الزميل حبشي يُبرز معاناة “الانطوائيين” و”ضغوط الحياة الحديثة” بترجمتين

صدر بمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، كتابان جديدان ترجمهما الزميل الصحافي بجريدة “مدار 21″، مهدي حبشي، عن اللغة الفرنسية، ويتعلق الأمر بكتاب “ملوك الصمت” للإعلامي الكندي أوليفييه نيكي، الذي يتناول موضوع “الشخصية الانطوائية”، ورواية “انحراف” للكاتبة الكندية “كارين غلوريو”.
ويُسلط الكتاب الأول “ملوك الصمت”، الصادر عن منشورات “المركز الثقافي للكتاب” الضوء على (مشكلة) الانطوائية، التي يُعاني منها مئات الملايين حول العالم في غفلة منهم ودون إدراك السر وراء ضعف قدراتهم التواصلية و(فشلهم) الاجتماعي، لا سيما في ظل سوء الفهم الذي يسمم علاقاتهم بالآخرين.
ويضيف تقديم الكتاب أن الانطوائية “تؤدي ليس فقط إلى تفاقم معاناة أصحابها النفسية، بل إلى إقصائهم من الحياة العامة، بما في ذلك المجالات المهمة كالسياسة وإدارة الشركات ومختلف مناصب المسؤولية… وبالرغم من أنهم قد يتمتعون بطاقات كبيرة، إلا أنها قلّما تُستغّل بسبب عدم إتقانهم التعبير أو حتى الإفصاح عنها”.
ويسرد الكاتب، أوليفييه نيكي، بالإضافة إلى تفكيك الظاهرة واستعراض أبرز ما توصلت إليه الأبحاث والدراسات العلمية بشأنها، تجربته الخاصة بوصفه انطوائيا يعمل في قطاع الإعلام، الذي يتطلب مجهودا اجتماعيا جبارا في تدبير العلاقات، وذلك بحس لا يخلو من دعابة وفكاهة.
ومما جاء في الكتاب: “… الانطوائية هي سلوك الشخص المنفتح على نفسه أكثر من العالم الخارجي؛ هذا تصور أناني أو نرجسي للموضوع إلى حد ما. فأنا انطوائي بيد أني مُنفتح على العالم: أليس الصمت هو اللغة العالمية الوحيدة؟ صمتي مفهوم في كل أصقاع الأرض. بل الأكثر من هذا الانغلاق المزعوم على الغير، تدعي المعتقدات الشعبية عموما أن الانطوائيين يفضلون البقاء بمفردهم و/أو أنهم بحاجة لذلك قصد شحن بطارياتهم، بينما الانبساطيون يحتاجون مخالطة الناس ليكونوا سعداء. هذه تعريفات ساذجة. لأن دراسة موضوع الانطوائية في تطور مستمر”.
أما الكتاب الثاني، الذي اختار له المترجم عنوان “انحراف”، فهو عبارة عن رواية للكاتبة الكندية “كارين غلوريو”، يحمل بدوره أبعاداً نفسية، إذ يتساءل عما إذا كانت الاضطرابات النفسية ضريبة الأزمنة الحديثة؟ وهل حررت الحداثة الغربية المرأة لتضعها بين مطرقة البنى التقليدية العتيقة وسندان مساواة غير مكتملة؟ وهل يكفي أن يعيش المرء في بلد متقدم ليكون سعيدا؟ وذلك في “حكاية تتكرر في كل يوم وقد تحدث مع كل إنسان”.

ومما جاء في الكتاب: “… وأنا في السادسة والثلاثین من العمر، من فرط رغبتي الدائمة في إرضاء الجمیع، ومحاولة تنظیم حیاتي میكانیكیا، ومثلھا عملي وسترات الشتاء الجدیدة والأحذیة والوجبات ودروس البیانو، وذلك الزبون غریب الأطوار، ومخیمات الأطفال، وكیف أكون أما مثالیة، وأن أبتسم، ولا أنسى دفع مستحقات نظام الادخار الدراسي، والتفكیر في تقاعدي، وجمع الغسیل، وتدبیر قرضي العقاري، والانتباه لمدى عرضة طفلي للتنمر الإلكتروني… انتھى بي المطاف معزولة عن رغباتي، عن غرائزي، عن عاصفتي الداخلیة. تحولت إلى آلة صغیرة تشتغل دون علم بدورھا أو كیفیة إیقافھا”.
ويعد هذان الكتابان ثالث النصوص المترجمة لحبشي بعدما صدرت له ترجمة لرواية “مدرسة الزوجات” للكاتب الفرنسي الراحل أندري جيد (2022).