“كنائس غير مرخصة” بالبيضاء تعيد طرح قضية حرية المعتقد بالمغرب

“لا أحد يُصلي في قبو (كاراج) لو صَانت الدولة حقه وحريته في الوصول لأماكن العبادة”، بهذه العبارة ردّ مواطن مغربي معتنق للديانة المسيحية على سؤال “مدار21” بخصوص انتشار “كنائس غير مرخصة” بمدينة الدار البيضاء، وما صاحب ذلك من إزعاج للساكنة التي احتجت على صمت السلطات العمومية.
وتعود تفاصيل القضية إلى شكاية رفعها سكان بعض أحياء الحي الحسني بمدينة الدار البيضاء لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية، من أجل “سوء الجوار والضوضاء الليلية وتنظيم احتفالات وتظاهرات بدون رخصة وعرقلة المرور ومخالفة النظام العام”، في حق بعض الأفارقة من جنوب الصحراء المقيمين بالحي.
وفي هذا الصدد، أكد بعض موقعي الشكاية من سكان الأحياء المعنية لـ”مدار21″، أن المشكلة الأكبر تكمن في تناسل الكنائس غير المرخصة، مشيرين إلى أن بدايات الأمر تعود لسنة 2020، “حين كان يتم استغلال قبو واحد لإقامة الصلاة المسيحية من قبل بعض المهاجرين الأفارقة، قبل أن تتناسل هذه الأقبية بوتيرة سريعة”.
واشتكى أحد هؤلاء من أن ذلك أدى إلى عرقلة السير العام والتجمهر والضوضاء بواسطة مكبرات الصوت والآلات الموسيقية (تتم الصلاة المسيحية بالعزف والترانيم)؛ معتبراً أن السكان ضاقوا ذرعا بهذا الإزعاج وبعضهم قرر بيع عقاراته وترك الحي، بعدما لم تفلح كل التظلمات الموجهة للسلطات العمومية، الذين أحجموا عن الاستجابة منذ منتصف سنة 2023.
وإذا كانت تصريحات المشتكين تجمع على أنه “لا مشكلة لديهم مع الطقوس الدينية، وأن الإسلام دين تسامح، لكنها تعاني مع الضوضاء والإزعاج في أوقات الراحة والنوم”، وخاصة خلال يوم الأحد الذي يصادف إقامة القداس الأسبوعي؛ فأحد المغاربة المعتنقين للمسيحية، فضل عدم الكشف عن هويته، تساءل في تصريح لـ”مدار21” عن مدى صدق هذا الادعاء، وهل الاحتجاج بسبب الإزعاج أم بسبب رفض البعض لحرية المعتقد وحق الآخرين في اعتناق ما يرغبون من أديان؟
وثمّن طرح المشكلة للنقاش، إذ “لم تكن لتطرح لولا دخول أعداد كبيرة من المسيحيين من إفريقيا جنوب الصحراء للمغرب، بيد أنها مشكلة قديمة في المغرب بالنسبة لمن قرروا اعتناق المسيحية، وهم بالآلاف” على حد تعبيره، و”تتعلق بالأساس بعدم اعتراف السلطات المغربية بحق المغاربة في اعتناق غير الدين الإسلامي، اللهم بعض المواطنين من أبناء الطائفة اليهودية”.
ولفت المتحدث إلى أن السلطات المغربية ما زالت تتعامل مع كل مواطن مغربي انطلاقاً من مبدأ “كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي…”، في إشارة إلى الفصل 222 من القانون الجنائي، “عِلماً أن المغرب انخرط في مواثيق دولية تصون حرية المعتقد” يضيف المتحدث.
ولم يكن المغرب في سنة 2014 قد أبدى أي تحفظ على مشروع قرار أممي، تقدمت به أزيد من ستين دولة في مجلس حقوق الانسان حول حرية الدين، وهو قرار شدد على “حق كل فرد في حرية الفكر والوجدان والـدين أو المعتقـد، بما يشمل حريته في أن يكون أو لا يكون له دين أو معتقد أو في أن يعتنق دينا أو معتقـدا يختاره بنفسه، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعليم والممارسة والتعبد وإقامة الـشعائر، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، بما في ذلك حقه في تغيير دينه أو معتقده”.
وطالب المتحدث بضمان المغرب لحرية الاعتقاد والدين اعتناقا وممارسة، سراً وفي العلن، بما يضمن للمواطنين المسيحيين التوجه للكنائس بشكل قانوني ودون مضايقات بسبب جنسيتهم، مؤكداً أن ذلك كفيل بالحد من المظاهر غير المرخصة في هذا الصدد.