صحة

“السل من الحليب”… خطر صامت يتربص بالمستهلك خارج قنوات المراقبة

“السل من الحليب”… خطر صامت يتربص بالمستهلك خارج قنوات المراقبة

في ظل تصاعد المخاوف المرتبطة بالأمراض المنقولة عبر الأغذية، يعود داء السل المرتبط بالحليب غير المبستر إلى الواجهة، خاصة عقب تداول مقاطع فيديو لمغاربة يشتكون من ظهور ورم أو انتفاخ بالعنق بسبب ذلك، وسط تحذيرات من مخاطره الصامتة على الصحة العامة.

وفي هذا الصدد، شدد أنس الراضي، طبيب متخصص الأمراض المعدية، على أن داء السل الناتج عن الحليب الملوث ببكتيريا Mycobacterium bovis ما يزال يُمثل تهديداً حقيقياً، خاصة في الأوساط التي لا تخضع فيها منتجات الحليب للمراقبة الصحية الصارمة.

وأوضح الراضي أن داء السل الناتج عن استهلاك الحليب الملوث يُمثل أحد أهم أشكال العدوى الحيوانية المنشأ، ويُعد مصدرًا صامتًا وخطيرًا للعدوى، خصوصًا في الأوساط القروية أو المجتمعات التي تعتمد على استهلاك الحليب الطازج بشكل مباشر.

كما أشار إلى أن البكتيريا المسببة للمرض تنتقل إلى الإنسان غالبًا من خلال تناول الحليب أو مشتقاته دون تعقيم أو بسترة، وهو ما يعرض المستهلكين لخطر الإصابة بعدوى قد لا تظهر أعراضها إلا في مراحل متقدمة.

وأشار المتحدث في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن هذا النوع من السل لا يقتصر على إصابة الجهاز التنفسي كما هو الحال مع السل الرئوي، بل غالبًا ما يُصيب الجهاز الهضمي، ويمكن أن يمتد إلى الغدد اللمفاوية، الكبد، العظام أو حتى الجلد.

وقال الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية إن هذا ما يجعل من “السل خارج الرئة” حالة صحية معقدة، تتميز بأعراض غير محددة، مما يُصعب عملية تشخيصها وقد يؤدي إلى تأخر العلاج وانتشار العدوى.

وحول مصدر الخطر، شدد الراضي على أن الحليب غير المبستر هو المصدر الرئيسي للإصابة، حيث إن المعالجة الحرارية تساهم في القضاء على بكتيريا السل ومجموعة من الكائنات الدقيقة الممرِضة الأخرى، غير أن بعض المفاهيم المغلوطة المرتبطة بقيمة الحليب “الطبيعي” أو “الطازج” تُشكل عائقًا أمام نشر ثقافة الوقاية، في ظل غياب وعي كافٍ بمخاطر استهلاك منتجات غير معقمة.

وفي هذا السياق، سجل أنس الراضي ضرورة تبني استراتيجية وقائية متكاملة، تشمل الفحص البيطري المنتظم للماشية، والتوعية المجتمعية بأهمية غلي أو بسترة الحليب قبل استهلاكه، إلى جانب مراقبة صارمة لأسواق بيع الحليب الطازج.

وأكد في حديثه للجريدة على ضرورة تكامل الجهود بين السلطات الصحية والبيطرية من أجل تطبيق برامج فعالة لاستئصال السل البقري من مصدره، حمايةً لصحة الإنسان والحيوان على حد سواء.

وفي توضيح رسمي حول هذا الموضوع، أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية أن جميع منتجات الحليب بمختلف أنواعها، القادمة من وحدات إنتاجية مرخصة، تخضع لنظام مراقبة صارم من طرف المكتب، وبالتالي فهي لا تشكل أي خطر على صحة المستهلك.

وأشار مصدر من المكتب في توضيح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن المكتب يُشرف بانتظام على مراقبة الجودة والسلامة الصحية للحليب ومشتقاته، للتأكد من خلوها من الجراثيم الممرضة.

وفي المقابل، نبه مصدر مسؤول من “أونسا” إلى أن المنتجات التي تأتي من وحدات أو مؤسسات غير مرخص لها على المستوى الصحي، أو التي يتم تسويقها خارج المسار الخاضع للمراقبة، يمكن أن تشكل خطراً فعليًا على صحة المستهلك، خاصة إذا لم تمر عبر عمليات التعقيم أو البسترة التي تضمن القضاء على الملوثات.

ودعا المكتب الوطني للسلامة الصحية المستهلكين إلى تفادي استهلاك منتجات الحليب القادمة من الوحدات التي لا تتوفر على الترخيص الصحي.

وأكد أن التعرف على المنتجات السليمة ممكن من خلال المعلومات الصحية التي تحملها، خاصة رقم الترخيص الممنوح من قبل المكتب، إلى جانب معلومات أخرى تُدرج عادة على ظهر العبوة (Emballage). وخلص إلى أن احترام المسار الصحي للإنتاج والتسويق هو الضمان الأساسي لصحة وسلامة المستهلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News