المخارق: قانون الإضراب مُرّر بمهزلة تشريعية والسياسات العمومية لا اجتماعية

انتقد الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، السياسات العمومية بالمغرب، التي وصفها بـ”اللا اجتماعية واللا شعبية” للحكومات المتعاقبة، في مجالات الصحة والتعليم والشغل والسكن والنقل وضمان الحد الأدنى للعيش الكريم.
وقال المخارق، في كلمة اليوم الخميس بمناسبة احتفالات عيد الشغل، إن “تدهور الأوضاع الاجتماعية ببلادنا وتبعات الأزمة المركبة، أزمةٌ عنوانها الأبرز ارتفاع البطالة، توسع الفقر، التضخم الصاروخي وارتفاع الأسعار، وتدهور الأوضاع المعيشية للأجراء وعموم الفئات الشعبية”.
وأشار بهذا الصدد إلى “ارتفاع معدل البطالة؛ موازاة مع التسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات، من 16,2 بالمئة في سنة 2014 إلى 21,3 بالمئة في سنة 2024، مضيفا أن “الشباب المغربي البالغين من العمر بين 15 و24 سنة هم الأكثر تَضَّرُرا، بما فيهم ذوي المؤهلات العالية، حيث يعاني 50% منهم من البطالة”.
وتابع في سياق انتقاد السياسات العمومية “أما عدد الفقراء على المستوى الوطني، فقد بلغ متوسط الارتفاع السنوي 33.7 بالمئة، حيث انتقل هذا العدد من 623 ألفا سنة 2019 إلى مليون و420 ألفا ي سنة 2022”.
وأوضح المخارق أن الطبقة الشغيلة تخلد عيد العمّال تحت شعار: “نضال مستمر لمواجهة انتهاك الحقوق والحريات النقابية وصون المكتسبات والتصدي لغلاء المعيشة”، واحتجاجا ورفضا “للإجهاز على حق دستوري وكوني يضمنه الدستور والمواثيق الدولية عبر تمرير الحكومة، بتواطؤ مع الباطرونا، لقانون تنظيمي (الإضراب) نعتبره غير شرعي لأنه تكبيلي وتجريمي وسالب للحق في الاحتجاج”.
ووصف المخارق التصديق على القانون التنظيمي للإضراب بـ”المهزلة التشريعية لقانون مجتمعي يهم حاضر ومستقبل عالم الشغل”، متعجبا في السياق ذاته “من المقاربة الحكومية لقانون مجتمعي مصيري يهم الطبقة العاملة وعموم الأجراء وباقي الفئات من المجتمع”.
وذكر المتحدث بأن الاتحاد المغربي للشغل “خاض مَعاركَ نضاليةً كبرى، أهمها الإضراب العام ليومي 5 و6 فبراير 2025، الذي عرف نجاحا كبيرا، احتجاجا على تمرير القانون التكبيلي للإضراب، خارج مؤسسة الحوار الاجتماعي، وفي خَــــرْقٍ سافر للمقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية”.
وأشار إلى أنه “بعد الانسحاب الاحتجاجي لفريقنا بمجلس المستشارين بالبرلمان من مسرحية التصويت على هذا القانون اللاشرعي بالغرفة الثانية، شَهِدت الجلسة التشريعية العامة لمجلس النواب، يوم 5 فبراير 2025، مهزلةً تشريعية بكل المقاييس ضربت في العمق مَفهوم الديمقراطية ومزاعِمَ الدولة الاجتماعية، حيث تم تــــمــــرير هذا القانون التنظيمي التكبيلي بـ21.23 بالمئة من الأصوات فقط، في غياب 291 برلماني أي 73.67 بالمئة من أصل 395 نائبا برلمانيا أغلبهم غير مقتنعين بشرعية هذا القانون”.
وجدد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل رفض “استمرار العمل بالفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار”، الذي يعاقب على التوقف الجماعي عن العمل أو الاستمرار فيه مقابل عقوبات حبسية وغرامات مالية، ما يتضارب مع الحق في الإضراب.
وعبّر عن احتجاج نقابته على “فبركة الملفات لطرد ومحاكمة مسؤولين نقابيين والتسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات، والهجوم غير المسبوق على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، وتفَشي الغلاء الفاحش الذي مس أسعار كل المواد الغذائية والخدماتية الأساسية دون حسيب أو رقيب، وتعميق الفوارق الطبقية، والمجالية، والهشاشة الاجتماعية، والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية”.
وكشف الميلودي المخارق عن النقاط الأساسية في الملف المطلبي الجديد الذي أعده الاتحاد المغربي للشغل، على رأسها مراجعة القانون المنظم للإضراب بما يضمن احترام المبادئ الديمقراطية والمواثيق الدولية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يقيد الحريات النقابية وإرجاع المطرودين لأسباب نقابية إلى عملهم، في خطوة اعتبرها “ضرورية لضمان العدالة النقابية وحماية الحقوق الأساسية”.
ويشدد الملف المطلبي، يضيف المتحدث عينه، على ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للأجراء من خلال الزيادة العامة في الأجور، ورفع الحد الأدنى للأجور في مختلف القطاعات مع توحيد “SMIG” و”SMAG”، زيادة على الرفع من معاشات التقاعد والتعويضات العائلية، وتطبيق مبدأ السلم المتحرك للأجور والأسعار.
وتطالب “المنظمة “نقابة المخارق” بإصلاح ضريبي عادل يخفف العبء عن الشغيلة عبر مراجعة الضريبة على الدخل وفرض ضريبة على الثروة، إلى جانب اتخاذ إجراءات ملموسة لمواجهة الغلاء الفاحش، من خلال تسقيف أسعار المحروقات والمواد الأساسية، ومكافحة الاحتكار والمضاربات التي تستنزف القدرة الشرائية للمواطنين.
ولم يغفل الملف المطلبي القضايا الهيكلية الكبرى، إذ أكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ضرورة معالجة اختلالات ورش الحماية الاجتماعية وضمان استدامة تمويله وجودة عرضه، مع إصلاح شامل وعادل لأنظمة التقاعد بما يحفظ مكتسبات المنخرطين دون تحميلهم تبعات سوء التسيير، إضافة إلى إحداث مؤسسة وطنية ثلاثية التركيب للحوار الاجتماعي تؤطرها قواعد قانونية واضحة، ووضع استراتيجية وطنية لتكريس المساواة الفعلية بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال التمييز والعنف في أماكن العمل، فضلا عن الاستجابة للمطالب القطاعية والفئوية، واعتماد سياسة فعالة للإدماج المهني للعاطلين، ومكافحة كل أشكال التشغيل الهش وغير المهيكل.