خبير: الأساتذة مسؤولون عن أزمة الجامعة والمجلس الأعلى للتربية “بلا روح”

أعاد اعتقال أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير إثر اتهامه بـ”السمسرة بالديبلومات” فتح جرح الجامعة الغائر، لينضاف لسلسلة ملفات الفساد التي تنخر الجسد الأكاديمي بالمغرب وتطرح تساؤلات حول المسؤول عن استشراء الفساد في مؤسسات يفترض أنها “حَرَم” علمي ومقصد للنخبة.
وفي هذا الصدد، اعتبر أستاذ التعليم العالي والخبير الاقتصادي، ادريس الفينة، أن للأساتذة دوراً في أزمة التعليم العالي بالمغرب؛ “الأساتذة الجامعيون يتحملون جزءاً من مسؤولية فشل هذا القطاع، بحيث أن نسبة النجاح لا تتعدى 30 بالمئة في العديد من الجامعات المغربية؛ وهذا يثير تساؤلات حول العلاقة بين الأستاذ والطالب، وبين المناهج التعليمية وطرق التدريس”.
وتساءل الفينة: “هل المشكلة تكمن في نقص كفاءة الطلاب أم في أساليب التعليم الجامعي؟ ومهما كان الجواب فالنتيجة واحدة: ملايين الدراهم تُهدر سنوياً بسبب تدني نسب النجاح، مما يعكس ضعف الكفاءة الإجمالية للنظام التعليمي”.
من جهة ثانية، لفت رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية إلى دور المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، “الذي كان من المفترض أن يلعب دوراً رئيسياً في توجيه وإصلاح قطاع التعليم العالي يعاني من الشلل وضعف التأثير، فبدلاً من أن يكون قوة اقتراحية وتوجيهية فعالة، يبدو أن دوره أصبح شكلياً إلى حد كبير”.
وأمام هذا الواقع المعقد اعتبر الفينة أنه لا يمكن أن تكون الإجابة أحادية أو بسيطة عن سؤال الحل؛ “المطلوب هو مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار جميع جوانب الأزمة، فإصلاح التعليم العالي يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، وإلى شراكة فعالة بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، كما يتطلب استثماراً حقيقياً في البحث العلمي، وتطوير مناهج تعليمية عصرية، وتحسين العلاقة بين الأستاذ والطالب”.
واعتبر الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي أن الحل يمر بإعادة الثقة إلى الأسر والشباب، عبر ربط التعليم بسوق العمل وضمان فرص حقيقية للتشغيل. “أما المجلس الأعلى للتربية والتكوين، فيجب أن يُمنح الصلاحيات اللازمة ليكون قوة دافعة للإصلاح بدل أن يظل جسداً بلا روح”.
واعتبر أن القطاع يعرف غياب رؤية واضحة للدولة؛ “رغم الميزانيات الضخمة التي تخصصها الدولة سنوياً للتعليم العالي، إلا أن القطاع يعاني من غياب رؤية استراتيجية واضحة. التعليم العالي يبدو وكأنه مجرد امتداد للأزمات التي تواجه المستويات التعليمية الأخرى، من التعليم الابتدائي إلى الثانوي، بدل الاستثمار في إصلاح شامل وجذري، يبدو أن الجهود تقتصر على حلول ترقيعية تزيد من تعقيد المشهد”.
وأضاف “كما أن السياسات التعليمية المتبعة غالباً ما تفتقر إلى التخطيط طويل المدى وإلى إشراك فعلي للخبراء والمختصين”.
وخلص الفينة إلى أن التعليم العالي في المغرب يمر بمرحلة حرجة، حيث لا مجال لمزيد من التردد أو المماطلة؛ “فإما أن نعيد بناء هذا القطاع ليصبح ركيزة للتنمية المستدامة، أو نواصل إضاعة الوقت والموارد، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة وتكريس التراجع، الحل ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب شجاعة، تخطيطاً محكماً، وإرادة”.