رأي

جماعة بني زولي بقصورها  التاريخية ذاكرة حضارية وهوية 

جماعة بني زولي بقصورها  التاريخية ذاكرة حضارية وهوية 

تُعد القُصور والقَصبات بواحات الجنوب الشرقي عنصراً أساسياً في تشكيل هُوية الصحراء الشرقية، لمَا تَحمله من رُموز حضارية ومعمارية.

ومن أبرز هذه الأماكن  جماعة بني زولي إقليم زاكورة  التي تزخر بتراث  معماري من  القصور والقصبات ، و التي تَتَميز بتراث عريق يَحمل بين جدرانه أحداثاً تاريخية سجلها المُؤَرخون في كتاباتهم التاريخية  .

رحلتنا في هذا المقال  سنسعى لتسليط الضوء على الأهمية التاريخية

لبعض قُصور هذه الجماعة وكشف أدوارها المتعددة في سياقات سياسية

وإقتصادية، اجتماعية وعسكرية ودينية.

أصول اسم بني زولي وتحولاته التاريخية.

يحمل إسم (بني زولي) دلالات تاريخية متعددة، تعكس تَعاقب الأسماء وتنوع الروايات الشفوية على ألسنة الناس حول أصل التسمية.

 فمقر الجماعة الترابية يوجد بقصر  بني زولي، الذي عرف في بعض المصادر التاريخية باسم (بني طولي)، وهو اسم اندثر تداوله بين العامة، لكنه لا يزال محفوظاً لدى بعض المؤرخين والمهتمين بتاريخ المنطقة.

 كما ورد اسم (بني صولي) كصيغة أخرى للتسمية، غير أن الإسم الشائع والمتداول حاليا هو (بني زولي)، ويرجح أن يكون ذا أصل أمازيغي، يعكس الطابع الثقافي لساكنة القصر .

✨الموقع الجغرافي لجماعة بني زولي.

تقع جماعة بني زولي في الجهة الشمالية من واحة ترناتة، على الضفة الشرقية لنهر درعة، ضمن النفوذ الترابي لإقليم زاكورة. وتبعد عن مركز مدينة زاكورة بحوالي 18 كيلومترًا عبر الطريق الوطنية رقم 9. ويمنحها هذا الموقع الجغرافي خصوصية مميزة، إذ تتوسط واحتين واحة تنزولين وترناثة.

الظهور التاريخي لقصر بني زولي

تشير بعض الروايات التاريخية أن قصر بني زولي ظهر قبل 459سنة، وبالتحديد سنة 987هـ، في عهد السلطان السعدي أحمد المنصور، بعدما تراجع دور قصر ترغليل، وقد أصبح هذا القصر مركزًا هامًا نهاية القرن 10هـ و 16م، بفضل موقعه الاستراتيجي على وادي درعة.

  • قصور جماعة  بني زولي

تتكون جماعة بني زولي من مجموعة من الدواوير والقصور المحيطة بها، وعددها 25 قصرًا، موزعة على مختلف الجهات.

 من جهة الغرب قصر أغـــلال التحتاني  و تفـــــــرودســـت  وزاوية تفرودست وتيـــــــــــرسوت و تزناقت  ومن جهة الجنوب تفراوت و زاوية سيدي يعقوب، من جهة الوسط ترغليل وبني زولي.

 أما جهة الشرق حـــــارة أقجي و تــــــــــنكامت و زاوية سيدي لحساين و أغـــلال الباشا” الفوقاني “، واغــــــرضين و زاوية تبورخصت، وحارة أمردول و بــــــوزركان و زاوية سيدي أعمرو  و تـــــــــدســـي ،و تـنـكــضيض و حــارة أستور، وأدربــــــــــاز و تكنتين، و أســـــتــــــور. اما جهة الشمال قصر أروي 

وتُعد هذه القصور امتدادًا تاريخيًا واجتماعيًا للقصر الأم بني زولي، وتربطها علاقات تقليدية قوية ومتينة من جوانب متنوعة منها ماهو  إداريا واجتماعيا…

المؤسسات الإدارية و التربوية ببني زولي.

تضم جماعة بني زولي عددًا من المؤسسات الإدارية والتربوية التي تساهم في تأطير الحياة اليومية لساكنة الجماعة . فمن الناحية الإدارية، تحتضن الجماعة مقرها الرسمي، إلى جانب قيادة بني زولي ودار الشباب، ودار الأمومة .

 أما على مستوى التعليم، يتوفر القصر على الثانوية التأهيلية الإمام علي، والثانوية الإعدادية المهدي الجراري، إضافة إلى عدة مدارس ابتدائية مثل مدرسة الإمام مالك ومجموعة مدارس بني زولي.

كما يوجد مستوصف صحي يقدم  خدمات طبية أساسية لساكنة المنطقة، مما يعكس سعي الجماعة لتوفير البنيات التحتية الاجتماعية رغم طابعها القروي.

