الذكاء الاصطناعي يزاحم “الأنفوغرافيست” بسوق صناعة الكتب

على بعد أيام من انطلاق دورة 2025 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالعاصمة الرباط، تعود الإشكالات القديمة/الجديدة لقطاع النشر بالمغرب لتطفو إلى السطح، غير أنَّ هذه الأخيرة تَنضاف إليها ظواهر جديدة مُتعلقة خصوصاً بتنامي قُدرات الذكاء الاصطناعي، وحلوله محل اليد العاملة البشرية في عدد لا يستهان به من المجالات المتعلقة بمهن وصناعة الكتاب.
ويتعلق الأمر، على وجه الخصوص، بصناعة الأغلفة؛ والتي دأب على الاضطلاع بها مصممو الغرافيك أو “الأنفوغرافيست”، بحيث توفر لهم مداخيل لا بأس بها خلال المواسم الثقافية الكبرى، كمعرض الكتاب، مصدرها دور النشر التي تعول كثيراً على إبداعية الأغلفة في استراتيجيتها للترويج وجذب القارئ لاقتناء أعمالها.
غير أنه بالاطلاع على عدد من الإصدارات الجديدة التي أعلنت عنها دور النشر المغربية والعربية المشاركة بالمعرض هذه السنة، يتبين أن الذكاء الاصطناعي قد أخذ يزاحم اليد العاملة البشرية، في هذا المجال على الأقل، وبجودة إبداعية تضاهيها أو تتفوق عليها.
وفي هذا الصدد، أكد ناشرون مغاربة، اختاروا التعويل على هذه الوسيلة الحديثة في صناعة أغلفتهم لصحيفة “مدار21″، أنهم يخوضون لأول مرة تَجربة تصميم أغلفة بالذكاء الاصطناعي، في انتظار ما ستسفر عنه في جذب انتباه القرّاء خلال أيام المعرض الدولي، قبل اتخاذ القرار بشأن اعتمادها بشكل مستدام.
“في سياق يتسم بضعف نسب المقروئية وتدهور القدرة الشرائية للمغاربة، مما يرخي بظلاله كثيرا على مبيعات الكتب، الضعيفة أساساً، فإن الناشرين أصبحوا مشغولين بخفض تكاليف إصدار الكتب، ومن بينها أتعاب مُصممي الغرافيك” يوضح أحد الناشرين.
وبالإضافة إلى التصميم، “يتكبد الناشر تكاليف الطباعة والورق والترويج وعمولات المكتبات ونقاط البيع وحقوق المؤلف أو أتعاب المترجم… من أجل إصدار كتب لا تبيع سوى بضع نسخ ليس إلا، ما يجعل هامش الربح في هذا القطاع محدوداً”.
وأضاف المتحدث “كل ذلك في سبيل استمرار النشاط الثقافي في البلاد، غير أن دار النشر بالإضافة إلى كونها فاعلاً ثقافياً، فهي أيضاً مقاولة تحتاج للربح للبقاء على قيد الحياة، وبالتالي فهي منشغلة بترشيد نفقاتها”.
وأوضح أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت متعددة، وبعضها بالمجان أو بأثمنة تكاد تكون رمزية، ولها طاقة إبداعية لا بأس بها؛ إذ يكفي إعطاؤها نبذة عن موضوع الكتاب وأمرها بتخيل غلاف مناسب له، للحصول في غضون دقائق معدودة على غلاف شبه جاهز ولا يحتاج إلا لتعديلات بسيطة ليصبح قابلا للطباعة.
لكن ليس كل الناشرين على قلب واحد، إذ ما زال آخرون مترددين في اللجوء لهذه الوسيلة الحديثة مخافة عدم نيلها رضى القراء المتعودين على نمط أغلفة معين؛ إذ يفضل الأوائل “الطريقة الكلاسيكية” المتمثلة إما في التعامل مع مصممي غرافيك بصيغة “فريلانس”، أي مقابل القطعة الواحدة، أو في بعض الحالات توظيف مصمم غرافيك بعقد غير محدد الأمد وبراتب شهري.
ويبدو أن هذا التباين، الذي يتضح من إصدارات الكتب الجديدة المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي بمناسبة اقتراب المعرض، مرده إلى كون مهنيي المجال مازالوا في أغلبهم من “قدماء المحاربين”، بينما ما زال الشباب الناشرون يعدون على رؤوس الأصابع، خاصة على مستوى دور النشر الكبرى.