الأمطار تنعش أشجار الزيتون والزيت المغربي يُغري السوق الأمريكية

إذا كانت أمطار مارس الماضي تعد مُتأخرة بالنسبة للحبوب، فالأمر يختلف بالنسبة للزراعات الربيعية، وفي مقدمتها أشجار الزيتون، التي يُبشر مهنيون وخبراء بانتعاشها في الآونة الأخيرة، وهو ما يعِدُ كذلك بجني إيجابي ومن ثمة بانخفاض أسعار مادة زيت الزيتون ذات الشعبية الاستهلاكية الكبيرة بالمغرب، هذا إذا لم يُفضل الفاعلون التوجه نحو التصدير، لاسيما نحو السوق الأمريكية.
وبعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية كبيرة على بلدان الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها إسبانيا، التي فُرِض عليها ضعف المعدل المفروض على المغرب، أي 20 بالمئة مقابل 10 بالمئة، الأمر الذي من شأنه التأثير على صادرات زيت الزيتون الإسبانية نحو الولايات المتحدة، من خلال خفض تنافسية أسعارها مفسحاً المجال أمام المنتج المغربي لمنافسة نظيره الإسباني.
ذلك ما تتخوف منه جمعية “أسوليفا” الإسبانية، التي ينضوي تحت لوائها منتجو ومسوقو زيت الزيتون الإسبان، بحيث أكدت أن صادرات زيت الزيتون الأوروبية، وفي مقدمتها الإسبانية، ستمر بظروف صعبة إن تمادى الرئيس الأمريكي ترامب في فرض رسومه الجمركية على الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت الجمعية في منشور حديث صادر عنها أن المغرب وتركيا وأستراليا والأرجنتين، سيكونون في طليعة المنافسين والمستفيدين المحتملين من تقهقر تنافسية زيت الزيتون الأوروبي.
وإذا كان هذا الأمر، علاوة على الأمطار الربيعية التي تشهدها المملكة منذ بداية مارس الماضي، فضلاً عن الظروف المناخية المواتية لأشجار الزيتون، تسر المنتجين، فقد لا ينتظر إليه المستهلكون المغاربة بنفس الارتياح، لا سيما أن التصدير معناه تراجع العرض بالسوق الداخلي، وما يتمخض عنه بالضرورة من ارتفاع في الأسعار، الأمر الذي قد يفاقم غلاء أسعار هذه المادة الاستهلاكية أو على الأقل يُقلل من التأثير الإيجابي لارتفاع الإنتاج على الأسعار.
وأوضح الخبير في مجال إنتاج الزيتون، رضوان رشيد، أن الأمطار الوفيرة جاءت في وقتها المناسب بالنسبة لزراعة الزيتون، إذ إنه “بعد الجني، تدخل أشجار الزيتون في مرحلة السُبات والتي تتطلب هبوطا في درجات الحرارة يعقبها هطول الأمطار لتكون الغلة في المستوى كما وجودة”.
وبالمقارنة مع السنة الفارطة؛ أكد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21″، أنه بفعل التغير المناخي، عرفت السنة الماضية درجات حرارة مرتفعة نسبيا “أدت إلى إزهار شجرة الزيتون من 3 إلى 4 مرات، كما نضج الزيتون قبل الوقت المناسب للجني”.
وأوضح أنه حين لا تحظى شجرة الزيتون بالظروف المناخية المواتية لها فإن جودة إنتاجها من الزيتون تتدهور، وبالتالي فإن جودة الزيت تكون ضعيفة بدورها، مؤكداً أن كل الظروف مواتية إلى غاية الآن بالنسبة للموسم الحالي: “شجرة الزيتون حظيت بالراحة الكافية، والإزهار يسير بشكل جيد، كما تهاطلت الأمطار بوفرة”.
ووصلت أسعار زيت الزيتون بالمغرب خلال السنة الجارية إلى أثمنة غير مسبوقة تتراوح بين 90 و95 درهما، قبل أن تسجل انخفاضات متباينة إثر لجوء المغرب للاستيراد من إسبانيا، وفق ما كشفت عنه وزارة الزراعة والثروة السمكية والأغذية في إسبانيا، مبرزة أن المغرب من أكبر عشرين مستوردا لزيت الزيتون الإسباني خلال الأشهر الأربعة الأولى من موسم 2024/2025.
وتتطلع الأسواق والمنتجون الأوروبيون إلى ما ستسفر عنه مزاجية البيت الأبيض في قادم الأيام، سيما بعد قرار ترامب تعليق رسومه الجمركية أو خفضها على جميع المعنيين الذين أبدوا استعداداً للتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، باستثناء الصين، لمدة لا تتجاوز الثلاثة شهور.