك توجه وخوف من الآخر، ليس الآخر المشابه بل الآخر المختلف”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن الآخر المختلف في الثقافة المغربية هو “البراني” ويعتبر بمثابة تهديد لوجودنا، للقمة عيشنا، ويزاحمنا في حقوقنا كذلك.
وأردف أستاذ السوسيولوجيا بأن “الحس المشترك أو التصور العامي السائد هو تصور يتوجه نحو إقصاء هذا الآخر المختلف، فهؤلاء المهاجرون يتم النظر إليهم باعتبارهم آخر مجهول ومختلف ونرسم عليهم تصورات مخيفة”.
وأضاف قائلا “هناك من لديه تمثل حول أن الأفارقة غرباء يأكلون لحوم البشر وبأنهم يمكن أن يهددوا استمراريتنا، وهذه كلها تصورات عنصرية إذ إنها لا تنطبق على حقيقة هؤلاء المهاجرين”.
وأكد بأن الحالات التي تطرأ في بلادنا ما هي إلا حالات معزولة، مثلا ما وقع في المحمدية عند “محاولة خطف أم وابنتها من طرف مهاجر إفريقي”، فهي حالة معزولة، ولكن لا تعكس حقيقة هؤلاء المهاجرين الأفارقة.
وأضاف أن المهاجرين الأفارقة منهم نماذج كثيرة مندمجة بشكل كبير وإيجابي في المجتمع المغربي فهناك أطباء، ومهندسون، وعاملون، بمعنى أن هناك نماذج مندمجة، داعيا إلى عدم الانسياق وراء هذا الخطاب العنصري الذي يجمع الكل في كفة واحدة.
وأكد زكرياء أكضيض أن هناك حاجة للتخلص من هذا التصور الذي ينظر للآخر المختلف باعتباره عدوا، مجهولا، وباعتباره مخيفا، مشددا على أنه “يجب أن نتعامل معه كمواطن رغم عدم تسوية وضعيته”.