التحولات الإدارية الحديثة لبني زولي .

تم إحداث جماعة بني زولي رسميًا كجماعة ترابية في جمادى الثانية سنة 1379هـ الموافق 02 دجنبر 1959م في إطار التنظيم الإداري الذي اعتمده المغرب بعد الاستقلال، والرامي إلى تقريب الإدارة من المواطن. وقد جاء هذا التأسيس بموجب الظهير الشريف رقم 1.59.351، الذي يشكل جزءاً من الإطار القانوني الذي يحدد التقسيم الإداري للمملكة المغربية وتنظيم الجماعات المحلية.

وفي سنة 1992، عرفت الجماعة إعادة تقسيم، أُحدثت بموجبه جماعة جديدة باسم (تفتشنا)، مما قلص من المجال الترابي لجماعة  بني زولي. ورغم هذا التقسيم، ظلت الجماعة تحتفظ برصيدها التاريخي ومكانتها ضمن القصور القديمة لوادي درعة.

  • الحدود الجغرافية   للجماعة  

الشرق :جماعة  الروحا – الغرب :جماعة  بوزروال -الشمال: جماعة تفتشنا- لجنوب: جماعة  ترناثة

‏تاريخ قصور جماعة بني زولي 

تضم جماعة بني زولي عدداً من القصور التاريخية التي يعود تأسيسها إلى فترات مختلفة، وقد لعبت أدوارا بارزة في التاريخ المحلي لمنطقة وادي درعة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. ومن أبرز هذه القصور:

  1.  قصر تيدسي.

يُعد من أقدم القصور، حيث كان موطنا للسعديين وملتقىً للقوافل التجارية منذ 700 سنة اي خلال القرن الثامن الهجري.

واحتل موقعًا استراتيجيًا في واحة ترناتة، مما جعله مركزًا تجاريًا حيويًا في تلك المرحلة التاريخية.

 2  – قصر بني زولي.

تأسس خلال حكم السلطان السعدي أحمد المنصور في نهاية القرن العاشر الهجري ، وفق ما أورده بعض المؤرخين المحليين. وقد برز القصر كمركز مهم لمراقبة الطرق التجارية الرابطة بين واحات ترناتة وتنزولين.

كما كان مقرًا للعامل المخزني في عهدي السعديين والعلويين.

بعد الاحتلال الفرنسي لجنوب المغرب، انتقل هذا الدور السياسي من بني زولي  إلى مركز زاكورة سنة 1932م 1352هـ وفي سنة 1959م، أصبحت بني زولي مقرًا لجماعة ترابية بموجب الظهير الشريف رقم 1.59.351.

3-  قصر أغلان”اغلان”

من القصور ذات الطابع الأمازيغي، ويُجمع سكان المنطقة على تسميته بـ أغلال الفوقاني يُعرف القصر بوجود قصبة أغلان الباشا، وهي واحدة من بين أكثر من 20 قصبة عريقة تنتشر على طول وادي درعة.

 وقد أدّت هذه القصبة أدوارًا سياسية واقتصادية وعسكرية، خصوصًا في عهد السعديين، العلويين، وحتى السملاليين.

4-  قصر ترغليل

يقع هذا القصر شرق قصر بني زولي، في الجهة الشمالية من واحة ترناتة.

تشير الروايات إلى أن نواته الأولى تعود إلى القرنين الخامس والخامس عشر الميلاديين، دون وجود تاريخ دقيق لتأسيسه.

خلال العهد السعدي، أصبح مقرًا للعامل المخزني، حيث كانت توجد به القصبة المعروفة محليًا باسم قشقورة.

وقد شهد القصر ازدهارًا كبيرًا في عهد السلطان عبد الله الغالب (1557–1574م)، قبل أن يفقد مكانته بعد بناء قصر بني زولي بأمر من السلطان أحمد المنصور سنة 987هـ، ليتحول قصر ترغليل إلى قصر عادي كباقي قصور وادي درعة.

إن فضاء الصحراء، بما يحمله في عمقه  من قصور قديمة وقصبات شامخة، ليس مجردُ أطلال تئن تحت ضربات الطبيعة وتقلبات المناخ، بل هو سجل حي لتاريخ يشهد على عصور مختلفة بأبعادها الإقتصادية والثقافية والسياسية والدينية والعسكرية..

هذه المعالم التراثية التي ستبقى رمزا حضاريا ضاربا في عمق التاريخ تستقطب الباحثين قبل القراء، لاسيما إذا كان الباحث ابنا لهذه الأرض، وقد شرب من عبق ترابها، وتغذى من ثمر نخيلها. حينها يكتمل فيه الإحساس بالكتابة ويولد الإبداع، ليُنجز عملًا متقنًا ومتميزًا ينصف تاريخ درعة ويخلده في ذاكرة أجيال المستقبل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News