اقتصاد

تحويلات مغاربة العالم.. ثروة بلا توظيف اقتصادي فعلي

تحويلات مغاربة العالم.. ثروة بلا توظيف اقتصادي فعلي

أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وجود فجوة واضحة بين الإمكانات المالية لمغاربة العالم، الذين تتجاوز تحويلاتهم 117 مليار درهم سنوياً، وبين مساهمتهم الفعلية في الاستثمار، والتي لا تتعدى 10% من هذه التحويلات، معتبراً أن هذا يعكس هامشاً كبيراً غير مستغل.

ومن منظور اقتصادي، تؤكد هذه المعطيات وجود خلل هيكلي في استقطاب استثمارات الجالية، ما يستدعي إصلاحات مؤسساتية وتشريعية عاجلة، وتكييف المساطر مع خصوصياتهم، لتفعيل دورهم كمحرك تنموي حقيقي، عوض الاكتفاء بوضعهم كمصدر للعملات الصعبة فقط.

ياسر الدرويش، الباحث في الاقتصاد، اعتبر أن المعطيات التي كشف عنها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بمجلس النواب، أمس الإثنين، تمثل مؤشراً دالاً على فجوة كبيرة بين الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي تمثلها الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومستوى مساهمتها الفعلي في الاقتصاد الوطني.

وأردف موضحا “فالتحويلات التي تفوق 117 مليار درهم سنوياً تعبّر عن ارتباط قوي بالجذور الوطنية، لكنها في المقابل لا تنعكس سوى بنسبة 10٪ على شكل استثمارات، وهو ما يشير إلى قصور هيكلي في البيئة الاستثمارية الموجهة لهذه الفئة، سواء من حيث الإطار القانوني أو من حيث الإجراءات والمساطر”.

وسجل المتحدث أن الإشارة الملكية في خطاب 6 نونبر 2022 كانت بمثابة تنبيه استراتيجي لأهمية تفعيل مشاركة مغاربة العالم ليس فقط كمصدر للعملات الصعبة، بل كقوة استثمارية ومعرفية يمكن أن تساهم في نقل التكنولوجيا، ودعم ريادة الأعمال، وتعزيز التنافسية.

وقال الدرويش في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن هذه الرؤية تعكس تحولا في المقاربة من منطق “التحويلات المالية” إلى منطق “الاستثمار المنتج”، وهو تحول يتطلب تغييرات مؤسسية وتشريعية جوهرية.

وفي هذا السياق، اعتبر أن مبادرة إحداث “المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم” واعدة، إذا ما تم تصميمها كمنصة فعالة لتسهيل دخول المستثمرين من الجالية إلى السوق المغربية، وتوفير مواكبة إدارية، ومالية، وقانونية تزيل العراقيل التقليدية التي يواجهونها.

وأكد المتحدث أن إشراكهم في بلورة القوانين الاستثمارية يمثل خطوة حاسمة نحو إشعارهم بأنهم فاعلون حقيقيون في السياسات العمومية، لا مجرد مورد مالي خارجي.

وشدد أنه “لا يمكن تفعيل هذه الدينامية إلا بإصلاحات عميقة تهم المساطر الإدارية، وخلق آليات تمويل موجهة، وتوفير تحفيزات جبائية مدروسة”.

وخلص إلى أن المعادلة بسيطة، فالمغرب في حاجة إلى تعبئة رأسماله البشري والمالي بالخارج، ومغاربة العالم في حاجة إلى بيئة استثمارية شفافة ومحفزة، وذات رؤية طويلة المدى. الربط بين الطرفين لن يتحقق إلا بإرادة سياسية قوية، وتنسيق مؤسساتي فعّال، وأجرأة دقيقة لتعليمات جلالة الملك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News